من أخبث وسائل العصر التي يوظفها الأعداء والخصوم لتقويض وهدم الدول المستهدفة، وسيلتان، الأولى، إطلاق طوفان من الإشاعات الكاذبة ضدها وتضخيم أخطائها في نظر مواطنيها، والثانية، استغلال نقمة مواطنيها على مستوى عيشهم كالفقر والبطالة وما شابه من مشكلات وتأجيج تلك النقمة ضدها..
وللدلالة على هذا، فالأردن مثلاً وفي هذا الزمن المنفلت من عقاله إعلامياً جراء التطور الهائل في وسائل التواصل، يواجه اليوم ومنذ سنوات صعوداً وهبوطاً، شرور هاتين الوسيلتين الشريرتين معاً، ولا بد من الإقرار بانهما تنجحان لدى كثيرين منا في رفع منسوب النقمة ضد دولتنا.
هذا النجاح الشرير، يدفع الكثرة منا ليس لنقد مؤسسات الدولة المبرر أحياناً، وإنما لانتقاد قاس لتلك المؤسسات والقائمين عليها، وعلى نحو يظهرنا كما لو كنا نهدم لا قدر الله دولتنا بأيدينا، وأنا على يقين تام أن ما من أردني واحد يقبل أن ينزلق إلى هكذا منزلق.
خصوم الأردن واعداؤه وعملاؤهم، سعداء جداً بهذا الواقع، وهم ولا أبالغ أبداً، يرون فيه السبيل «الوقح» لتقويض أركان دولتنا ووطننا الذي بناه الرعيل الأول في الزمن الصعب المر بتضحياتهم وسهرهم وعذابهم وانتزعوه من بين أنياب الذئاب برجولة وشرف وإباء.
نعم، الأردن يعاني ولديه من المصاعب الداخلية والخارجية الكثير الذي يجب مواجهته بصلابة وشفافية ووضوح وروح جماعية وطنية، لكن ذلك لا يجوز أبداً أن يكون مبرراً للطعن في كل شيء فيه، حيث لا حكومة تعجبنا ولا برلمان يعجبنا ولا أية مؤسسة تعجبنا، والغريب، أننا لا نجد من يتقدم لنا ببرنامج إصلاحي يتحدث في شؤون الصحة والتعليم والزراعة والاقتصاد وسبل مواجهة الفقر والبطالة وضنك العيش وسائر ما نعاني، إلا ما ندر وفي سياق هجومي يبدأ بتجريم الدولة وحكومتها وبرلمانها ومختلف مؤسساتها، ثم يقول لنا ما يريد لاحقاً.
فرق كبير بين أن تكون لاعباً وسط الحلبة، وبين أن تكون جالساً متفرجاً في المدرجات لا تملك غير الصراخ منتقداً اللاعبين الذين يتصدون للمهمة، فالصراخ أمره هين، لكن الفعل صعب عندما يصطدم بواقع صعب أيضاً.
لا أدري هل كلامي هذا يعجب أم لا يعجب أصحاب التهمة الجاهزة بما يسمونه «التسحيج» مثلاً، لكنني أدري تماماً، أن بلدنا الأردن الحبيب الغالي، مهدد ومستهدف تطل عليه عيون الذئاب من أرجاء شتى، مثلما أدري تماماً أن الوطن هو بيتنا جميعناً، وأن على أهل البيت مداراة عوراته أينما وجدت، وداخل البيت لا على سطوح الجيران، والعمل مع الحكومة والسلطة القائمة على معالجة كل خطأ ما أمكن إلى ذلك سبيلا.
الأردن ليس دولة عظمى بمقدورها مجافاة دول عظمى يتلقى منها مساعدات هو بأمس الحاجة إليها، ومن يدلني وغيري على دولة عربية واحدة وحتى غير عربية تتحدى أميركا مثلاً، حيث الكل يخطب ودها بما في ذلك أوروبا العظمى، ومعظمهم على طريقة مكره أخوك لا بطل.
ثم، لماذا مثلاً حلال وجائز للجميع الحديث وحتى التعاون مع العدو الإسرائيلي الذي أمقت وأتمنى زواله اليوم قبل الغد، وحرام وغير جائز للأردن الذي كان آخر الموقعين على سلام رسمي وليس شعبياً مع هذا الكيان.
ولماذا يطالب الأردن ووحيداً دون سائر دول العرب بالغاء اتفاقية السلام، كحالة إعلان حرب يجب أن يخوضها الأردن منفرداً..!.
لست صاحب قرار، لكنني أتكفل لكل مطالب بهذا، بأن الجيش الأردني الباسل نبع الشهداء والتضحيات، سيكون ونحن جميعاً معه، أول جيش سيتوجه إلى فلسطين الحبيبة إن جيَّش الأشقاء العرب جيوشهم من أجل التحرير.
ما علينا، فلا أحد سيجيش جيشه من أجل التحرير، وعلينا هنا الانتباه وجيداً جداً، إلى حقيقة ان بلدنا يواجه اليوم خطراً مصيرياً يستوجب ان نفتح عقولنا وعيوننا جيداً كي لا نكون لا قدر الله معاول هدم لدولتنا ووطننا كما يريد العدو وعملاؤه.
ختاماً.. ولكل أردني وأردنية يقدسون الوطن ويفتدونه بالأرواح، نقول، ما يتعرض له الأردن من طوفان تشويه عبر عشرات الآلاف من الحسابات الوهمية، ليس عبثاً ولا بريئاً أبداً أبداً، إنه مؤامرة كبرى لا تريد بنا خيراً قط.
فلنحترم بلدنا وسلطاته وحكومته كافة حتى لو لم نكن راضين عنها، ولنفوت الفرصة على العدو الماكر الذي يسعى لاجتثاثنا من جذورنا لا سمح الله، ولننعطف تماماً إلى حوار وطني راق بوصلته قوة الأردن ومنعة وجوده في مواجهة كل متآمر خوان أياً كان، وأنا على ثقة مطلقة من أن لا أحد من شعبنا الوفي الصابر يقبل سواء أكان معارضاً أو مؤيداً، يقبل بأن تمس ذرة من ثرى المملكة الأردنية الهاشمية بسوء..
والله من وراء قصدي.
الرأي