انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

سياسة من وحي الحياة اليومية

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/06 الساعة 12:33
حجم الخط

بقلم تمارا جمال أصحاب - ماجستير فض النزاعات

كنتُ قبل فترة أجلسُ في مكانِ عام حيث تتزاحم الأقدام،و إذ بي ألاحظُ من بعيد فتاتين تقتربان من المكان الذي أجلس فيه،( وكعادتي ألتقط الطاقات المبعثرة وأحللها) شعرتُ بأنني سأجدُ تسليةً من نوع آخر !!.
جلسَتْ الفتاتان بالقرب مني ، وأنا أتعمّدُ أنْ أُظهِرَ بأنني مشغولة ولا أنتبه لوجودهما. وبدأَتْ رحلة الحديث :
_ شُفتيها كيف إجَتْ سلّمَت عليّ، وحكتلي كلام حلو؟؟
_ااه والله شفت كيف..الناس صايرالنفاق بدمها.
_كثير هامها إني كنت مريضة وتعبانة؟بعثتلي مسج قبل كم يوم واليوم عملتلي حفلة استقبال.
_ بدنا نطوّل بالنا الدنيا صارت هيك. كللو بيضحك على كللووكللو بينافق وكل حد بيدوّر على مصلحتو.
_ و بيفكروها ملاك ويللي بيدري بيدري.
وهنا صراحة( غصصت برشفةالقهوة التي كنتُ أحاول تناولَها بمتعة وارتفع صوت سعالي)!.
لم أستوعب ما هي علاقة الملائكة بهذا الحديث!.
الحمدلله لم أكن مهمة بالنسبة لهما، ولم تلاحظا ما حدَثَ معي وبي..وأكملتا الحديث بعد أنْ ذهَبَتْ إحداهما وأحضرت شايا أو قهوة (شاهدتُ الكأسين ولم استطع التأكد مما في داخلهما)!.
_ بس تعرفي هي شخصيتها هيك مع الكل هادية وبتنافق بس ما حدا كاشفها.
وهنا لم أستطع إلا أن أرمقهما بنظرة إندهاش؛حيثُ وجدتُ نفسي أحاولُ حل مسألةَ رياضيات لا يُمكن حلها، وأيضا لم تلاحظا وجودي ، وتابعتا المسير في رحلة (الفضفضة) :
_طول نهارها شكرا وعفوا، و لوسمحت ويعطيك العافية..هلكَتْنا.حتى يللي بتزعل منهم وبيضايقوها بتنزل فيهم احترامات.
في تلك اللحظة رن هاتفي ، وانشغلتُ بمكالمة مع أختي التي سألتني بإستنكار : أين أنتِ؟ قلقنا عليك فلم نعتَدْ أن تغيري روتين جدولك اليومي دون تبليغنا. أجبتُها بكل هدوء و دهاء : بدّي أبَطّلْ ملاك ويللي بيدري بيدري !!!.
ضحكنا وأخبرتُها بأنني أحملُ لها قصةً شيّقة ستزيّن جلسة المساء ، وأنهيتُ المكالمة .
كانت الفتاتان تستعدان لمغادرة المكان ، و شعرتُ بالخيبة لأنني لم أحصل على كلمات أخرى تساعدُني في تشكيلِ روايةٍ مميزة تُغذي مخيلتي!. ألقيتُ نظرةً سريعة عليهما وابتسمتُ و غادرتُ المكان.
في طريق عودتي إلى المنزل استفزّتْ المشاعر والمفردات التي استقبلتُها من الفتاتين عقلي، وبدأتُ أفكر وأتحدثُ إلى نفسي : يا ترى من هي تلك الفتاة التي تتحدثان عنها؟؟ والتي لم أجد في كلامهما شيئا واحدا يُدينُها ! كان كل ذنبها أنها تستخدم الكلمات اللطيفة ، والراقية وأنها حاولتْ الإطمئنانَ على واحدة من الفتاتين كونها كانت مريضة، و عندما سمحَ الظرف والتقَت بها استَقبَلتها بحفاوة. أين الجريمة في كل هذا؟.
كنتُ أمشي وأنا أنظرُ في وجوه كل من في الشارع وأنا أفكر " هل يجب أن يكون لكلّ شخص منا موقف حاد حتى لا يتم عدّه من المنافقين؟؟ ، و هل يجب أن نقوم بتصرفات تجعلُنا نصنعُ الأعداء( مع أننا نكسبهم يوميا دون جهد أو عناء بلا سبب)!.
وهل يجب أن نُظهِرَ القسوة والإزدراء حيال ظروف البشر لنبدوَ طبيعين للآخرين ؟؟؟.
ولنتخيّل العكس..هل لو أن تلك الفتاة المقصودة لم تسأل ولم تجامل ولم تُعامل الجميع بالرقي الذي تَخيّلتُهُ هل كانت ستَسْلَم من التعليق والنقد؟؟.
ومن زاوية أخرى لماذا لا تكون الفتاة تتبع سياسة خاصة بها؟؟!!.
أليس من أهدافِ علم السياسة بشكل عام (الحيلولة دون نشوب الصراعات والنزاعات بكافة ظواهرها والحد من التنافر)... فقد تكونُ من أولئك الذين يحملون فكرا انسانيا بحتا ، ولديها أهدافها الخاصة المميزة التي تجعلُها تحاولُ تجاوزَ كل كل شيء كي لا تضيع طاقتها إلا فيما يُسهّلُ مرورها في رحلة الحياة هذه؟؟. و قد تكون تحملُ في تكوينها رؤية و رسالة معينة شكّلَتْ منها ما هي عليه الآن ؟؟!!.
وصلتُ البيت وفتحت لي أختي الباب ، قلتُ لها : انتظريني سأصلّي قبل أن يفوتني وقت الصلاة ؛ لأُحدّثكِ عن مفهوم جديد استوعبته اليوم وأحببتُ أن أسميه (سياسة اللاسياسة) وعلاقته بثقافة المجتمع!!.
وللحديث بقية.
دمتم بخير و سياسة
مدار الساعة ـ نشر في 2021/11/06 الساعة 12:33