مدار الساعة – لقمان إسكندر - تعقيدات المشهد اللبناني لا تسمح لوزير الإعلام جورج قرداحي بالاستقالة. حتى الان على الأقل. أما دول الخليج فقد فتحت قوسا على انطلاقة سريعة لأزمة ربما ستكون الأزمة الخليجية مزحة أمامها، وربما هي مجرد حدث طارئ، وربما هي خطوات مدروسة لما يُعَدّ للمنطقة أصلا. ولبنان فيه محور مهم..
حتى الان على الأقل ما هو ملاحظ ان كرة الثلج بدأت بالتدحرج. فهل يجري تذوبها؟
ما يهمنا هنا في الأردن هو السؤال: كيف ستؤثر هذه الازمة علينا، إن طالت؟
المراقب للمشهد ليس اللبناني والخليجي، بل العربي بأسره يدرك انه انما مطلوب منه ان يصف مشهدا ثابتا في قطار متحرك.
فهل السؤال مبكر عن مستوى تأثير الازمة على الأردن؟ وهل هناك إمكانية لتضرب توجهات التحالف الأردني المصري العراقي أم تزيده عمقا؟ وماذا عن ملف تصدير الكهرباء الى لبنان؟ هل تصبّ الأزمة لصالح التصدير، أم ستعيقه؟
وهل نحن على أعتاب تعرض الأردن لضغوط من اجل تحديد موقفه من المشهد اللبناني؟ وهل هذا سهل على الأردن أم صعب؟
من يقول إنه يملك إجابة واحدة فما عليه الا ان يتابع انعطافات المنطقة منذ عهد قريب، وتبدّل أثوابها ثوبا ثوبا.
ولا يبدو متاحا حتى في قدرة المراقب على وضع سيناريوهات للحظة الراهنة، فالمتغيرات سريعة والانعطافات حادة والأحداث مفاجئة، وتكاد تقلب كل شيء.
ما هو مؤكد أن الأزمة حاليا تطرح مزيدا من تشابك الأسئلة، فيما هي لا تقدم إجابة واحدة.
لا شيء مؤكدا، في أي اتجاه كان. المشهد غامض. وإن أردت انظر الى السودان، والعلاقات الجزائرية المغربية، والصحراء المغاربية، والخليج واللا يقين فيه وحوله، واليمن، وما أدراك ما اليمن، أما فلسطين فحدث عن حكايتها بما شئت. وماذا عن ليبيا، وتونس ولبنان، وسوريا؟
ويكأن الاحتلال يعيش في جنة زمانية مكانية لم يحلم بمثلها يوما، وحدها غزة من تعكر صفوة عيشه. فهل هذه هي الجنة التي ستقلب الطاولة على رؤوس الجميع وعلى رأسهم الاحتلال نفسه؟
عندما عندنا إلى أستاذ العلوم السياسية البروفيسور احمد سعيد نوفل، وضع خطوطا عامة، وهو يقول: ما زال مبكرا قراءة المشهد، لكن بلا شك ان الأردن سيعاني من حساسية في موقفه.
سأل د. نوفل، هل ستعمل الازمة الخليجية مع لبنان على صب الزيت على النار؟ يجيب، في اية حال نحن في مرحلة خلط الأوراق كلها، الى حد لا يمكن للقارئ ان ينتهي الى ان ما يجري هو لصالح الأردن أم ضده، وما الذي يتوجب فعله؟
اليوم نحن في انتظار كيف سيطلب الخليج من الأردن التعامل مع الازمة. هذا سيحدد طبيعة المخرجات، لهذا القراءة بحاجة الى تروي.
لكن في المقابل يضع أستاذ العلوم السياسية ألف خط تحت الأحوال العربية، والمصير الذي انتهى اليه النظام الرسمي العربي. يقول د. احمد سعيد نوفل: مصير صعب.
أما جامعة الدول العربية فلم تعد قادرة حتى على عقد اجتماعات تشاور أو تباحث.
وينبّه أستاذ العلوم السياسية الى ان جل الامر مرتبط بأطراف دولية متحكمة، فيما التحالفات غير واضحة، والتطورات متسارعة.
ليست كورونا فقط، هي ثالثة الاثافي بل مجرد حجرها الأول.
ثم ان الدكتور احمد سعيد نوفل يسأل كم من المساحة متاحة للاردن للمناورة، وما الذي سيناور فيه بالضبط؟ إنها مرحلة اللاتوازن العربي في كل شيء. والبحث اليوم عن مصالح آنية وليس استراتيجية لأن الوضوح حاليا غير متاح.
مجددا ماذا عن ملف تصدير الكهرباء الى لبنان؟
الخبير في مجال النفط والطاقة، عامر الشوبكي، يقول إنه ملف مرتبط بملفات سياسية منها العقوبات الامريكية على سوريا والملف النووي الإيراني.
ويضيف، إذ لوحظ أن بعد قبول ايران استئناف المفاوضات النووية تقلصت فترة البدء بتصدير الكهرباء الى لبنان من الربع الثاني للعام 2022 الى نهاية العام الحالي.
أما الازمة الخليجية اللبنانية فيصفها بحدث طارئ، قد يعرقل تصدير الغاز من مصر والكهرباء من الاردن الى لبنان وحكومة ميقاتي التي سيدعم موقفها حل مشكلة الطاقة في لبنان.
عموما ما هو متأكد منه الشوبكي حرص الاردن ومصر على علاقات متينة مع السعودية ومجلس التعاون الخليجي الذي قد يرى عزل حكومة ميقاتي أمرا ضروريا من حلفائه.
فماذا يعني ذلك؟ الأيام وربما الساعات القادمة تجيب. وربما لا تجيب. بل تعمل على مزيد من التعقيد.