مدار الساعة - في عالم اليوم، أصبح التسوق عبر الإنترنت أمراً شائعاً ومتزايداً بشكل كبير، إذ بفضل هذا التحديث الرقمي، يمكنك الجلوس براحتك في المنزل وشراء ما ترغب به من بضائع ومنتجات، ليتم تسليمها إليها بكل أريحية، ولكن هل هذا الأمر جيد حقاً؟ العلم يقول لك إنك تضر بالبيئة.
أضرار التسوق عبر الإنترنت على البيئة
في هذه المقالة، سوف نستكشف أضرار التسوق عبر الإنترنت على البيئة.
أولاً: زيادة انبعاثات الكربون بسبب عمليات التوصيل
إذا كنت تعتقد أن التسوق عبر الإنترنت أكثر صداقة للبيئة، فعليك التفكير مرة أخرى بالأمر، إذ إنّ الطريقة الأكثر صداقة للبيئة هي ذهابك إلى المتجر للتسوق وشراء كل حاجياتك والعودة بدلاً من إجراء هذه العمليات عبر الإنترنت.
ويشير تقرير لمجلة Environmental Science & Technology وهي مجلة علمية تصدرها الجمعية الكيميائية الأمريكية إلى أنّ هناك أموراً يتم شراؤها عبر الإنترنت تؤدي إلى انبعاث غازات دفيئة أكثر مما لو قام الناس بشرائها من المتجر مباشرة.
والسبب الرئيسي وراء ذلك هو كيفية تسوق الأشخاص عبر الإنترنت: فمن الأمثلة على ذلك منتجات الشامبو، معجون الأسنان، أوراق الحمام، فهي أمور يشتريها الناس بشكل متكرر ودائم، لكنه يشترونها بأعداد قليلة من خلال الإنترنت على عكس عملية شرائها من المتجر بشكل شخصي.
ويقول صادق شاه محمدي، وهو طالب دكتوراه في العلوم البيئية بجامعة رادبود في هولندا لموقع CNN الأمريكي: "عندما يتسوق الناس من المتاجر، فإنهم يجمعون هذه المنتجات في عملية شراء واحدة بالجملة، لكي يخففوا عنهم عناء الذهاب مرة أخرى، بينما عبر الإنترنت فإنهم يشترونها قطعة قطعة".
التسوق عبر الإنترنت مفيد للبيئة منطقياً ولكن عملياً لا!
وبينما يقترح فيه المنطق أن التسليم الواحد لعدة منازل سيكون أفضل للبيئة من عدة سيارات أو عدة حافلات تذهب إلى المتاجر، فإن الأمر من الناحية العملية، ليس بهذه البساطة.
يقول الكاتب البريطاني المتخصص في البيئة والعلوم الشعبية وقضايا التنمية فريد بيرس، وفقاً لمجلة Forbes إنّ الفوائد النظرية التي كان من المتوقع أن يجلبها التسوق عبر الإنترنت للبيئة لم تكُن صحيحة وإنما تعتمد تماماً على التباين الكبير في سلوك المستهلك.
على سبيل المثال، إذا قام شخص بشراء شيء ما عبر الإنترنت ومن ثم قرر إعادته فإنّ البصمة الكربونية ترتفع بشكل كبير من هذه العملية.
كما صنفت دراسة أجراها الباحث البيئي ديميتري ويدلي في العام 2013 الناس إلى 3 فئات مختلفة:
الفئة الأولى: متسوق تقليدي
الفئة الثانية: متسوق صبور
الفئة الثالثة: متسوق غير صبور
ووجدت الدراسة التي حاولت مقارنة البصمة الكربونية لكل مشترٍ أنّ المتسوق غير الصبور كلف البيئة بصمة كربونية أكثر بضعفين من المشترين الأولين لأنه دائماً ما يختار التوصيل السريع لمنزله، وهو ما يجعل شاحنة النقل تأتي من أجله فقط حتى ولو لم يكن هناك توصيلة أخرى في منطقته.
عدا عن أنّ الكثير من عمليات التسليم قد تفشل في المرة الأولى؛ مما يضطر السائق لأن يعود في وقت آخر لتسليم ذات الغرض.
ثانياً: إعادة الملابس والشحن السريع
في حين يقول نافوديت بابل الشريك المؤسس في شركة GreenStory، وهي شركة كندية متخصصة في قياس البصمة البيئية للأعمال المستدامة إنه يتم إرجاع من 6% إلى 8% فقط من منتجات الملابس التي يتم شراؤها من المتاجر، في حين تتم إعادة 30% من ذات المنتجات عندما يتعلق الأمر بالتسوق الإلكتروني.
وأضاف وفقاً لموقع Eco Age أنَّ 20% من الملابس المعادة عبر الإنترنت ينتهي بها المطاف في مكب النفايات؛ لأنّ تلك الشركات لا تستطيع إعادة بيعها لبائعي التجزئة.
بالإضافة إلى أنّ خيارات الشحن الفوري الذي يصل من أي دولة كان في غضون 3 أيام يساعد على زيادة الكربون في الجو بشكل كبير لأنه يتم عن طريق الشحن الجوي الذي ينتج انبعاثات أكثر بـ3 مرات من الشحن البري أو البحري.
ثالثاً: نفايات التغليف الزائدة
بالإضافة إلى ما سبق، فإنّ هناك شيئاً آخر يعتبر من الأشياء الأساسية التي تضر بالبيئة وهي نفايات التغليف الزائدة والتي تعمل على زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الجو.
ووجدت دراسة حديثة أجرتها منظمة Oceana التي تسعى للحفاظ على محيطات العالم في العام 2020، أنّ شركة أمازون وحدها أنتجت ما يقارب من 465 مليون رطل (210920 طن) من نفايات التغليف البلاستيكية في عام 2019.
وأضافت أنّ عدد الوسائد الهوائية التي تستخدم لحماية المنتجات من التلف خلال عملية الشحن يمكن أن تدور الكرة الأرضية 500 مرة.
كما قدرت أنّ ما يصل إلى 22.44 مليون رطل (10 آلاف طن) من عبوات الأمازون البلاستيكية انتهى بها المطاف في المياه العذبة.
وتبع ذلك التقرير بيان من مات ليتل جون رئيس نائب الرئيس الأول
لـ Oceana يقول فيه إنّ كمية النفايات البلاستيكية التي تأتي من الشركات التي تبيع عبر الإنترنت بطريقة مذهلة وتتزايد بشكل مخيف.
من جهته، قال متحدث باسم أمازون لموقع Vox إنّ دراسة Oceana أخطأت بشكل كبير، موضحاً أنّ الشركة خفضت أوزان البلاستيك المستخدمة في منتجاتها الصادرة بأكثر من الثلث في 2015 وألغت ما يقارب من مليون طن من مواد التعبئة والتغليف.
رابعاً: 3 مليارات شجرة تقطع سنوياً من أجل علب الشحن
في حين يقول موقع Canopy Planet إنه يتم سنوياً قطع 3 مليارات شجرة من أجل إنتاج 241 مليون طن من علب الشحن وورق التغليف المقوَّى والأغلفة التي تملأ الفراغات داخل العلب.
وأضافت أنّ أقل من 14% من حوالي 86 مليون طن من العبوات البلاستيكية المنتجة عالمياً كل عام تتم إعادة تدويرها فقط، بينما يتم طمر أو حرق وإغراق ما تبقى منها.
في حين وجدت وكالة حماية البيئة أن صناديق الشحن شكلت الجزء الأكبر من التعبئة والتغليف في توليد النفايات، إذ تنتج سنوياً 33 مليون طن، ينتهي نحو 9 ملايين منها في مقالب القمامة.
أمازون تسعى لأن تكون "صفر كربون" في 2040
كشفت أمازون عن البصمة الكربونية لشركتها في 2020 قد بلغت 44.40 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بينما بلغ الوقود الأحفوري لمركبات التوصيل الخاصة بها 4.70 مليون طن متري.
ولذلك أعلن عملاق البيع عبر الإنترنت أنه طلب مؤخراً شراء 100 شاحنة تعمل بالكهرباء من شركة Rivian الأمريكية لصناعة السيارات.
وترى أمازون أنّ اعتمادها على شاحنات الكهرباء سيقلل من نسبة بصمتها الكربونية، فمع عدم وجود انبعاثات من أنبوب العادم، فإنها تقلل من مساهمة النقل في الضباب الدخاني في المناطق الحضرية.
إذ تريد أمازون أن تكون نصف شحناتها "خالية من الكربون" بحلول عام 2030، وأن تكون شركة صديقة للبيئة تماماً في 2040.