مدار الساعة - هل تخيلت يومًا ما يمكن أن يحدث إن توقف كوكب الأرض فجأة عن الدوران؟ هذا ما تحاول الكاتبة ستايسي كيش، المتخصصة في الشؤون العلمية وتركز أبحاثها العلمية على علوم الأرض، الإجابة عنه في تقريرٍ نشره موقع «لايف ساينس» العلمي.
دوران الأرض
في البداية تُقِّر الكاتبة بحقيقة أن الأرض تدور في حركة منتظمة حول محورها مثل نحلة دوَّارة، حتى وإن لم نتمكن من رؤية ذلك أو لمسه، فضلًا عن سماعه أو الشعور به، متسائلة: ماذا سيحدث إذا توقفت الأرض فجأة عن الدوران؟
وتجيب الكاتبة قائلةً: إذا توقفت الأرض عن الدوران، فإن الزخم الزاوي لكل جسم على الأرض سيُمزق سطح الكوكب، مُنذرًا بيوم لا تُحمد عقباه.
ونقلت الكاتبة عن جيمس زيمبلمان، كبير الجيولوجيين الفخري في متحف سميثسونيان الوطني للطيران والفضاء في واشنطن العاصمة، قوله إن هذه مجرد تجربة فكرية، مضيفًا أنه «لا توجد قوة طبيعية تمنع كوكب الأرض من الدوران. وهذا جزء من طبيعة دوران الكوكب منذ تكوينه، وهو أمر مثير للإعجاب».
وتوضح الكاتبة أن الأرض تدور دورة كاملة حول محورها كل 23 ساعة و56 دقيقة و4.09053 ثانية. وهذا يعني أن سرعة دوران الأرض عند خط الاستواء تصل إلى 1100 ميل/ساعة (1770 كم/ساعة)، مع انخفاض سرعة الدوران إلى الصفر عند القطبين، وفقًا لزيمبلمان.
وإذا توقف الكوكب فجأة عن الدوران، فإن الزخم الزاوي المنقول إلى الهواء والماء وحتى الصخور على طول خط الاستواء سيظل يتحرك بهذه السرعة التي تبلغ 1100 ميل/ساعة. ومن شأن هذه الحركة أن تمسح سطح الكوكب بينما تمزقه وترسل الشظايا إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي والفضاء الخارجي.
الزخم الزاوي
وفي توضيحها لـ«لزخم الزاوي»، تعود الكاتبة بالتذكير بما يُعرف بـ«الزخم الخطي»، وهو نتاج كتلة الجسم وسرعته (الاتجاه والسرعة)، وتضرب الكاتبة مثلًا بحركة الراكب في سيارة متحركة تتوقف فجأة؛ إذ سيستمر الراكب في الحركة للأمام بالسرعة ذاتها التي كانت عليها السيارة، وهو ما يرجع إلى الزخم الخطي.
وتقول الكاتبة إن الزخم الزاوي هو تناظرية دورانية للزخم الخطي؛ فهو نتاج لحظة القصور الذاتي (قوة الدوران اللازمة لتدوير الكتلة) والسرعة الزاوية. وفي لعبة كرة القدم الأمريكية، ينقل اللاعب الظهير الزخم الزاوي إلى الكرة وهي تُرفع عبر الهواء نحو اللاعب في مركز الهجوم.
وقال زيمبلمان لموقع «لايف ساينس»: «أحد أساسيات الفيزياء هو الحفاظ على الزخم الزاوي»، وأوضح: «بمجرد أن يدور شيء ما، عليك بذل القوة نفسها في الاتجاه المعاكس لمنعه من الدوران».
ولكن، وبحسب ما تستدرك الكاتبة، لن نفقد كل شيء إذا توقفت الأرض عن الدوران.
إعادة التجميع والإصلاح والالتحام
تنقل الكاتبة عن زيمبلمان قوله إن القِطَع والأجزاء التي انفصلت عن السطح سوف تستعيد بعض الدوران مع استمرار الأرض وبقاياها في مدارها حول الشمس. وفي نهاية المطاف، فإن جاذبية الكوكب سوف تسحب هالة الشظايا مرةً أخرى بتأثير غير متوقع.
وتابع زيمبلمان: «ما ساعد إسحاق نيوتن في اكتشافه باستخدام الميكانيكا الكلاسيكية هو أن القِطَع التي تتراكم وتقترب بعضها من بعض ستطلِق بعض طاقتها وتُسخِّن الأشياء».
ولتقريب الصورة أوضحت الكاتبة أنه يمكن التفكير في الأمر كأنه نيزك يتناثر في السماء، إذ ستُسحب بقايا النيزك التي انتهى بها المطاف في المناطق البعيدة من الغلاف الجوي والفضاء الخارجي إلى سطح الكوكب من خلال سحب جاذبية الأرض، وستطلق تلك البقايا الطاقة عند الاصطدام بسطح الأرض.
وقال زيمبلمان إن القذف المستمر لهذه القِطَع من شأنه أن يحول القشرة إلى «محيط من الصخور» المنصهرة. وفي النهاية، سيُعاد امتصاص الشظايا المتصادمة في البحر المنصهر من خلال عملية تُسمى الالتحام.
وأضاف زيمبلمان أن التحول السريع والمدمر سينتج منه أيضًا تبخر معظم المياه على سطح الكوكب. وفي حين سوف تفقد معظم هذه المياه المتبخرة، فقد تُدمج بعضها في معادن حديثة التصلب، مثل الزبرجد الزيتوني. وأخيرًا، لن تُمتَص جميع تلك الأجزاء من خلال الالتحام، ذلك أن بعض أجزاء الكوكب ستجرِفها قوة جاذبية القمر القريب، الأمر الذي سينشأ عنه عدد لا يحصى من الحفر على سطح القمر بسبب اصطدام تلك الأجزاء بسطحه، حسب ما تختم الكاتبة.