مدار الساعة - حتى أكثر الأطفال اعتدالاً في السلوك قد تكون لديهم نوبات غضب وعصيان من حين لآخر. لكن النمط المستمر من الغضب والتحدي والنزعة الانتقامية ضد الوالدين أو الأشخاص مِن حولهم يمكن أن يكون علامةً على اضطراب التحدي المعارض الذي يمكن أن يؤثر على عمل الشخص ومدرسته وحياته الاجتماعية في حال استمر دون تدخُّل.
وفقاً لموقع Hopkins Medicine، يؤثر اضطراب التحدي المعارض على ما بين 1 و 16% من الأطفال في سن المدرسة، وهو أكثر شيوعاً عند الأولاد أكثر من الفتيات.
إذا كان لدى طفلك أو ابنك المراهق نمط متكرر ومستمر من نوبات الغضب والجدل والتحدي أو الانتقام تجاهك أو تجاه الأشخاص الآخرين، فقد يكون لديهم اضطراب التحدي المعارض.
تعرَّف أكثر على أعراض هذا الاضطراب وأسبابه وطرق التعامل المناسبة معه ومتى عليك اللجوء لأخصائي نفسي أو سلوكي لعلاجه، في هذا التقرير.
التشخيص ليس عملية سريعة ويتطلب وقتاً!
نوبات الغضب والسلوك المعارض والعناد أحياناً ليست بالضرورة دلالة على أي اضطراب سلوكي، بل العكس تعتبر السلوكيات كلها مقبولة وجزءاً من بناء الشخصية طالما أنها غير مؤذية وخطرة ومستمرة.
يذكر موقع Health Line الطبي، أن العديد من الأطفال يبدؤون في إظهار أعراض اضطراب التحدي المعارض بين سن 6 و8 سنوات.
لكن لكي يتم تشخيص الطفل باضطراب التحدي المعارض، يجب أن تظهر أعراض واضحة على الطفل بانتظام لأكثر من نصف عام.
عكس الأطفال العاديين، فإن أولئك الذين يعانون من اضطراب التحدي المعارض قد يعصون ويجادلون، بل يتحدّون علناً المعلمين والآباء وغيرهم من البالغين.
في كثير من الحالات، يعد السلوك المعارض جزءاً طبيعياً من نمو الطفل، خاصةً بالنسبة للمراهقين والأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وثلاث سنوات.
ومع ذلك، يمكن أن يصبح السلوك العدائي وغير المتعاون علناً مصدر قلق خطير، لا سيما عندما يكون متسقاً ومتكرراً مقارنة بالأطفال الآخرين في المرحلة نفسها من التطور.
كما يمكن أن يكون مصدر قلق كبير أيضاً إذا كان يؤثر على حياة الطفل الأكاديمية والاجتماعية والعائلية.
يعد التدخل المبكر أمراً بالغ الأهمية في مساعدة طفلك على السيطرة على الاضطراب والمضي قدماً في نموه الشخصي والاجتماعي.
ومع ذلك، لكي تكون قادراً على القيام بذلك، فإنك تحتاج إلى فهم علامات وأعراض اضطراب التحدي المعارض عند الأطفال.
علامات وأعراض اضطراب التحدي المعارض
تتميز أعراض اضطراب التحدي المعارض باستمرارها وعدم وجود سبب أو تفسير منطقي دائماً لحدوثها. تنقسم الأعراض إلى ثلاثة أنواع، مزاجية وسلوكية وانتقامية ضارة، كما يشير موقع cleveland clinic.
السلوك المتحدِّي من أبرز الأعراض
الجدال المفرط مع الآخرين، خاصةً مع البالغين، ربما يكون أحد أعراض اضطراب التحدي المعارض. يميل الأطفال المصابون بهذا الاضطراب عادةً إلى القيام بعكس ما يُطلب منهم سواء كان شيئاً صغيراً أو كبيراً، ويميلون إلى الجدل الكثير بخصوصه.
إضافة إلى ذلك، غالباً ما يُظهر الأطفال سلوكيات معارضة في المدرسة، خاصةً عندما يُطلب منهم القيام بشيء ما معاً كمجموعة مع أطفال آخرين.
نوبات الغضب التي لا تنتهي
قد يعاني الطفل المصاب بهذا الاضطراب السلوكي من نوبات غضب تستمر عدة ساعات. قد يشمل ذلك الضربَ أو الرمي أو الصراخ أو الصراخ أو البكاء.
ما يجعل نوبات غضب اضطراب التحدي مختلفة عن نوبات الغضب العادية هو سببها. فهي عادةً ما تكون نتيجة عدم قدرة الطفل على التحكم في عواطفه والتعامل معها.
لا يُظهرون عواطفهم حتى تجاه المقربين منهم
العاطفة هي ما يفتقر إليه معظم الأطفال الذين يعانون من اضطراب التحدي المعارض. كثيرون ببساطة لا يرون أي سبب ليكونوا حنونين أو لإظهار أي عاطفة تجاه الآخرين.
غالباً لا يُظهرون أي عاطفة تجاه أسرهم وحتى الأطفال الآخرين مثل أصدقائهم في الحي أو المدرسة.
المديح لا يُسعدهم!
المديح قد يكون وسيلة كثير من الأهالي والمعلمين لتحفيز أطفالهم وتشجيعهم وحتى تقويم سلوكهم، لكن بالنسبة لطفل يعاني من اضطراب المديح المعارض، الثناء ليس شيئاً محبباً.
على الرغم من أن ذلك قد يبدو غريباً، فإن هؤلاء الأطفال لديهم استجابة غير عادية للتعزيز الإيجابي أو ردود الفعل الحسنة.
قد يلاحظ الآباء أنهم عندما يهنئون طفلهم أو يمدحونهم، فإنهم يستجيبون من خلال تدمير أو تخريب كل ما أدى إلى مدحهم، وقد تكون هذه علامة مهمة على اضطراب التحدي.
العلامات والأعراض الأخرى:
قلة النوم
لوم الآخرين (الكبار والأطفال الآخرين) على سوء سلوكه أو أخطائه
الرفض للامتثال للقواعد وطلبات البالغين
المحاولات المتعمدة لإغضاب الآخرين أو مضايقتهم
السعي للانتقام والأذى عند انزعاجه
يقول أشياء بغيضة وسيئة عند الغضب أو الانزعاج
غالباً ما ينزعج بسهولة من قِبل الآخرين
الأسباب قد تكون مكتسبة أو جينية
اضطراب
رغم أن الباحثين لم يستطيعوا تحديد أسباب اضطراب التحدي المعارض، فإن هناك تفسيرات لسبب حدوثه:
النظرية التنموية:
تقترح هذه النظرية أن المشاكل تبدأ عندما يكون الأطفال صغاراً. قد يواجه الأطفال والمراهقون المصابون بالاضطراب صعوبة في تعلُّم أن يصبحوا مستقلين عن أحد الوالدين أو أي شخص آخر كانوا مرتبطين به عاطفياً.
لذلك قد يكون سلوكهم عبارة عن مشكلات تطورية تستمر إلى ما بعد سنوات الطفولة.
كيمياء الدماغ:
تم ربط اضطراب التحدي المعارض بأنواع معينة من المواد الكيميائية في الدماغ أو الناقلات العصبية التي لا تعمل بالطريقة الصحيحة.
تساعد الناقلات العصبية الخلايا العصبية في الدماغ على التواصل مع بعضها البعض. إذا كانت هذه المواد الكيميائية لا تعمل بشكل صحيح، فقد لا تصل الرسائل عبر الدماغ بشكل صحيح، مما يؤدي إلى ظهور أعراض اضطرابات وأمراض عقلية أخرى.
علاوة على ذلك، قد يعاني العديد من الأطفال والمراهقين الذين يعانون من اضطراب التحدي المعارض أيضاً أمراضاً عقلية أخرى، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، واضطرابات التعلم والاكتئاب أو اضطراب القلق، مما قد يساهم في مشاكل سلوكية عديدة.
التاريخ العائلي:
العديد من الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب التحدي المعارض قد يكون لديهم أفراد عائلات مقربون يعانون أمراضاً عقلية، من ضمنها اضطرابات المزاج واضطرابات القلق واضطرابات الشخصية. يشير هذا إلى أنَّ خطر الإصابة باضطراب التحدي قد يكون موروثاً.
العوامل البيئية:
عوامل مثل الحياة الأسرية الفوضوية أو المليئة بالمشاكل أو العنف وعدم اتفاق الوالدين في الأمور التربوية الأساسية والتأديب القاسي، قد تسبب ظهور مشاكل واضطرابات سلوكية منها اضطراب التحدي المعارض.
كيفية التعامل مع اضطراب التحدي المعارض عند الأطفال
اضطراب
إذا أظهر طفلك سلوكيات معينة مرتبطة باضطراب التحدي المعارض، فمن الممكن تماماً إدارة سلوكه من خلال استراتيجيات مختلفة. فيما يلي، بعضها:
اخلق بيئة منظمة
الأطفال يعشقون الروتين، اجعل دائماً التمارين الرياضية والنوم الكافي والوجبات الصحية من أولوياتك. يمكن أن يفيد نمط حياة منظم وصحي طفلك الذي يعاني من اضطراب التحدي وعائلتك بأكملها أيضاً.
ضع قواعد البيت الإجبارية
يعد إنشاء بعض القواعد المنزلية غير القابلة للتفاوض ثم تنفيذها مع عواقب واضحة أحد أفضل الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لإدارة سلوك طفلك.
عادةً ما يعاني الأطفال المصابون باضطراب التحدي المعارض من القلق ويميلون إلى التحكم في بيئتهم والأطفال الآخرين من خلال الغضب والتحدي.
من الجيد إبقاء قواعد المنزل بسيطة ومحدودة نسبياً؛ حتى لا يشعر أطفالك بالإرهاق. اعرض جميع قواعد المنزل وأشِر إلى عواقب خرق تلك القواعد؛ حتى يعرف الأطفال بالضبط ما يمكن توقعه إذا فعلوا ذلك.
احتفِل بنجاح طفلك دائماً
يعاني الأطفال المصابون باضطراب التحدي مشكلة في تنظيم عواطفهم والتي يمكن أن تؤدي إلى نوبات غضب وانفجارات شديدة مرتبطة بهذا الاضطراب المحدد.
عندما يدير الطفل سلوكه بنجاح لفترة أطول من المعتاد، يجب الاحتفال بذلك عن طريق إشراكه في شيء يستمتع بفعله كمكافأة على هذا السلوك الجيد.
دع طفلك يعرف أنك تقدّر محاولاته، وحاوِل تخصيص وقت للاستمتاع والتواصل مع أطفالك عندما يكونون هادئين.
بالطبع، هناك أيضاً طرق أخرى مثل التدخل الطبي لتأكيد التشخيص والبرامج التي تساعد الأطفال في تعلم الإدارة العاطفية.
ليس هناك شك في أن تربية طفل مصاب باضطراب التحدي المعارض تمثل تحدياً كبيراً، لكنَّ فهم الحالة يعد خطوة إيجابية إلى الأمام لأي عائلة تتعامل مع طفل يعاني منه.
طرق العلاج النفسية والدوائية
إذا كنت تشك في إصابة طفلك باضطراب التحدي المعارض، فمن الأفضل اللجوء إلى مختص.
يتم تحديد علاج الاضطراب بناءً على العديد من العوامل، من ضمنها عمر الطفل، ومدى شدة الأعراض، وقدرة الطفل على المشاركة في علاجات معينة وتحمُّلها. يتكون العلاج عادةً من مزيج مما يلي:
العلاج النفسي: تم تصميم العلاج النفسي (نوع من الاستشارة) لمساعدة الطفل على تطوير طرق أكثر فاعلية للتعبير عن الغضب والسيطرة عليه.
يهدف هذا النوع من العلاج إلى استخدام ما يسمى العلاج السلوكي المعرفي في إعادة تشكيل تفكير الطفل (الإدراك) لتحسين السلوك.
كما يمكن استخدام العلاج الأسري للمساعدة في تحسين التفاعلات العائلية والتواصل بين أفراد الأسرة عن طريق أسلوب علاج متخصص يسمى تدريب إدارة الوالدين (PMT)، والذي يعلّم الآباء طرقاً لتغيير سلوك الطفل بشكل إيجابي في المنزل.
الأدوية: على الرغم من عدم وجود دواء معتمد رسمياً لعلاج اضطراب التحدي المعارض، فإنه يمكن استخدام العديد من الأدوية لعلاج اضطرابات أو أعراض أخرى، من شأنها أن تجعل سلوك الطفل أسوأ.