مدار الساعة - أظهرت صور مروعة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، قوات الشرطة بالإكوادور وهي تتفحص آثار المذبحة التي وقعت هذا الأسبوع في سجن "بينيتيسياريا ديل ليتورال" بمدينة "غواياكيل" عاصمة مقاطعة "غاياس" الساحلية، وذلك على خلفية اندلاع أعمال الشغب، بسبب الصراع على الزعامة داخل السجن بين أفراد العصابات والجرائم المنظمة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية، الجمعة 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
في أكبر سجن بالإكوادور، سجن "ليتورال"، الذي يعد حصناً مكتظاً بالسجناء يقع في مدينة غواياكيل ويُحتجز فيه نحو 9 آلاف شخص.
هذا الصراع المحتدم على النفوذ بين العصابات المتناحرة، أسفر عن مقتل 116 سجيناً وإصابة 78 آخرين. وقال مسؤول حكومي إن خمسة أشخاص على الأقل قُطعت رؤوسهم، فيما تعرَّض عدد "كبير" من السجناء للتشويه أو بتر الأعضاء.
ارتفاع حصيلة القتلى
مع استمرار ارتفاع حصيلة القتلى، تجمَّع أقارب السجناء خارج مشرحة السجن، في انتظار قيام المسؤولين بنشر قائمة القتلى، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن سلامة النزلاء، فيما عززت الحكومة انتشار الجيش خارج السجن.
في حين زحف السجناء عبر منافذ أقاموها بين العنابر، واستخدموا مسدسات الغلوك والسكاكين والمناجل المهرَّبة في معركتهم للسيطرة على السجن، وقد سُمعت أصوات طلقات نارية ودوي انفجارات مع صعود عدد من السجناء إلى الأسطح.
فرض حالة الطوارئ
من جهته، أعلن رئيس الإكوادور، غييرمو لاسو، خلال مؤتمر صحفي، عُقد يوم الأربعاء 29 سبتمبر/أيلول 2021، حالة الطوارئ بكافة سجون البلاد لمدة 60 يوماً، واصفاً الحادث بـ"المؤسف"، مضيفاً: "من المؤسف أن تتحول السجون إلى حلبة صراع قوى بين العصابات الإجرامية، ومن أولى خطواتنا للتعامل مع هذه الظاهرة إعلان حالة الطوارئ بالسجون في عموم البلاد".
لاسو أشار إلى أنهم سيتضامنون مع أقارب الأسرى؛ لحماية حقوقهم، متابعاً: "تقوم الحكومة باستثمارات كبيرة في البنية التحتية وتكنولوجيا المراقبة، بسبب العنف المتكرر في السجون منذ عدة أشهر، بفضل هذه الخطة، سيتم تعزيز الرقابة داخل السجون"، مؤكداً أن الدولة ستقدم المساعدة لأسر القتلى والمصابين.
من جانب آخر، قال مسؤولون حكوميون حاليون وسابقون إن عمليات القتل التي تشهدها السجون تؤكد الدور المتنامي للإكوادور في تجارة المخدرات الدولية؛ فمع أن البلاد لا تعتبر مركزاً بارزاً لزراعة الكوكا، فإنها تقع بين أكبر منتجَين للكوكايين في العالم: بيرو وكولومبيا.
قيود على تجارة الكوكايين
بدوره، قال ماريو بازمينيو، وهو مستشار أمني ورئيس سابق للاستخبارات العسكرية الإكوادورية، إن كولومبيا فرضت قيوداً على تجارة الكوكايين في العقدين الماضيين، بتمويل وموارد عسكرية كبيرة من الولايات المتحدة؛ وهو ما دفع الكارتلات المكسيكية إلى البحث عن شركاء رئيسيين آخرين في الإكوادور الملاصقة للحدود الكولومبية.
كما لفت مسؤول إكوادوري رفيع المستوى إلى أن القوات الأمريكية بعد أن غادرت قاعدة مانتا العسكرية الممتدة على طول ساحل الإكوادور على المحيط الهادئ في عام 2009، تركت الحدود مع كولومبيا دون مراقبة.
بحسب صحيفة The Washington Post الأمريكية، باتت السجون ساحات قتال مفتوحة للعصابات الإجرامية المرتبطة بكارتلات المخدرات المكسيكية، إلا أن ما حدث مؤخراً يعدّ أسوأ أعمال شغب تشهدها السجون في تاريخ الإكوادور.
فيما قال مسؤولون إن كارتلات "سينالوا" و"خاليسكو الجيل الجديد" استغلت شواطئ الإكوادور على المحيط الهادئ واعتمدت على العصابات المحلية لحماية طرق تهريب المخدرات مقابل المال. وأتاحت البنية التحتية المتطورة للطرق في الإكوادور لهذه الكارتلات نقلَ الكوكايين من الحدود الكولومبية إلى الميناء الرئيسي للبلاد، في غواياكيل، بغضون 6 ساعات.
اشتباكات بين عناصر العصابات
وبدعمٍ من كارتل سينالوا (منظمة دولية لتهريب المخدرات، وغسل الأموال، والجريمة المنظمة)، سيطرت عصابة لوس تشونيروس الإجرامية الإكوادورية على الطرق الرئيسية لتهريب المخدرات، وتنامت أعداد المنتمين إليها حتى زُعم أنها تضم أكثر من 10 آلاف عضو، وفقاً لمسؤول حكومي إكوادوري.
لكن في أواخر العام الماضي، بعد مقتل زعيم العصابة لوس تشونيروس، انقسمت العصابة إلى مجموعات متنافسة وعصابات أصغر تتنافس للسيطرة على سجون البلاد.
في هذا السياق، أوضح أمين مكتب الشكاوى الحكومي بالإكوادور، أن عدد القتلى في سجون البلاد هذا العام بلغ أكثر من 237 شخصاً، وهو أكثر من ضعف مجموع القتلى في عام 2020 بأكمله، والأدهى أن عمليات العنف هذه تتزايد باطراد منذ عام 2018.
جدير بالذكر أن البلاد شهدت في 23 يوليو/تموز الماضي، اشتباكات بين عناصر العصابات بسجنين مختلفين، أسفرت عن مقتل 21 شخصاً، وإصابة 35 آخرين.
يشار إلى أن سجون الإكوادور تضم 38 ألف شخص تقريباً ما بين محكوم ومعتقل، وأحياناً ما تنتهي أعمال الشعب التي تشهدها بالتمرد.
حيث أدى اكتظاظ السجون الشديد بالسجناء وحروب النفوذ بين عصابات المخدرات إلى أعمال شغب دامية في السجون على مدى العقود القليلة الماضية بأمريكا اللاتينية، التي تشهد أعلى معدلات سجن بالنسبة إلى عدد السكان في العالم.
كما أن 80 محكوماً قد لقوا حتفهم، من جرّاء نيران اندلعت بسبب تمرد بدأ بشكل متزامن داخل سجون بـ3 مدن في البلاد يوم 24 فبراير/شباط الماضي.