مدار الساعة - أجرى رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، مقابلة صحفية مع جريدة الأسبوع المصرية على هامش مؤتمر “إعلاميون ضد الكراهية”، الذى أقامه مجلس حكماء المسلمين.
وقال الخصاونة في مقابلة أعدّت قبل أيام، ونشرت اليوم الخميس بالتزامن مع زيارته إلى القاهرة، إن ما تحقق خلال عمر الدولة الأردنية سيكون دافعا لتحقيق المزيد من الانجازات والتأكيد على ثوابت الموقف الأردني تجاه أمته العربية، وتجاه علاقات متوازنة مع دول العالم تقوم على إرساء أسس التعاون والاحترام المتبادل وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في شتى انحاء دول العالم.
وأضاف، أن “حكومتنا تسير باتجاه التنمية وتحقيق بعض من طموحات جلالة الملك لتحسين مستوى المعيشة وتحسين الأوضاع الاقتصادية”.
وتابع الخصاونة في رد على سؤال متعلق بالتطرف، “أن ديننا الحنيف يحترم ثقافة الاختلاف ضمن إطار سلمي وحضاري سبق الكثير من الشرائع الدولية، ومن بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
وتاليا نص المقابلة كاملا:
– احتفل الأردن فى 2 إبريل الماضي، بمرور مائة عام على تأسيس إمارة شرق الأردن فى عام 1921، وإعلان الدولة فى عام 1946.. كيف ترون مسيرة المستقبل؟
* ندرك تماما أن ما تحقق خلال مسيرة البلاد الفترة الماضية، سيكون دافعا للمسيرة الحالية التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني، في تحقيق المزيد من الانجازات والتأكيد على ثوابت الموقف الأردني تجاه أمته العربية، وتجاه علاقات متوازنة مع دول العالم تقوم على إرساء اسس التعاون والاحترام المتبادل وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في شتى انحاء دول العالم، فتلك هي السياسة التي وضعت أسسها الأسرة الهاشمية منذ تأسيس الدولة فى عام 1921، ولا تزال المسيرة مستمرة في إطار ما يحقق للأردن مصالحها ودورها الأساسي في كثير من القضايا الهامة والمحورية.
– وماذا عن قضية التنمية في بلد ندرك أنه يعاني ظروفا اقتصادية صعبة؟.
* حكومتنا تسير باتجاه التنمية وتحقيق بعض من طموحات جلالة الملك لتحسين مستوى المعيشة وتحسين الأوضاع الاقتصادية والتعاون مع دول شقيقة، مثل مصر، التي تجمعنا بها أعمق عرى وأواصر الأخوة والتعاون بين بلدينا، بدءا من العلاقة بين جلالة الملك والرئيس عبد الفتاح السيسي، وحكومتينا، وأبناء شعبينا الأردني والمصري، ونسير فى هذا الاتجاه بخطى حثيثة.
إن الإرادة السياسية للبلاد في ظل حكم الهاشميين منذ التأسيس تؤكد أن قضية التنمية الاجتماعية والاقتصادية هي واحدة من الهموم الأساسية التي يعطيها جلالة الملك اهتماما خاصا، بهدف التغلب على المشاكل والأزمات وضمان مستوى معيشى لائق للمواطن الأردنى ويكفي القول هنا: إن هذا النظام- دولة وكيانا- استمر لمائة عام، بينما تعرض آخرون لقلاقل لم تصيبنا رغم إمكانيات الدولة الضعيفة اقتصاديا، لذلك فإن مشروع الهاشميين “المشروع القومي العربي”، الذي يحملونه يهدف إلى تحقيق الخير في هذا المحيط العربي، ذلك أن الخير الذى يصيب جارك، حتما سيعود عليك، وهذه هي المعادلة التي حكمت فكر صاحب الجلالة، الذي يعمل بجد وإخلاص، حاملا هموم شعبه واشقائه في المحيط العربي الكبير.
– هذا يدعوني إلى السؤال عن موقف الأردن من التحديات التي تواجه الأمة؟.
* نحن دوما مع استقرار وأمن هذه الأمة ودولها جميعا.. الأردن قاسم مشترك بين الجميع، وسياسته تعمل على تضميد الجراح، وتوحيد الصف العربي في مواجهة التحديات التي تواجهنا جميعا، والأردن كان وسيظل سباقا فى الوقوف مع الأقطار العربية المختلفة، وعندما قامت الثورة المصرية في 30 يونية 2013 وانحاز الجيش للشعب، كان الأردن ملكا وحكومة وشعبا في طليعة الداعمين لهذه الثورة، وكان جلالة الملك عبد الله، أول من زار مصر ليؤكد دعم الأردن لاشقائه، وذلك إيمانا بموقفنا الثابت والمبدئي في رفض التطرف الفكرى والديني الدخيل على موروثنا الثقافي العربي وقيمنا الإسلامية.
– لكن مدارس التطرف متعددة وتسعى إلى التغلغل فى صفوف أبناء الأمة؟.
* هذا يقتضي أن نعرف من يشكل عدو هذا النموذج الوسطى وتعريف هذه المخاطر، ونحن في ذلك نتعاون مع مصر ودول مجلس التعاون الخليجي والعديد من البلدان الأخرى، ونعمل معها لغايات إعلاء شأن هذا الخطاب الجامع والضروري الذي يدافع عن صحيح الدين، الذي سعى المتطرفون إلى تشويهه واختطافه من خلال مدارس التطرف والغلو، والزعم بأن الدين لا يقبل التنوع، وهو كلام غير صحيح، ذلك أن ديننا الحنيف يحترم ثقافة الاختلاف ضمن إطار سلمي وحضاري سبق الكثير من الشرائع الدولية، ومن بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعبر عن كثير من القيم التى تعلمناها من ديننا، بما يعكس حقيقة الإسلام الصحيح، الذي ينبذ التطرف والتكفير.
– ولكن كيف كان تأثير أحداث الربيع العربي على الأردن؟.
* رغم ما تعرضنا له من جملة التحديات الكبيرة بدءا من 2011 والتي وقعت خارج البلاد، لكن آثار هذه الأحداث وجدت تعبيراتها في الأردن من خلال انعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتعددة، ومن بينها أزمات اللجوء المتكررة من دول الجوار، وكان الأردن رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة يفتح أبوابه ويحتضن الأشقاء اللاجئين، مستندا إلى الموروث الهاشمي والأردني، باعتبار هذا البلد يرث فكر الثورة العربية الكبرى، بالرغم من أن هذا يتم على حساب وإمكانيات البلد المحدودة.
ورغم أن هذا البلد وشعبه من أغنياء النفوس، ورغم أن هذه الأزمة أفضت إلى ضيق فى سبل العيش، ومع ذلك ظللنا، ولا نزال متمسكين بقيمنا ومبادئنا المعروفة منذ زمن طويل والتي حرصت الأسرة الهاشمية وجميع أبناء الشعب الأردني على التمسك بها.
– مؤخرا عقدت فى القاهرة قمة ثلاثية بين الرئيس السيسي وجلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس.. هل من جديد فى هذا الأمر؟.
* قطعا كانت هذه القمة معنية بالأساس بالبحث عن موقف مشترك بين القادة الثلاث يكون منطلقا للتحرك الإقليمي والدولي، خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها القضية الفلسطينية في الفترة الأخيرة، خاصة وأن هناك توافق كبير في الموقف إزاء الرؤية المطروحة، وهنا أود أن أؤكد أن الأردن يرى أن حل الدولتين هو الحل الذى بمقتضاه تتحقق المطالب المشروعة، ومنها: حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على ترابه الوطني، وقيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها “القدس الشرقية”.
– ولكن دولة الإحتلال تسعى إلى تغيير الوضع التاريخي للقدس؟.
* نحن سوف نستمر فى دورنا والتأكيد على مواقفنا المبدئية بصرف النظر عن أي اعتبارات لتغيير الوضع التاريخى للقدس وللمسجد الأقصى، انطلاقا من الوصاية الهاشمية والتي تولاها جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي يؤكد على هذا الدور في كافة المحافل والذى يتولاه نيابة عن أشقائه العرب والمسلمين والمسيحيين فى الإشراف على المقدسات الدينية.
– قمتم بزيارة إلى مصر في فبراير الماضي وعقدتم اجتماعات مشتركة مع الحكومة المصرية.. إلى أين وصلت أعمال اللجنة المشتركة بين الجانبين؟.
* بالفعل، التواصل بين البلدين شبه يومي، ونحن لدينا مع مصر أولويات مهمة في التنمية والتنسيق الاقتصادي والاهتمام الاستراتيجي بالتعاون مع العراق الشقيق، حيث تأخذ أشكال التعاون المشترك طابعا مؤسسيا من خلال القمم التي بدأت فى القاهرة ثم تلتها قمم أخرى حتى أصبح لدينا الآن آلية وسكرتارية في الدول الثلاث، وهي آلية طموحة تحدد التعاون فى مجالات الطاقة والاستثمار وتعظيم المشتركات والبناء عليها.. وقال: نحن نرحب بانضمام أي من الأشقاء إليها.
– وماذا عن أنبوب النفط؟.
* بالفعل، تم تحديد بعض المشروعات الاستراتيجية ومن بينها: أنبوب النفط الذي يصل من العراق إلى الأردن، ثم إلى مصر، علاوة على المنطقة الصناعية التى ستقام على الحدود الأردنية- العراقية، قريبا، والتي ستعود بالفائدة على مصر والجميع.
وقال: إن التنسيق يشمل أيضا مشاريع المقاولات وإعادة البناء فى العراق الشقيق وتحقيق المنافع للدول العربية وشعوبها، على قاعدة الربح المشترك للدول العربية المشاركة.
– دعني اسألك عن تطور العلاقة بين الأردن ودول الخليج.. هل هناك إشكاليات تعوق هذه العلاقة؟.
* بالعكس تماما، العلاقة بين الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي علاقة متميزة تماما، كما أن من الثوابت الأردنية أن أمن واستقرار وسلامة أشقائنا جزء لايتجزأ من منظومة الأمن العربي، وكذلك نظرتنا إلى مصر، التى تشكل جزء أساسيا من الأمن القومى العربي، سواء ما يتعلق بالتهديدات ذات الطبيعة العسكرية، أو الأمن الاقتصادي المتعلق بالعلاقات التي تجمع هذه الدول كافة، ومن هنا نستطيع القول: إن علاقاتنا بدول مجلس التعاون الخليجي يسودها التعاون والتفاهم المشترك فى كافة المجالات، وهى الأمور والتي سبق أن أكد عليها جلالة الملك، في أكثر من مناسبة، وأكثر من لقاء.
– أنبوب الغاز الذى جرى الاتفاق على توصيله إلى لبنان.. أين وصل الآن؟.
* لقد جرى عقد اجتماع فى عمان مؤخرا، حضره مسؤولون ومتخصصون من مصر والأردن وسوريا ولبنان، ويجرى الآن وضع توصياته وآلياته موضع التنفيذ لصياغة وصول الغاز إلى لبنان لتحقيق احتياجاتهم من الطاقة، خاصة وأن لدينا قناعة جميعا بأننا في مركب واحدة واستقرار لبنان وأمنه وسلامته هو هدف استراتيجي لنا جميعا، من منطلق الحرص والنأي به عن الأزمات والمشاكل.
– أخيرا.. ماذا عن موقف الأردن من الإدارة الأمريكية الجديدة ورؤيته لمسارها تجاه قضايا المنطقة، وفى المقدمة القضية الفلسطينية؟.
*تربطنا بالولايات المتحدة علاقات تاريخية استراتيجية، وذلك بغض النظر عن الحزب الذى يحكم، سواء كان الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري، وتأتي أهمية علاقات بلدنا بالولايات المتحدة من كونها تدرك الأولويات المشتركة، والمناطق التى نختلف فيها في إدارة بعض التفاصيل، وتفهم الخصوصيات.. وجلالة الملك له صداقة وعلاقة قديمة بالرئيس “بايدن”، وهو أمر يعطي دفعة لهذه العلاقات للمضي قدما إلى الأمام والتفاهم حول الملفات والقضايا المشتركة..
ولا شك أن هذه الإدارة الأمريكية الجديدة تميل إلى العمل الدولي متعدد الأطراف فى مختلف مقارباتها مثل العراق واتفاق “باريس المناخي”، وغيرها، مرورا بالعمل فى مقاربات بعض التحديات والاشكاليات التى تهدد السلم والاستقرار، وهذه المنهجية فى مقاربة التحديات تأتي من خلال الدبلوماسية والحوار لتصل إلى كافة القضايا الشائكة، مما يجعل هذه العلاقة الاستراتيجية “علاقة ميسرة”، ونستطيع أن نستفيد، ونوظفها لصالح قضايانا، وفى مقدمتها “القضية الفلسطينية”، وضرورة التوصل عبر المفاوضات إلى حل الدولتين، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وضمان إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها “القدس الشرقية”.
انطلاقا من الوصاية الهاشمية والتي تولاها جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي يؤكد على هذا الدور فى كافة المحافل والذي يتولاه نيابة عن أشقائه العرب والمسلمين والمسيحيين في الإشراف على المقدسات الدينية.