بقلم الدكتور: علي منعم القضاة
قصور الفهم فيما يسمونه بزواج القاصرات
أعطى الإسلام المرأة حقوقها الكاملة، وكرمها، ورفع من مكانتها، فقد أعلن المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الإنسانية، وأعطاها حقوقها الشخصية؛ ورفع الإسلام الظلم الذي كان يقع على المرأة في الجاهلية، وكفل لها حياة كريمة في جميع مراحل حياتها بنتاً، وزوجةً، وأماً.
وقد كَثُر اللغط حول زواج القاصرات، وكأن الإسلام فقط يتعلق بأحكام زواج القاصرات، وكأن مكانة المرأة السامقة في الإسلام، ينقص منها زواج فتاة في سن مبكرة، ويتهمون الإسلام بذلك، ويتغابون عن كل ما يجري في الغرب، ولا يمكن أن يذكروا أن بعض دول الغرب التي يقدسونها؛ تسمح بالممارسة الجنسية بموجب القانون في سن الـ(12)، سنة فقط.
لعمري هذا هو الخواء الفكري؛ بل والعقلي، والتنطع بما لا يدركون من حقيقة الدين. فهل تتساوى جميع بلدان العالم من حيث البنية الجسدية، وحتى الظروف المناخية التي لها دور في نضوج الإنسان، وبروز معالمه الجسدية، والفطرية؟ هل يتساوى بالسن سكان المناطق الاستوائية، مع المناطق الباردة أو القطبية.
أمريكا وكندا منتهى أملكم، وغاية أحلامكم
العديد من دول العالم تقبل بإقامة علاقات جنسية، في مراحل عمرية مبكرة؛ ما بين سن (12) عاماً، و(17) عاما، فما قول المتحررين والمتنورين والمتفيهقين في ذلك؟!، ففي كندا فإن سن الزواج القانوني، هو (16) سنة، وقد يصل لـ(15)، في حال الحصول على موافقة القاضي! ولكن قانوناً عجيبا موجود في كندا يسمح لأبناء الـ(12) سنة، والـ(13) سنة؛ أن يمارسوا الجنس خارج اطار الزواج بشرط أن يكون الفرق في السن بين الطرفين أقل من عامين! مما يعني أن ابنة الـ(12) عاماً، في كندا مصرح لها قانونياً أن تدخل في علاقات جنسية!!!!! وهذه الجزئية في القانون الكندي تسمى (close-in-age-exception) ونصها بالانجليزية:
There is also a "close-in-age" exception for 12 and 13 year olds: a 12 or 13 year old can consent to sexual activity with another young person who is less than two years older and with whom there is no relationship of trust, authority or dependency or other exploitation of the young person.
كما يعتبر سن الزواج في بعض الولايات الأمريكية هو (13) سنة! نعم (13) سنة بموافقة الولى والقاضي! أكرر، لأن التكرار بعلم "الشطار" سن (13) سنة! ومن هذه الولايات: نيوهامبشاير، ومينيسوتا، وكونيتيكت مثلا! لكن سن الزواج بموافقة الوالدين هو (16) سنة في معظم الولايات! ويصبح السن (15) سنة إن حصل الوالدان على موافقة القاضي بجانب موافقتهما!
Under current North Carolina law, children as young as 14 can get married if they become pregnant and if a judge allows it. Otherwise, children can wed as young as 16 with parental permission.
أوروبا قبلتكم فما هي حجتكم
تحدد السلطات في العديد من البلدان الأوروبية؛ سن الموافقة القانونية على العلاقة الجنسية بسن (14) عاما؛ مثل: النمسا وبلغاريا واستونيا وألمانيا وهنغاريا وإيطاليا والبرتغال، وحتى في الفاتيكان يسمح للإناث بالزواج في سن (14) بموافقة الوالدين!
دول أخرى مثل: بولندا وجمهورية التشيك ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وكرواتيا واليونان، حددت سن الرضا بـ(15) عاماً، أما السويد فقد قامت بسن تشريع وتقنين (إلغاء تجريم) النشاط الجنسي مع نفس الجنس منذ عام (1944). كما وأقرت فرنسا قانوناً رفعت فيه سن ممارسة الجنس إلى (15) عاماً، وقد كان سن الاختيار لإقرار القانون بين (13-15) عاما، لكنهم اختاروا السن الأعلى (15)، أي أن الممارسة الجنسية كان مسموح بها في عمر أقل من ذلك بكثير.
وفي الفاتيكان، وسويسرا، وبلجيكا وليتوانيا ولاتفيا وهولندا وبريطانيا، واسكتلندا، والنرويج، وفنلندا، ولكسمبرغ، فإن سن الزواج هو (16) عاماً. وفي إسبانيا رفعت الحد الأدنى لسن الزواج وممارسة العلاقات الجنسية إلى (16) عاما، بعد أن كانا (14) عاما، و(13) عاما على التوالي.
هناك بلدان أوروبية ترى أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن (17) سنة؛ هم وحدهم الذين يمكن أن يوافقوا على ممارسة الجنس، مثل: إيرلندا وقبرص؛ وفيها يحدد القانون السن الذي يمكن للمواطن أن يوافق فيه على العلاقة الجنسية بـ(17) عاما.
جذور الإرهاب علمانية
تمارس العلمانية الإرهاب الفكري، وتحاول الحجر على عقولنا، وتستخدم كل أساليب الدجل والكذب والتدليس، والشواهد أكثر من أن تُحصى، كيف كانت تركيا زمن العلمانية، وأين أمست بفضل الله، ماذا تفعل العلمانية في فرنسا، هل تمنع أي فتاة يهودية من أي يكون القرط (الحلق) في أُذنها على شكل نجمة سداسية، تعبيراً أو رمزاً لدينها، أم تمنع فتاة مسيحية من أن يكون العقد في جيدها على شكل صليب. بكل تأكيد لا يوجد ما يمنع، ولكن الفتاة المسلمة تمنع من ارتداء الحجاب، غطاء الرأس، في الأماكن العامة، ويفرض عليها غرامة مالية إن أصرت على التمسك بدينا وبحجابها، هل رأيتم ممارسات الإرهاب العلماني، أيها المغفلون (العلمانيون) العرب؟؟!! شيلوا نظارة حقدكم الدفين عن عيون الحق والحقيقة، الدين عنوان الحضارة، والابتعاد عنه هو التخلف والخواء والغباء.
الأردن مثالٌ يُحتَذى
لا تحدد العديد من الدول في العالم سن أدنى للزواج، ومنها من يجيز العلاقات الجنسية في مراحل الطفولة. وينبغي القول إنه لا يوجد أي اتفاق، أو معيار دولي يحدد سن للزواج بـ(18) عاماً، كما يدعي من يطالبون بعدم زواج البنت قبل هذه السن. حتى إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يقدسه من يرون الدين مشكلة في حياتهم، ويقدمون نصوص الإعلان، على نصوص القرآن؛ ينص إعلان حقوق الإنسان على البلوغ، وليس سن الرشد، ويعتبر أن الزواج حق لمن بلغ وليس الرشد.
إن الأردن من الدول التي تحدد سن أدنى للزواج الرسمي، بـ(18) سنة، وتشترط توثيق الزواج، بل وتجرم الزواج دون هذا السن؛ حفظاً للحقوق وضماناً للمصلحة، وإذا صارت حاجة إلى زواج في سنٍ أصغر، فإن الأمر يتطلب إجراءات رسمية طويلة، وموافقات ومبررات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن المتفيهقون من أبناء جلدتنا لا ينظرون إلى سلبيات تأخير سن زواج المرأة على المجتمع، وإلى نسب العنوسة التي تتزايد يوما بعد يوم، وإلى أي من المضار الاجتماعية بسبب هذا التأخير.