بقلم الدكتور علي منعم القضاة
القراء الأعزاء أسعد الله أوقاتكم بكل الخير، حيث كُنتُم، وحيث بِنتُم، نتذاكر سويا في شذراتي العجلونية، ففي كل شذرة منها فكرة في شأن ذي شأن، ننطلق من عجلون العنب والذهب، عجلون الحب والعتب، لنطوف العالم بشذراتنا، راجياً أن تروق لكم.
شيلي ها النظارة لنشوف عيونك
هناك، أُناس من بني جلدتنا، يتسمون بأسمائنا ويعيشون بيننا، وهم يلبسون نظارة سوداء قاتمة، لا يمكن أن ينظرون إلى الدين، بمفهومه الصحيح؛ لأن فهمهم قاصر، أو لأنهم عانوا من بعض ممارسات الجهلة، وأرادوا عن سوء نية أو جهل منهم، أن يلصقوا ما وجدوه بالإسلام وبالثقافة العربية والإسلامية، فلو أن إعصاراً ضرب البلاد، لكان السبب هو الإسلام السياسي، والثقافة المتحجرة، ولو ارتفعت أسعار المحروقات بسبب فساد الحكومات، لكن السبب إقحام الدين بشؤون الدولة، ولو اتسع فتق ثقب طبقة الأوزون؛ لكان السبب الأحزاب الدينية، والإسلام السياسي، أما آن لكم أن تقلعوا نظارتكم السوداء عن بصيرتكم، وتعودوا للإسلام كما جاء، وتعرفوه كما يعرفه الآن أبناء الغرب الذين يقبلون عليه، فلا يكن فهمكم قاصراً ولا مقتصراً!! أم على قلوب أقفالها؟
أنا أكتب إذن أنا موجود
لا أُراني أُجافي الحقيقة، إن قلت أن بعض الناس يكتبون حتى ما ينساهم الزمن، فيجدون من يطبل ويزمر دون أن يفقه شيئاً، وخاصة إذا ما تعلق الأمر بالتهكم على الدين، والتهجم على المتدينين؛ بالرغم من أنه مصطلح غير محبوب عندي، إذ إنه واجب على كل مسلم أن يكون متمسكاً بكل تعليمات دينه، ولا أقصد أولئك الذين لا يفقهون من الدين شيئا، ولو أطلق لحيته، وتقلد سبحته، بل ربما يسيئون للدين بتصرفات لا دينية. إني أرى رؤوساً جوفاء، منفوخة بكلام فارغ، ونفوساً مهزوزة، مهزومة لا هَمّ لها إلا الدين والتدين والمتدينين، فقد وصلنا ذروة العلم، ومنتهى الديموقراطية، ولا يقف أمامنا عائق إلا أن يقال أن الدين سياسة، وأن السياسة دين، وربما هم السبب وراء انسلاخ بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.
لست أدري غير أني لست أدري
يضحكون على أنفسهم أنهم مستنيرون، وتنويريون، وحداثيون، وأنهم صنف مختلف عن باقي البشر في بلدانهم، لكن الصحيح هي الإجابة هي (د)؛ أي لا شيء مما ذكر، كما نضعها لطلبتنا في الأسئلة الاختيارية. لا بل ويتهمونك إذا تحدثت عن الدين، أو قلت في تعليقك السلام عليكم بدلاً من "هاي" بالتزمت، ويتهمونك بالإقصاء إذا ما خطر لك أن تقرن الدين بالسياسة، متبجحين أنه لا سياسة في الدين، ولا دين في السياسة، الدين عندهم فقط في دور العبادة. أبواقهم تتعالى، وطبولهم الجوفاء هي التي تُقرع، ولعل أفشل الأشياء أجهرها صوتاً، وأعظمها جثة.
تخلف ورجعية
لا يجد من يظنون أنفسهم متحررون، أو متفلتون، غضاضة في أن يحمل ترامب إنجيلا، ولا أن يصطحب معه قائد الجيش إلى الكنيسة، عندما كانت حربه الأولى على أفغانستان، والتي خرج منها خائبا وجميع من خلفه في الرئاسة؛ وليس هناك من حرج أن يعلن بوش؛ بأنها الحرب الصليبية وقد عادت من جديد، وليس من عيب من وجهة نظرهم القاصرة؛ أن يُحْضِر بوتين قساوسة ليباركوا له غزو سوريا، (بوش، وبوتين، وترامب) لا يقومون بأفعال دينية، بل هذه مجرد تصرفات شخصية؟ ولكن رئيس دولة عربية، أو إسلامية، إذا أظهر أي نوع من التدين؛ فهو رجعي ومتخلف، من وجهة نظرهم الجوفاء، أو العمياء. الارتكاز على الدين في بلاد الغرب خط أحمر لا يمكن تجاوزه، في دساتيرهم قاطبة، ولكن المطلوب من العرب والمسلمين ألا يكون دينهم عندهم عزيزاً، ولبلاد الغرب أن يرفعوا من شأن دينهم، ولكن ليس من حقك أنت في بلاد المسلمين؛ أن تفعل لأنها تعدُ رجعية.
قصور الفهم فيما يسمونه بزواج القاصرات هو موضوع الشذرة القادمة
*أستاذ مشارك في الصحافة والنشر الإلكتروني