د. خالد ابو ربيع*
لا شك بأن الحكومة خطت خطوات حثيثة خلال الاشهر الماضية وعملت خلالها على تشخيص الوضع الاقتصادي نتيجة لسياسات سابقة ليس للحكومة الحالية دورا فيها واستجابة إلى توجيهات جلالة الملك بضرورة الإسراع في تحريك العجلة الاقتصادية لتنعكس إيجابيا على حياة المواطنين تقدمت الحكومة باولوية برنامجها لتحفيز الاقتصاد إلى جلالة الملك وهنا سوف اتطرق إلى موضوع الاستثمار وهو الأساس في تحريك عجلة النمو الاقتصادي، والوسيلة الوحيدة القادرة على تحقيق النمو الاقتصادي واستبعاب الارتفاع المستمر والمتزايد لإعداد الخريجين والتقليل من نسبة البطالة ولتحقيق ذلك لابد من تشجيع استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وذلك من خلال تحفيز بيئة الاستثمار وتمكين الذراع التنفيذي الرئيسي له وهي هيئة الاستثمار حتى تتمكن من القيام بمهامها وقادرة على ممارسة دورها الحقيقي.
ولذلك سوف اتناول هذا الموضوع وبكل صراحة في بعض الأمور التي تخص الاستثمار وهي المرة الأولى التي اكتب بشكل علني عن هذا الموضوع تزامنا مع اعلان الحكومة عن برنامج أولوياتها في الانعاش الاقتصادي. وسوف أتطرق وباختصار إلى اهم الأسباب التي ساهمت في تطفيش الاستثمارات القائمة وعدم القدرة على استقطاب استثمارات جديدة خلال الخمس سنوات الماضية الا وهو وبشكل اساسي قانون الاستثمار حيث كان له الاثارالسلبية وبشكل مباشر على النمو الاقتصادي خلال الخمس سنوات الماضية حيث الفترة التي سبقت سريان العمل بقانون الاستثمار تعتبر الذرة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية المباشرة وقد بدأ حجم الاستثمار يرتفع تدريجياً حتى وصل إلى الذروة عام 2014 حيث بلغ صافي الاستثمار الأجنبي 1487.5 مليون دينار وبعد نفاذ قانون الاستثمار تراجع صافي الاستثمار مما أثر على نسبة تطور معدل النمو الحقيقي التي بلغت عام 2014 (3.4) وتراجعت بعد ذلك إلى مستوى غير مسبوق، وكذلك عام 2014 انخفظت نسبة البطالة حتى أصبحت 11.9٪ وارتفعت بالتدريج حتى أصبحت عام 2021 (25٪).
ولذلك فان البرنامج الاقتصادي الطموح للحكومة لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار إجراء تعديل سريع على قانون الاستثمار الحالي حيث ان
هذا القانون تضمن عدد من المواد التي ساهمت في الحد من قدرة هيئة الاستثمار على تقديم الخدمات المباشرة للمستثمر كما كانت متاحه في قانون المناطق التنموية وقانون تشجيع الاستثمار اللذين كانا ساريان قبل 22/10/2014 حيث كان الاستثمار في قمة أوجه وذلك لسهولة تطبيق قانون المناطق التنموية من خلال مجلس المفوضين وفي تلك الفترة استطعنا استقطاب العديد من الاستثمارات السياحية في منطقة البحر الميت وتم انشاء المنطقة التنموية في عجلون واستقطبنا لها مشاريع سياحيه وكذلك وافقت الهيئة على عدد من المشاريع المتعلقة في قطاع الطاقة المتجددة وكذلك صناعات مختلفة احتضنها المدن الصناعية ولكن مع تطبيق قانون الاستثمار غادرت معظم هذه المشاريع الاقتصادية إلى دول الجوار للأسف.
أن قانون الاستثمار قد تضمن مجموعة من المواضيع قد ساهمت بشكل مباشر في تعطيل الاستثمار ومن اهمها:-
1- وجود ١٧ نظام ملحق بالقانون و٣٥ من التعليمات.
2- مواد كثيره ومبهمه وغير مفهومه ولايمكن لأي قانون استثمار ان يجمع ضمن أبوابه كل باب منفصل عن الاخر مثال باب الاعفاءات المتعلقة بالمناطق التنمويه وله أنظمة وباب لاعفاءات خارج المناطق التنميه وله انظمة وهذا تشويه للاقتصاد لا يمكن لأي بلد تنجح في هكذا سيناريو.
3- تداخل بين عمل الهيئه والجهات التنظيمية الأخرى مثل البلديات والامانه والبيئه.
4- العمل بالانظمه التنظيمية في البلديات وتضارب بالقرارات فالبلديات تصدر رخص مهن والهيئه تصدر رخصه مهن.
5- النافذه والمفوضين عبء على الهيئه فلايمكن اصدار اي رخصه او موافقه من النافذه بشكل مباشر وهو سبب وجودها بالأصل.
6-المطور أصبح وكأنه مسؤول عن واجبات الهيئه والاساس في المتطور يلتزم بالتطوير وليس الحصول على اعفاءات وتقاضي رسوم.
7- تعطيل نظام الحوافز الضريبية وهي التي وضعت اصلا لتمكين المستثمر من الاستمرار وإعطاء الأردن قدرة تنافسية مع دول الإقليم.
8- تعطيل الاعفاء التلقائي داخل وخارج المناطق التنموية.
9- تعطيل قرارات مجلس الوزراء ضمن الماده( ٨) التى أعطت الهيئه قوه ومنحتها مزيد من الصلاحيات ولضعفها أصبحت غير قادره على اتخاذ القرار المسرع للعملية الاستثمارية.
10- مخالفة قانون الاستثمار بتشكيل لجان متعدده ومشتركة عطلت تنفيذ مواد القانون وخدمة المستثمر.
قانون الاستثمار حد من قدرة هيئة الاستثمار وهي السلطة التنفيذية المخولة بتطبيق القانون في استقطاب استثمارات جديده وكذلك القدرة على المحافظة على الاستثمارات التي تم استقطابها قبل نفاذ قانون الاستثمار. وبالمقارنة مع قانون الاستثمار المصري وايضا قانون الاستثمار التركي نجد هناك اختلاف كبير والدليل هجرة الكثير من الاستثمارات التي كانت في الأردن إلى مصر وتركيا.
الاستثمار لايمكن أن يتقدم الا بتعديل شامل لقانون الاستثمار وكذلك إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بادارة الاستثمار ووجود ادارة قوية هدفها خدمة المصلحة العليا للوطن قبل كل شيء.
*رئيس هيئة الاستثمار الاسبق