مدار الساعة - على الرغم من أن عدد السكان في العالم يزداد باستمرار، فإن تلك الزيادة ليست ثابتة في كل دول العالم. شهدت بعض الدول، خاصة في إفريقيا، زيادة ضخمة في عدد السكان، إلا أن دولاً أخرى في أجزاء أخرى من العالم، أوروبا تحديداً، شهدت انخفاضاً في عدد السكان. وتوقع الخبراء أنه بحلول عام 2100 سيستقر عدد السكان في العالم ويتوقف عن الزيادة أخيراً.
يتنبأ تقرير نُشر في المجلة الطبية The Lancet من باحثين في معهد القياسات الصحية والتقييم التابع لجامعة واشنطن، أنه من المتوقع أن يبدأ عدد السكان في الانخفاض بحلول عام 2100 في كل بلد تقريباً حول العالم.
نظرت الدراسة الجديدة في التوقعات السكانية حتى عام 2100 لـ195 دولة. وفقًا لنتائجهم، من المتوقع حتى أن تشهد بعض البلدان انخفاضاً في عدد سكانها إلى النصف. كما أنه من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 8.8 مليار تقريباً بحلول عام 2100، بعد أن يبلغ ذروته حوالي 9.7 مليار في عام 2064.
انخفاض عدد السكان
لمعرفة أسباب انخفاض أعداد السكان في بعض الدول دون غيرها وماذا ينتج عنه وتفاصيل أكثر عن هذه الدول، تابع معنا هذا التقرير.
ما الذي يسبب انخفاض عدد السكان؟
تعود أحد العوامل الرئيسية في هذا الانخفاض المتوقع من تقديرات الباحثين لانخفاض معدلات الخصوبة حول العالم. قدر الباحثون أنه بحلول عام 2100، من المتوقع أن يكون متوسط معدل الخصوبة حوالي 1.7 طفل لكل امرأة، وهو أقل بكثير من 2.1 طفل، اللازم للحفاظ على استقرار السكان بمرور الوقت.
ويتوقع التقرير السابق أنه بحلول عام 2050، ستنخفض معدلات الخصوبة في الـ151 دولة من أصل 195 التي نظر فيها الباحثون إلى مستوى أقل من 2.1. وبالتالي يمكن أن يشكل انخفاض النمو السكاني وشيخوخة السكان تحديات لبعض البلدان، وفقاً لموقع Business Insider.
كما يمكن أن تتسبب عوامل مثل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وارتفاع معدلات الجريمة والحروب وارتفاع معدل الهجرة الصافي وانخفاض معدلات المواليد والاضطهاد العنصري والفقر والبطالة والكوارث الطبيعية والظروف المناخية القاسية، في أن تواجه الدولة معدلا سلبياً لنمو السكان.
تقع غالبية الدول التي تعاني من الانخفاض السكاني في أوروبا
إن دولاً أوروبية عديدة مثل لاتفيا وبلغاريا وكرواتيا (المراكز الثلاثة الأولى) والتي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي، واجهوا انخفاضاً في عدد السكان. أصبحت تلك الدول مستقلةً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي (1988-1991). ومع ذلك، عانت تلك الدول بشدة لأنهم لم يتمكنوا من التكيُّف مع التغيّرات الاجتماعية والسياسية بما فيها التحول إلى الاقتصاد الحر والديمقراطية. وبعد وقت قصير، سيطرت أزمات البطالة وأزمات أخرى اقتصادية واجتماعية على تلك الدول فدفعت شبابها إلى الهجرة باحثين عن فرصٍ أفضل في دولٍ أخرى. وشهدت تلك الدول أيضاً ارتفاعاً في معدل الوفيات بين الرجال بسبب ارتفاع الضغوط المصاحبة للصعوبات الاقتصادية وارتفاع معدلات التدخين وإدمان الكحوليات. اشتركت كل تلك العوامل لتسبب انخفاضاً في عدد السكان في تلك الدول.
في دولٍ أوروبيةٍ أخرى مثل إيطاليا والبرتغال، الدول التي لم تكن جزءاً من الاتحاد السوفييتي، تسبب انخفاض معدلات الخصوبة والكساد الاقتصادي في انخفاض معدلات المواليد وارتفاع معدلات الهجرة إلى دول أخرى.
دولٌ من بقاع أخرى في العالم تعاني من انخفاض في عدد السكان
اليابان
اليابان هي الدولة الآسيوية الوحيدة التي ينخفض فيها عدد السكان. يكمن السبب الرئيسي الذي يؤدي إلى انخفاض عدد السكان في اليابان في انخفاض معدلات الخصوبة، وفقاً لموقع Japan Times. شهدت اليابان انخفاضاً تاريخياً في معدلات الخصوبة بنسبة 1.26 طفل لكل امرأة في 2005. وتسببت عوامل أخرى في انخفاض معدلات الخصوبة في اليابان مثل انخفاض عدد الزيجات والزواج المتأخر وارتفاع مشاركة المرأة في القوى العاملة وارتفاع عدد بيوت الأسر الأولية وارتفاع تكاليف المعيشة.
كوبا
تدخل كوبا القائمة من أمريكا الشمالية، وهي الممثلة الوحيدة عن القارة. يُقدر أن عدد سكان كوبا سيقل مليون نسمة تقريباً بحلول عام 2025. تشمل العوامل التي دفعت إلى هذا التحول الديمغرافي، انخفاض معدلات المواليد والخصوبة وارتفاع معدلات الهجرة. في كوبا أيضاً، نسبة السكان المسنين هي الأعلى بين دول أمريكا اللاتينية.
ناورو
إن ناورو، الدولة الجزرية الأوقيانوسية، لها تاريخها الخاص. فبعد استقلالها في 1968، كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد من بين الأعلى بين دول العالم. وحافظ مخزونها الغني بالفوسفات على ازدهار اقتصادها. على الرغم من ذلك، مع نفاد مخزون الفوسفات وغياب مصدر دخل بديل ومستقر، تدهور اقتصاد ناورو سريعاً وقاربت على الإفلاس. فدفع هذا الكساد الاقتصادي السكان إلى الهجرة بحثاً عن فرص معيشية أفضل، ما أدى إلى انخفاض عدد سكان ناورو.
تأثير انخفاض عدد السكان السلبي والإيجابي
حتى لو بدا أن عدد السكان الأقل قد يكون مفيداً لدولة ما، إلّا أن الحال ليس هكذا دائماً. يمكن أن يشكل انخفاض النمو السكاني وشيخوخة السكان تحديات لبعض البلدان. هذه التحولات السكانية لها عواقب اقتصادية ومالية ستكون صعبة للغاية. والانخفاض في أعداد البالغين في سن العمل وحده سيقلل من معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي.
على الرغم من أن انخفاض عدد السكان قد يؤدي إلى بعض التحديات، فإنه يعكس أيضاً تحسينات في وصول النساء إلى التعليم والرعاية الصحية. على سبيل المثال، لاحظ الباحثون أنه في البلدان التي ترتفع فيها معدلات الخصوبة، كما هو الحال في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كان معدل الانخفاض هذا مدفوعاً إلى حد كبير بالتحسينات في الوصول إلى التعليم ووسائل منع الحمل الحديثة. ومن المتوقع أن يكون معدل الخصوبة أقل من 1.7 طفل لكل امرأة، بمعدل 1.4 طفل لكل امرأة. وذلك إذا حصلت جميع الإناث على 16 عاماً من التعليم وحصلت 95% من الإناث على وسائل منع الحمل.
بينما من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في النمو في المستقبل المنظور، ينتظر الأمريكيون وقتاً أطول لإنجاب الأطفال، مما يشير إلى شيخوخة السكان تدريجياً. وفقاً لتقديرات IHME الأخيرة التي نشرت في The Lancet، كان معدل الخصوبة في الولايات المتحدة حوالي 2.1 في عام 2017 ومن المتوقع أن ينخفض إلى حوالي 1.6 بحلول عام 2100.
إن التركيب السكاني هو ما يحدد صحة السكان. في معظم الدول التي ينخفض فيها عدد السكان، يقل فيها نسبة الشباب بسبب معدلات الهجرة العالية أو انخفاض معدلات الخصوبة والمواليد وبالتالي ترتفع نسبة السكان من كبار السن وهو ما يعني نسباً أقل من الشباب في القوى العاملة وهو ما يضر النمو الاقتصادي للدولة. مع وجود السكان الأكبر سناً، ترتفع الأعباء الاقتصادية إذ تزداد الحاجة إلى أن تخصص الحكومة جزءاً من الميزانية لرعايتهم. ولمواجهة تلك القضايا، تحاول بعض الدول التي تعاني من انخفاض عدد السكان إلى تعديل سياستها الاقتصادية حتى تجذب الشباب أو تقديم حوافز للأزواج لإنجاب المزيد من الأطفال.