مدار الساعة - استنكرت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بكل العبارات، قرار الحكومة القاضي بتكليف وزارة البيئة بتعديل حدود محمية ضانا، لاقتطاع مساحة من أرض المحمية بهدف التنقيب واستخراج النحاس منها”.
وفي الوقت الذي ترى فيه الجمعية أنه كان من باب أولى أن تمنح الحكومة ملف البيئة أولوية قصوى في هذه المرحلة تحديداً، إلا أن هذا القرار جاء بعكس التوقعات كما أنه مخالف للأنظمة المعمول بها حاليا.
واستغربت الجمعية القرار في الوقت الذي تعتبر فيه محمية ضانا للمحيط الحيوي أول محمية طبيعية في الأردن يدرج اسمها في المحميات الإنسان والمحيط الحيوي الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) لتعتبر من أهم المواقع الطبيعية على المستوى الدولي.
كما أن محمية ضانا للمحيط الحيوي أصبحت تعتبر من أهم المقاصد للسياحة البيئة حيث يعمل بها 85 موظفا من أبناء المجتمع المحلي في حين يستفيد من وجودها 200 عائلة بشكل غير مباشر من خلال شراء حاجيات المحمية من المجتمع المحلي واستخدام مركباتهم للتنقل وغيرها من أشكال الاستفادة غير المباشرة، كما أن قيمة منفعة المجتمع المحلي السنوية المتأتية من محمية ضانا بلغت 2.370 مليون دينار أردني، بالإضافة لوجود خطة لتطوير السياحة في المحمية لتحقيق أكبر فائدة ممكنة تصب بشكل مباشر في مصلحة المجتمع المحلي.
وشددت الجمعية على موقفها الرافض وبشكل كلي لاقتطاع أي جزء من محمية ضانا أو أي محمية أخرى، مؤكدة أنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية والتصعيدية التي يكفلها القانون الأردني لحماية الطبيعة وكل ما يعيش فوق أرض الوطن الغالي الذي يستحق منا جميعا الحفاظ عليه.
ويخالف هذه القرار نظام المحميات والمتنزهات الوطنية لعام ٢٠٠٥ القاضي بأن أي تعديل لحدود المحمية يجب أن يكون بتنسيب من وزير البيئة، وبناء على توصية اللجنة الفنية التي تنص عليها المادة الثالثة من النظام، والتي تضم الجهة المختصة بإدارة، وإنشاء المحميات الطبيعية، والمتنزه الوطني وهي الجمعية الملكية لحماية الطبيعة.
ونفت الجمعية وجود أي دليل علمي أو دراسة محايدة وعلمية تؤكد وجود كميات من النحاس في المنطقة وأن التلويح بالتعدين في المحمية ليس بجديد، بل هو أسلوب قديم جديد، وأن الجمعية شددت على رفضه منذ بداية الحديث عنه وستستمر برفضها لأي إجراء تعديني غير مدروس في المحميات الطبيعية، كما أن إحدى الشركات قامت وقبل سنوات بإجراء دراسات في المنطقة للتأكد من وجود خامات النحاس إلا أن الشركة غادرت البلاد ولم تعلن عن النتائج التي ظهر بشكل جلي أنها لم تكن مبشره.
و تؤكد الجمعية الملكية لحماية الطبيعة باعتبارها مؤسسة وطنية تعمل على حماية الطبيعة بكل مكوناتها وعلى رأسها الإنسان، فإنها حريصة كل الحرص على تحسين الواقع الاقتصادي للوطن وتحقيق الرفاه لكل من يعيش على تراب الأردن، وأنها حريصة على الاستثمار وتحسين الواقع الاقتصادي للمواطن الأردني وأنها ولم ولن تقف يوماً حجر عثرة في وجه التطور الاقتصادي، إلا أنها ترفض أن يتم التعدي على البيئة والمحميات الطبيعية وحقوق المجتمعات المحلية في الاستفادة من هذه المحميات من خلال التوظيف والبرامج الاجتماعية الاقتصادية التي تنفذ في المحميات الطبيعية، تحت عناوين الاستثمار الذي لا يقيم وزناً للطبيعة.
وشددت الجمعية على أنها تحتفظ بحقها القانوني بالطعن بالقرار الذي يخالف كافة الأنظمة المعمول بها، كما أنها تستغرب إصدار مثل هكذا قرار دون الرجوع الى الجمعية المختصة قانونياً بإدارة المحميات الطبيعية في الأردن، للأخذ باستشارتها قبل المباشرة بعملية التعديل على حدود المحمية.
وأكدت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة أن محمية ضانا، تعتبر أحد الوجوه المشرقة للوطن وقصة نجاح جبلت بعرق الأردنيين كما أنها حصلت على عدد من الجوائز المرموقة على المستويين الإقليمي والعالمي لتفردها بطبيعة ساحرة، ستتأثر بأي نشاط تعديني إذا ما تم اقتطاع جزء منها.
وتحمل محمية ضانا أهمية خاصة كما تم اختيارها مؤخرا من قبل مجلة "تايم" الأميركية العريقة، ضمن أفضل الوجهات العالمية التي تستحق الزيارة في عام 2021.
وتعتبر محمية ضانا، أكبر محمية طبيعية تقع جنوب الأردن تصل مساحتها الى نحو 300 كم2 وتضم مناظر خلابة وتضاريس متعرجة وتنوعا حيويا وذات تركيبة جيولوجية ما بين الحجر الجيري والجرانيت، مثلما تضم أودية خلابة وتمتد على سفوح عددٍ من الجبال التي ترتفع أكثر من 1500 متر عن سطح البحر وتنخفض إلى سهول صحراء وادي عربة، وتُعد المحمية من أكثر المناطق تنوعاً في الأردن من ناحية الأنظمة البيئية والأنماط النباتية مثل نمط العرعر، وتعد الأغنى فيما يتعلق بالتنوع النباتي حول العالم. حيث تحتضن أكثر من 830 نوعا نباتيا، ثلاثة من هذه الأنواع تم تسجيلها لأول مرة في محمية ضانا وحملت اسم ضانا في أسمائها العلمية باللغة اللاتينية.
كما وتضم المحمية بيت الضيافة ومخيم الرمانة للسياحة البيئية ونُزل فينان البيئي الذي يقع ضمن نطاق المحمية، وتتميز أيضاً بتنوع الحياة البرية الفريدة فيها وهي موطن للعديد من الطيور والثديات المهددة بالانقراض عالميًا كالنعار السوري والثعلب الأفغاني والماعز الجبلي، وفيها يتكاثر صقر العويسق. وتحظى المحمية بالتعداد الأكبر وطنياً وإقليمياً لطائر عصفور البحر الميت، الذي يستخدم الموائل الطبيعية في المحمية لإدامة مجتمعاته الحيوية والذي انحصر امتداده على طول حفرة الانهدام بسبب تغير الموائل والتعديات الإنسانية.
واعتبرت الجمعية أن تميز التنوع الحيوي في المحمية إرث وطني لا يمكن التفريط به، بل سيعكس صورة سلبية جداً عن الأردن في حال عدم الاكتراث لكل هذه القيم المقدرة على الصعيد الدولي وفي كل محافل المحافظة على التنوع الحيوي.