مدار الساعة - تشهد المستشفيات في تونس ازدحاما غير مسبوق بسبب الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بفيروس كورونا، حيث تظهر مقاطع فيديو وصور تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مرضى ينتظرون دورهم لتلقي العلاج في أروقة المستشفيات.
وبحسب وزارة الصحة التونسية، فقد بلغت نسبة الإشغال في أسرّة الانعاش في المستشفيات نحو 90 بالمئة. كما تعاني البلاد من نقص شديد في توفير الأوكسجين للمرضى.
"الوضع تعيس، المنظومة الصحية انهارت، الناس يموتون في المستشفيات بسبب نقص الأوكسجين"، بحسب ما قال الناشط عادل عزوني.
وأضاف عزوني، من مدينة الزهراء جنوب العاصمة تونس، في تصريحات لموقع "الحرة" أن نسبة الإشغال في المستشفيات بلغت 100 بالمئة، مشيرا إلى أن الناس حولت الملاعب إلى مستشفيات مدنية بدعم ذاتي لمواجهة الوباء.
المنظومة انهارت
من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الصحة التونسية نصاف بن علية، الخميس، إن الوضع الصحي "كارثي" في البلاد والمنظومة الصحية "انهارت" في وقت تسجّل السلطات أعداد إصابات ووفيات غير مسبوقة جراء تفشي الوباء.
وأضافت بن علية في تصريحات صحفية: "الوضع الصحي الحالي كارثي. نسق تسجيل الإصابات ارتفع بصفة مهولة والمنظومة الصحية انهارت للأسف".
وتابعت بن علية: "لا يمكن أن تجد سريرا إلا بصعوبة كبرى.. نكافح لتوفير الأوكسجين.. الأطباء يعانون إرهاقا غير مسبوق".
وحذرت من أن "المركب يغرق بنا ولإنقاذه يجب أن يتحمل الكل مسؤوليته. إن لم نوحّد الجهود ستتفاقم الكارثة".
وبحسب الأرقام المحلية، سجلت تونس قرابة 10 آلاف إصابة جديدة بفيروس كورونا و134 وفاة يوم الأربعاء، في زيادة قياسية يومية منذ بدء الجائحة مع تزايد المخاوف من ألا تتمكن الدولة من السيطرة على التفشي.
وبلغ العدد الإجمالي للإصابات منذ ظهور الوباء نحو 465 ألف إصابة بينما توفي 15735 شخصا بسبب كوفيد-19.
بينما يرى عضو اللجنة العلمية، أمان الله المسعدي، أن الوضع الوبائي في تونس صعب ومتأزم، مؤكدا أن البلاد تعيش في موجة من تسونامي من وباء كورونا.
وأضاف المسعدي في تصريحات لموقع "الحرة" أنه رغم الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات لازال الأطباء قادرين على تقديم الخدمات للمواطنين رغم الصعوبات التي تواجههم.
الوضع حرج
بدوره، قال مدير الصحة الأساسية في ولاية مدنين، زيد العنز، إنه بعد عام ونصف من تفشي الوباء أصبح الأطباء يعانون من الإرهاق، كما أصبحت المنظومة الطبية تعاني من نقص شديد في الكثير من الإمدادات.
وأضاف العنز في تصريحات لموقع "الحرة" أن الوضع الوبائي في الولاية حرج بسبب الارتفاع الكبير في عدد حالات الإصابة بالفيروس. وأشار إلى أن الولاية أصبحت تسجل أكثر من 400 حالة يومية ونحو 5 حالات وفاة، وهو رقم كبير مقارنة بالأعداد التي كانت تسجلها في بداية الوباء.
وأوضح أن نسبة الإشغال في أسرة الإنعاش في مستشفيات الولاية 100 بالمئة، بينما بلغت نسبة الإشغال في أسرة الأوكسجين نحو 79 بالمئة.
أما عن السبب في هذا الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات، قال العنز إنه على مدار عام ونصف ضاق المواطنون ذرعا بالأضرار الاقتصادية لعمليات الإغلاق وبدأت عمليات التراخي في تطبيق الإجراءات الاحترازية وارتداء الكمامة، مما أدى إلى ارتفاع الأعداد.
بينما أكد المسعدي أن السبب هو تفشي سلالة دلتا سريعة الانتشار، مشيرا إلى أن أعراضها الأولية لا تكون ظاهرة وبالتالي لا يفطن الشخص بإصابته بالوباء إلا بعد فترة يكون نشر الوباء فيها.
تعامل الحكومة "فاشل"
ولمواجهة هذه الموجة الجديدة، فرضت السلطات إغلاقا شاملا في ستّ ولايات (من إجمالي 24 ولاية).
كما حظرت الحكومة الخميس التنقل بين الولايات ومددت الإجراءات التي اتخذتها سابقا ومنها الإغلاق التام في عدد من الولايات إلى تاريخ 31 يوليو الحالي مستثناة "أنشطة التزويد بالمواد الحيوية وامتحانات الطلبة".
وبالنسبة لتعامل الحكومة مع الأزمة، قال عزوني إن "الحكومة كانت فاشلة وعاجزة في التعامل مع أزمة كورونا منذ بدايتها". وتابع: "تعامل الحكومة يشوبه فساد مادي وأخلاقي".
وأشار إلى أنه في الوقت الذي تطالب فيه المواطنين بتطبيق إجراءات الحظر، تعطي ترخيص للاتحاد العام للشغل لينظم مؤتمره بحضور 600 شخصا في إحدى القاعات المغلقة.
وأوضح أن الحكومة انشغلت بالصراعات السياسية عن الأزمة وتوفير لقاحات كورونا للمواطنين.
منذ 4 أشهر، تشهد تونس خلافا بين الرئاسيات الثلاثة، رئيس الجمهورية قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، بسبب التعديلات الوزارية. على إثرها نظمت الأحزاب السياسية المتصارعة مظاهرات عديدة شارك فيها الآلاف من أنصارهم.
وبحسب المتحدثة باسم وزارة الصحة، فإن حملة التطعيم بطيئة. فقد تلقى 4 بالمئة فقط من السكان اللقاح بالكامل من حوالي 12 مليون نسمة.
ويرى المسعدي أن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو تطبيق الإجراءات الاحترازية ومنع التجمعات مهما كان، مؤكدا أن هذه الخطوة لابد أن تتزامن مع تسريع وتيرة التلقيح في البلاد.