كتب... الدكتور غسان مدحت الخيري
لاشك أن الحراك الذي انطلق منذ 7 أشهر بإقليم الحسيمة، ولا أقول الريف بأكمله هو حراك، له جانب من المشروعية على مستوى مضمون المطالب الاجتماعية التي تمركزت حول بناء مستشفى لمحاربة السرطان؛ ملحقة أو نواة جامعية؛ التشغيل… وهي مطالب لا اختلاف حول مشروعيتها؛ بالرغم من أن العديد من المشاريع أعطيت انطلاقتها منذ تولي الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين بمحاولات تصحيح الوضع منذ زلزال الحسيمة وزيارة الملك لها وإطلاق مجموعة من المشاريع، على رأسها مشروع "الحسيمة منارة المتوسط".
ولقد تتبعت من موقعي كمواطن مغربي غيور مقيم بعاصمة المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة وسجلت عليه بعض الملاحظات أوجهها لإخواني المغاربة في الحسيمة أجملها في ما يلي:
بقدر تعاطفنا مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية، ندين كل تصرف يخرج عن الطابع السلمي وينتهي بارتكاب أفعال تقع تحت طائلة القانون داخل مسجد للعبادة.
لا معنى لرفض كل مطالب الوساطة مع الحكومة سواء منها الوزارية أو الحزبية أو النقابية أو المدنية الرغبة في اللاحل وجعل المواجهة مفتوحة مع الدولة.
حذار من خطر إذكاء نار الفتنة التي تهدد السلم الاجتماعي وقد تخرب البلاد. فقد سبق لقائد الحراك ناصر الزفزافي أن صرح في إحدى خطاباته بأن الاستعمار الإسباني أرحم من الاستعمار العروبي؛ وهو تصريح خطير يقارن المملكة المغربية بدولة الاحتلال كان يقتضي أن يعمل هو نفسه على التراجع عنه وتقديم اعتذار للمغاربة لأن منهم العربي منهم الأمازيغي ومنهم الأندلسي ومنهم الصحراوي ومنهم المورسكي… يعيشون كلهم ويحتمون بمظلة الملكية التي يستظل بها الجميع، والتي إذا سقطت لا قدر الله سيكتوي الجميع بنار الشمس الحارقة.
خطورة استغلال موجة الحراك من قبل أعداء المملكة المعلنين وغير المعلنين، داخليا وخارجيا.
نعم للحقوق لا للفوضى والإجهاض على مشروعية المؤسسات التي تشكل قاعدة عيشنا المشترك.
نعم للتظاهر ولكن تحت راية وسقف الوطن.
نعم للحراك السلمي الذي يحرك عجلة التنمية وطموحنا الجماعي ورغبتنا في التقدم والنهوض لا لأي حراك يتم تحريكه بأياد خفية غايته الجمود و التجزية والتناحر والاقتتال، والعبرة في هذا ليس بما يعتمل في جوارنا الإقليمي، بل العبرة قوية وكبيرة في تاريخنا.
وأخيرا، أؤكد أن ما يقع بالحسيمة يعد مؤشرا على حيوية ديمقراطية مغربية، فلو جرى ما جرى في العديد من البلدان المجاورة لكانت كلمة الحسم لخيار القمع والإجهاض في المهد منذ البداية، لكن المغرب اختار بطواعية ومسؤولية خيار الانفتاح الديمقراطي، وهاهو الرأي العام المحلي والدولي سيتمكن عبر وسائل الإعلام من تتبع مجريات القضية عن كثب، وسيتمكن من تقييم مجرياتها بحيادية لأننا لسنا في بلد مغلق