أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

كان السحرة وزراء ومهندسين وفراعنة أيضاً! عن السحر في مصر القديمة

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - كلنا نعرف قصة سيدنا موسى في مصر الفرعونية، مع ملك مصر الذي تحداه وجمع له السحرة ليقاوِموا معجزات النبي موسى ليثبت له الفرعون أنه مجرد ساحر. وكانت نهايتهم على يد عصا موسى التي تحولت إلى "حية كبيرة" أكلت كل الأفاعي التي سحروا بها "أعين الناس".

قد نتخيل أن السحرة في مصر القديمة كانوا "مجرد سحرة" في بلاط الملك. لكن الأمر ليس كذلك. السحرة في مصر القديمة كانوا يتمتعون بوضعٍ خاص، بل إن بعض الفراعنة أنفسهم كانوا سحرة، كما تحتفظ أوراق البردي كذلك بمهاراتٍ سحرية لدى بعض الآلهة المصرية، مثل الإلهة إيزيس في الأسطورة الشهيرة.
يعتقد عالم الآثار المصري زاهي حواس أن الفراعنة قد عرفوا السحر منذ زمنٍ بعيد، وأن معرفتهم بالسحر قد سبقت معرفتهم بالكتابة. وقد عرفوا الكتابة منذ 5200 سنة. فمنذ متى عرفوا السحر إذن؟
كانت أشهر طبقة تعمل بالسحر في مصر القديمة طبقة معينة من الكهنة اسمهم "الكهنة المرتلون". وقد كان السحر يتم تعليمه في المعابد، ولم يكن مسموحاً للجميع بتعلُّمه.
وتحفظ لنا أوراق البردي بعض قصص السحر في مصر القديمة، فهناك كاهن اكتشف خيانة زوجته مع أحد الشباب، فصنع تمساحاً صغيراً من الشمع، وانتظر حتى ينزل الشاب إلى المسبح فرمى التمساح الشمعي وتلا عليه تعويذة فتحوَّل في الحال لتمساحٍ حقيقي افترس الشاب.
ومن أشهر الشخصيات الفرعونية التي ألمَّت بعلم السحر في مصر القديمة، الوزير "إيمحوتب". وهو وزير في بلاط الملك زوسر، ومبتكر علم الهندسة المعمارية، وهو بالنسبة للإغريق مساوٍ لرب الطب عندهم. وفي القرون اللاحقة أصبح إيمحوتب شخصيةً مقدسة في الأوساط العلمية.
وهكذا، كان السحر في مصر القديمة يُستخدم في التضرع للآلهة من جانب الكهنة، وكذلك من قِبل الفراعنة والسحرة.
وقد ارتبط السحر ارتباطاً وثيقاً بالطب والعلاج، إذ كان جزءاً لا يتجزأ من طقوس الشفاء ويُمارَس باستخدام تعويذات ونصوص مقدسة. كان السحر الدفاعي (السحر الأبيض) أكثر أنواع السحر انتشاراً في مصر القديمة بهدف الحماية من الشر والمرض والخطر، سواء كان هذا الشر لدغة أفعى أو مرضاً أو حتى جيشاً غازياً. ومع ذلك، استُخدم السحر في بعض الأحيان بغرض إلحاق الأذى مثل اللعنة وهو ما يطلق عليه السحر الأسود.
اعتقد المصريون القدماء بألوهية "حكا"، بينما استخدمت العديد من الآلهة المصرية الأخرى السحر الوقائي لمساعدة البشر وحمايتهم، من بينهم الإله شيد وتوتو وبِس والإلهة وادجيت والإلهة الأشهر إيزيس.
السحر الأبيض والآخر الأسود.. هناك نوعان من السحر في مصر القديمة
هناك عشرات المؤلفات الأجنبية التي كتبت عن "السحر في مصر القديمة"، ولكن عموماً يُعتقد أن هناك نوعين من السحر عند الفراعنة: السحر الأبيض، وهو السحر الوقائي أو الدفاعي النافع، والسحر الأسود، وهو السحر الضار السلبي الذي قد يأتي على شكل لعنات وتعويذات.
يُستخدم السحر الأبيض عادة بهدف الشفاء أو الحماية. وقد يُمارَس أيضاً لإلقاء تعويذات الحب وحماية الأطفال الصغار أو النساء أثناء الولادة، أو مرافقة شخصٍ ميت أو يُحتضر في رحلته عبر العالم الآخر. في الوقت نفسه، قد يلجأ بعض الأشخاص إلى استخدام السحر لأغراضٍ مؤذية، حيث يوجِّهه المرء ضد أعدائه في شكل لعنةٍ أو تعويذة.
كانت معظم الآلهة المصرية القديمة، التي تستخدم السحر، آلهة حماية، أي إنها تنتمي لعالم السحر الأبيض. ولكن مُورس السحر الأسود أو استحضار أرواح الموتى في العالم القديم، لكن كان يُعتقد على نطاق واسع، أن أي سحر يرتدُّ إلى صاحبه في حال استخدمه بنوايا خبيثة.
كما ذكرنا سابقاً، فإن بعض الباحثين يعتقد أن الفراعنة عرفوا السحر قبل أن يعرفوا الكتابة. ولكن لاحقاً، استُخدمت الكتابة الهيروغليفية لتحقيق النتائج المرجوة من السحر. وقد ارتبط السحر ارتباطاً وثيقاً بالكتابة منذ أن عرفه الكهنة من خلال دراسة النصوص المقدسة القديمة وقراءة العزائم والتعويذات.
كان الترتيب كالتالي: انتقلت قوة السحر في الأساس عبر الآلهة التي منحتها إلى خُدامها الكهنة والسحرة وفراعنة مصر القديمة.
القوة السحرية الغامضة "حكا"
يشير لفظ "حكا" إلى كلمةٍ مصرية قديمة تعني "السحر"، وتصف القوة الخارقة التي اعتقد المصريون القدماء أنها خلقت الكون وتغلغلت فيه ووصفوها بـ"إله السحر والطب".
تُترجم كلمة "حكا" إلى الـ"كا". يشير لفظ "كا" في الديانة المصرية القديمة إلى الروح الإلهية الحامية للإنسان والتي تُعد جانباً من جوانب روح الإنسان أو الإله ويمكن أن تعيش بعد موت الجسد في صورةٍ أو تمثال.
امتلكت الآلهة المصرية قوة "حكا" واستخدمتها لمساعدة البشر. ومع ذلك لم يكن سحر "حكا" حكراً على الآلهة فحسب، بل امتلكه أيضاً بعض الكهنة والسحرة ومارسوه لأغراض الخير أو الشر.
وقد أطلق الأطباء المصريون على أنفسهم اسم "كهنة حكا". ولجأ إليهم الناس العاديون؛ لكي يستخدموا السحر للمساعدة في الشفاء من الأمراض أو الوقاية منها. فكما سبق أن ذكرنا: اجتمعت في مصر القديمة الممارسات الطبية مع الطقوس السحرية والتعاويذ من أجل شفاء المريض.
وقد صوَّر المصري القديم العديد من الآلهة والفراعنة المصريين على الألواح القديمة واللوحات والتماثيل يحملون صولجان "حكا"، الذي يرمز إلى القوة السحرية المستخدمة لأغراض العلاج.
في الوقت نفسه، ظهر الحكام والمسؤولون المهمون يحملون صولجان "سخم"، الذي يرمز إلى السلطة وكان يُستخدم للإشارة إلى سلطة دنيوية أو نفوذ في الدولة.
آمن الفراعنة بوجود عالمٍ سفلي، ولهذا كان التحنيط موجوداً، وكان السحر ضرورياً لحماية المتوفَّى من الشياطين والآلهة المصرية الشريرة وأي مخاطر موجودة في العالم السفلي.
وقد كان هناك الإله شيد، وهو المعروف بـ"المُخلِّص" أو "المنقذ" الذي يحمي الناس من الأمراض والأخطار، لاسيما من الحيوانات البرية. وكثيراً ما يُصوََر على أنه أمير أو طفل ينقذ الناس من الحيوانات التي شكَّلت تهديدات في مصر القديمة، من بينها الثعابين والتماسيح والعقارب والأسود.
كان "شيد" إلهاً ذائع الصيت خلال عصر المملكة المصرية الحديثة، وهي الفترة من القرن الـ16 إلى القرن الـ11 قبل الميلاد. كان الإله "شيد" يحمي الناس أيضاً من السحر الأسود، وغالباً ما يُصوَّر في النقوش القديمة جنباً إلى جنب، مع الإله الرضيع "حورس".
ويُعد الإله توتو أحد آلهة العصر المتأخر، وعادةً ما كان يصور في نقوش المعابد واللوحات الحجرية على هيئة أبو الهول برأس آدميٍّ وجسد أسد، وأحياناً بأجنحة صقر، وغالباً ما يكون الذيل على شكل أفعى الكوبرا.
كان الدور الأساسي للإله توتو هو حماية الناس أثناء الليل من أذى الشياطين والأحلام المزعجة. استدعى الناس سحر الإله توتو لتحصين أنفسهم أيضاً ضد الأرواح الشريرة، وهو ما يُعرف في مصر القديمة بـ"السحر الدفاعي".
كما كانت الآلهة وادجيت واحدة من أوائل الآلهة المصرية الحامية التي ظهرت في وقتٍ مُبكِر من عصر ما قبل الأسرات الفرعونية. وقد وفَّرت الحماية لأرض مصر العليا والسفلى قبل توحيدهما على يد مينا موحِّد القطرين، جنباً إلى جنب في ذلك مع الإلهة "نخبيت".
كما كانت الإلهة إيزيس، وهي واحدة من أوائل الآلهة الرئيسية في مصر القديمة وأشهرها، وقد اشتملت واجباتها على مرافقة الموتى إلى الحياة الآخرة والحماية من لدغات الثعابين والعقارب. إضافة إلى ذلك، كانت والدة الفرعون الإلهية وتزوجت شقيقها أوزوريس، الذي قتله "ست" وقطَّع جسده لأجزاء، ولكنها استطاعت تجميع أجزاء جسده الأربعين واستعانت بقدراتها السحرية في ذلك.
وبالإجمال، فقد استخدم المصري القديم سحر الإلهة إيزيس في شكل تعويذات شفاء؛ لمساعدة البشر والآلهة الأخرى.
وقد تجاوز عدد المعبودات المصرية القديمة 2000 إله، لذا كان الدين والسحر جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في مصر القديمة.
مدار الساعة ـ