مدار الساعة - تواجة مدينة العقبة تحديات أمنية تفرضها تواجد تنظيمات إرهابية في شبه جزيرة سيناء المصرية، الأمر الذي يضع منظومة الموانئ في العقبة الرئة الوحيدة التي تتنفس منها المملكة، والتي تعج بموانئ النفط والغاز على الجهة الجنوبية وكلفت الدولة مبالغ طائلة، في خطر تعرضها لهجمات إرهابية.
الهجمات من الإرهابيين، مسألة حدثت، إذ تعرضت مدينة ايلات الإسرائيلية في بداية شهر شباط (فبراير) من العام الحالي إلى سقوط عدة صواريخ اطلقت من سيناء على مدينة إيلات، دون أن تسفر عن إصابة أي شخص حسب تصريحات الجيش الإسرائيلي، والذي أشار إلى أن بعضا من هذه الصواريخ تم تدميره في الجو بواسطة بطاريات القبة الحديدية، فيما سقطت صواريخ أخرى في أراض إسرائيلية مفتوحة دون وقوع أي اضرار.
وتشهد سيناء معارك متواصلة بين قوات الشرطة والجيش المصرية من جهة وعناصر تنظيم ولاية سيناء، الفرع المصري لتنظيم داعش الإرهابي.
وفي تموز (يوليو) 2015 سقطت في جنوب إسرائيل صواريخ أطلقت من سيناء، ولكنها لم تسفر عن إصابات، في هجوم تبناه يومها تنظيم ولاية سيناء، بحسب تصريحات الجيش الإسرائيلي انذاك.
وهو ما يؤكده خبراء من أن الجماعات الإرهابية التي تنشط في سيناء، تشكل تهديدا لمدينة العقبة التي تحتاج إلى خطة عسكرية مدروسة لحمايتها، وخاصة أن التهديد الذي يواجهها يتمثل بسقوط صواريخ أو وصول قوارب سريعة مفخخة يمكن اطلاقها من سيناء.
ويقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد فارس العمري إن الجهة الجنوبية الغربية لجزيرة سيناء، منطقة يمكن أن تهدد العقبة أكثر من مدينة ايلات المحتلة، موضحا بان ايلات محاطة بجبال عالية يمكن ان تصطدم فيها الصواريخ التي تطلقها الجماعات الإرهابية، وبالتالي فأن بعضها يسقط على مدينة إيلات، والاخر يخطئ هدفه ويسقط على مدينة العقبة، وهو ما حدث بالسابق عندما سقط عليها عدة صواريخ.
وأشار العمري إلى أن منطقة سيناء شبه خالية عسكريا وتنشط فيها المجموعات الإرهابية، مؤكدا أن تركيز الجيش المصري على حدود غزة والعريش، والأمر يتطلب عمل خطة عسكرية مدروسة ابتداء من الساحل إلى جميع المناطق التي ينشط فيها العمل الإرهابي.
وبين أن التهديد الأمني الأخر الذي يواجه العقبة هو إمكانية اختراق خليج العقبة بقوارب سريعة يتم تجهيزها للقيام بعمليات تفجيرية، إذا ما تمكنت الجماعات الإرهابية من السيطرة بالخفاء على قوارب مدينة في مناطق شرم الشيخ ونويبع والاقرب طابا، مؤكدا أن الإرهابيين قريبين جدا من المدن السياحية.
فيما أكد الخبير العسكري اللواء المتقاعد قاسم محمد صالح أن مدينة العقبة من المدن الأردنية الحيوية والمهمة باعتبار أنها المتنفس الوحيد للمملكة، مؤكدا ان الاهتمام بامن وسلامة العقبة من أهم الاولويات للدولة كما باقي المدن الأردنية وحدود المملكة.
وأشار صالح أن الاخطار المحدقة بمدينة العقبة تتمثل في توجيه صواريخ من منطقة سيناء من قبل الجماعات الإرهابية وغير المسيطر عليها من قبل قوات النظام إلى مدينة ايلات المحتلة، والتي لا يوجد مسافة أرضية كافية بينها وبين مدينة العقبة، فيما من المحتمل أن تخطئ هذة الصواريخ هدفها بسبب قصر أو طول أو انحراف يمين أو شمال وتسقط بالعقبة.
وأكد الخبير صالح انه لا بد أن يكون هناك تعاون أمني بين الأردن ودول الجوار فيما يتعلق بهذا الخصوص، مشيرا أن وجود منظومة صواريخ باترويت متطورة ترد على جميع الاحتمالات والاخطار والتحديات الأمنية، التي تواجة الثغر الباسم وتحمي المدينة الاقتصادية.
من جهتها تقول وزيرة النقل السابقة الدكتورة لينا شبيب أن ايلات الإسرائيلية مستهدفة، فيما الوضع في سيناء غير مستقر، وبالتالي فإن جميع الجهات الأمنية والمينائية في العقبة والمنطقة، يجب عليها الحرص الكبير، خاصة وأن الصواريخ التي تسقط في ايلات يمكن أن تخطئ هدفها، كما حدث في المرات السابقة، عندما استشهد قبل سنوات الشاب صبحي العلاونة بينما كان يقف بجانب سياراته مقابل أحد فنادق العقبة.
وأشارت شبيب إلى أن هناك مخاطر يجب أن نتوقعها ولا يوجد شيء مستبعد، مؤكدة أن الأردنيين على ثقة كبيرة بالاجهزة الأمنية والعسكرية، التي تقوم بدورها على أكمل وجه بحماية أردننا الغالي والعقبة بوابة الأردن للعالم، معتبرة أن ما حدث من اضطرابات في المناطق الشمالية والشرقية تجربة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، إذ انه وبهمة القوات المسلحة واجهزتنا الأمنية نعبر المرحلة بسلام دون أي خسائر.
وقالت شبيب إن على الأجهزة الأمنية والعسكرية والمينائية أخذ الحيطة والحذر، لأن من يطلق الصواريخ التي تخرج من سيناء هم هواة ، مشيرة إلى أن الصواريخ التي تخطئ هدفها من المحتمل أن تصيب أيا من الموانئ الأردنية خاصة الاستراتيجية والنفطية، مؤكدة أن الجانب الإسرائيلي يمتلك قبة حديدية تحمي ايلات، لذا فان جانب الإجراءات الاحترازية والتأهب لأقصى درجة لا بد أن يكون في أعلى مستوى له في التعامل مع أي طارئ.
وقال النائب السابق عن العقبة احمد حرارة إن الصواريخ التي تسقط على ايلات الإسرائيلية تشكل مصدر قلق وازعاج لسكان العقبة خاصة التي سقطت على ايلات في شهر شباط(فبراير) من العام الحالي وسبقها صواريخ اخرى اصابت مدينة العقبة الساحلية، مشيرا إلى أن الخطر على المنطقة وارد.
وأشار حرارة أن الذي يحدث في سيناء المصرية يؤثر على العقبة امنيا، موضحا ايضا ان موانئ العقبة تتأثر بدرجات الحرارة خصوصا في فصل الشتاء عندما يكون البحر مائجا، حيث تتأهب جميع الجهات الأمنية والمينائية لابعاد أي باخرة موجودة على الرصيف خاصة باخرة الغاز الطبيعي المسال.
وبين المواطن زكريا احمد أن عصابة "داعش" الإرهابية في سيناء حاليا منشغلة بمواجهة الجيش المصري، ولا تشكل بالتالي أي خطر على العقبة في المدى المنظور.
بيد انه رجح ان تشكل هذة العصابة مستقبلا خطرا كبيرا على المنطقة باكملها بما فيها مدينة العقبة، من خلال الصواريخ التي تطلق بطريقة عشوائية من مصر، وتخطئ في بعض الاحيان هدفها وتصيب في العقبة أهدافا استراتيجية أو حتى مناطق خالية كما حدث في العام 2011 عندما سقط صاروخ وحيد على العقبة، واستشهد فيه الشاب صبحي العلاونة فيما اصيب عدة أشخاص.
وقال المواطن محمد الخضري إن نشاط التنظيمات الإرهابية الموجودة في سيناء المصرية بات يهدد أمن مصر وما حولها، حتى وصل إلى العقبة باطلاقها صواريخ عبثية، فهي تعمل على نشر الفوضى الأمنية في سيناء والمناطق المجاورة لها، من خلال اطلاقها صواريخ قد تصل إلى العقبة، وتصيب مواقع استراتيجية وتهدد أمنها، كما تهدد السياحة الأردنية بشكل عام.
وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، الجنرال أفيف كوخافي أعلن سابقا أن قوات الأمن كشفت في الأشهر الأخيرة أكثر من 10 خلايا إرهابية نشطت في سيناء، وقامت بتصفيتها أو بإجهاض محاولاتها لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وقال كوخافي إن من المفترض ألا يفاجأ الإسرائيليون من قصف إيلات، ومن النشاط في سيناء المصرية، حيث إن الشرق الأوسط يشهد وتيرة تسلح هي الأعلى في العالم يغير وجهه وطابعه تماما.
ويعد ميناء العقبة النافذة البحرية الوحيدة للأردن على العالم، حيث يقع في أقصى جنوب المملكة ويبعد عن العاصمة عمان 350 كلم، ويقع الميناء والمدينة على الحدود مع فلسطين المحتلة لا سيما مع مدينة إيلات المحاذية للمدينة والميناء من جهة الغرب، فيما يحده من جهة الشرق الحدود السعودية، ويوجد للعقبة حدود مائية مع كل من مصر والسعودية وإسرائيل.
ولميناء العقبة أهمية سياحية كبرى للأردن إضافة لأهميته التجارية، حيث يعد حلقة الوصل الرئيسية في حركة التجارة بين الأردن والعالم، كما يستورد الأردن من خلاله معظم حاجاته من النفط ويصدر من خلاله خاماته الأساسية لا سيما الفوسفات والبوتاس، كما يوجد في الميناء منطقة مخصصة لاستقبال الغاز.الغد