التعزيز في اللغة يقع تحت الجذر (عزز) ويعني التقوية والاشتداد, من عَزًزه شدَده وقواه , وفي التنزيل "وعززنا بثالثٍ" ، شددنا وقوينا وان كانت اشتقاقات خرجت بدلالات قريبة من ذلك ,فان بعض الاشتقاقات وردت في سياقات اخرى كي تعني الغلبة وفي التنزيل وعزَني في الخطاب غلبني .
أمًا الابداع في اللغة ويقع تحت الجذر (بَدَعَ ,بدعاً) فهو يعني الانشاء على غير مثال سابق, وبديع للفاعل والمفعول استنبطها وأحدثها كما يعني : بدعه بدعاً صار غاية في صفته فهو بديع, و الابداع عند الفلاسفة ايجاد الشيء من عدم و الشيء بدعة : استخرجه و احدثه , و ان كانت اشتقاقات اخرى مدلولها مختلف لا مجال لايرادها هنا : كعلم البديع : علم تحسين الكلام .(المعجم الوسيط باب عزز وبدع )
و الآن فان الابداع و التعزيز يتصلان ببعضهما اتصالاً مباشراً بحيث أرى أنه لا يستغني أحدهما عن الآخر, ذلك أنه اذا كان الابداع يعتمد على الموهبة التي خلقها الله في بعض عباده على نسب مختلفة فانه بالتالي يعتمد على من يسنده و يقويه و يشد من ازره اذا اريد له ان يستمر و يقوى و يوجدُ مبتكرات لم يسبقه اليها أحد ليصبح بالتالي متميزاً في مجتمع يقدس العقل و الابتكار في جو من الحرية و الديمقراطية ليحقق هو و أمثاله ازدهاراً و تقدماً و تميّزا على كثير من المجتمعات .
و التعزيز للمواهب لا يأخذ صورة واحدة , فأشكاله و صوره كثيرة ماديّة أم معنوية و لعل الجوائز التي توزع سنوياً على أكثر من صعيد و أكثر من ابداع فني كان ام أدبي أم علمي خير دليل على تعزيز المواهب و تقويتها و ايجاد الدوافع لاستمرارها و بذل الجهود الحثيثة لانتاج متميز يعود على مجتمعهم بشكل خاص بالفائدة و على البشرية بشكل عام بالنفع . من هنا فان كشف المواهب يتطلب عملاُ دؤوباً و برامج علمية تدخل فيها برامج القياس و اختبارات الذكاء التي ارى ان تنشأ في وزارة التربية وحدة متخصصة للكشف عن المواهب , حتى اذا تم الامر و وضعوا في مدارس متخصصة لتعد منهم رواداً و قادة في مختلف المجالات فيحققون بذلك التغيير و التطور المطلوب الذي ينادي به سيد البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني و يطمح بتحقيقه معالي وزير التربية ضمن سياسة متأنية معتمدة على النظرة المستقبلية السديدة التي تنادي بحرية التعليم و استخدام أحدث الانظمة لاستكشاف المواهب و تعزيزها . غير ان التعزيز و كشف المواهب يجب ان لا يتوقف عند حدود المدرسة فكم من مدير نابه في مؤسسة اقتصادية او سياسية او صناعية تمكن من اكتشاف مواهب عديده لدى الكادر الموجود لديه , فعززه مادياً و معنوياً و افرد له مكانة خاصة يستطيع بها ان يتطور و يُطور , مما عاد على المؤسسة بمنافع امتدت الى كثير من الجوانب الهامة في المجتمع، واعتقد ان فلسفة الوزارة الحالية ستقود الى كشف المواهب والتميز عند الطالب والمعلم والمدير، وستعززها ، وبما سينتقل بكل العاملين الى مجتمع خلال ومبدع متجاوزين سنوات خلت تم اهدار طاقات هامه ، و اقولها بصراحة كم من موهبة رائعة لو تمكنت من معزز يقويها او من يد حانية تاخذ بيدها لافادت المجتمع و الامة و لكنها دفنت مبكراً في التراب لان جاهلاً لم يقدر قيمتها او حسوداً لها و لامته لم يرد لها الظهور او الاستمرارفي حال كشفها .
غير ان المواهب يمكن ان تنطفىء و يقضى على تفوقها اذا وضعت في اماكن غير مخصصة لها , اذ لا يعقل مثلا ان نضع مهندساً صاحب موهبة ليطور لنا كتاباً في النمو و الصرف مع التحفظ على ضرب المثل .
لقد جرب الاردن من خلال المهرجانات و الاحتفالات تكريم بعض المواهب النابهة لتعزيزها في مختلف المجالات وزّعت خلالها الجوائز و الاوشحة ضمن صورة نمطية تقليدية كما اجتهدت بعض الاقسام الخاصة بالانشطة لعمل شيء معين من خلال مسابقات معينة تغيب عنها مراقبة العمل مما ينتج عنه بعض الغش طمعاً في نيل جائزة لم يعمل المتقدم من اجلها شيئا لذلك لابد من معايير خاصة بكل جانب من جوانب الابداع تتحقق فيه الشفافيه .
ان هذه الانماط من كشف الابداع و تعزيزه تحتاج الى اعادة نظر و دراسة ميدانية و نظرية توصلنا الى تقدم في هذا المجال الذي بلغت فيه الدول المتقدمة شأناً بعيداً ولا ننسى قبل كل شيء ان الموهبة تسمو بالتعزيز و تتالق بالحك و التجربة بدءاً من البيت و حتى أعلى مركز في اتخاذ القرار . فالاب معزز و المعلم معزز و المدير معزز و الوزير معزز و سيد البلاد هو الملك المعزز لكل عمل خير .