مدار الساعة - حذر الرئيس التونسي قيس سعيد، الجمعة 11 يونيو/حزيران 2021، من أن الأوضاع في بلاده شديدة الخطورة، متهماً ما سماها "لوبيات" بالعمل خلف الستار وافتعال أزمات من أجل البقاء في السلطة، مؤكداً على أنه سيعمل على تطبيق الدستور حرفياً.
تصريحات الرئيس التونسي تأتي في الوقت الذي تجددت فيه الاحتجاجات والاشتباكات بين المواطنين وقوات الأمن لليوم الرابع على التوالي، في حي سيدي حسين غرب العاصمة تونس، على خلفية وفاة شاب بعد اعتقاله، وكذلك توقيف آخر وسحله وتجريده من ثيابه من قبل الشرطة في وسط الشارع.
وضع شديد الخطورة
وقال سعيد خلال استقباله كلاً من رئيس الحكومة المكلف بتسيير وزارة الداخلية هشام المشيشي ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان إنه "لا مجال لاستغلال أي منصب لتحويله إلى مركز قوّة أو ضغط لضرب وحدتنا".
وأضاف سعيد أن "تونس تمر بوضع شديد الخطورة ولم تمر به من قبل، ويُنبئ بمخاطر أكبر نتيجة لحكم عدد من لوبيات تعمل خلف الستار وتغيّر مواقفها بناء على مصالحها".
فيما أشار الرئيس سعيد إلى " ضرورة توجيه مطالب رفع الحصانة إلى المجلس النيابي ليتحمل كل واحد مسؤوليته" ، مشيراً إلى أن" الحصانة وفّرها القانون لضمان الاستقلال في القيام بالوظيفة التي يقوم بها وليس للتحصن بها خارج هذا الإطار".
كما أكد الرئيس التونسي "ضرورة تحقيق المعادلة بين الحرّية والأمن بمواصلة المؤسسة الأمنية السهر على الاضطلاع بمسؤولياتها في حماية الممتلكات العامة والخاصة والتصدي للجريمة، ومع الاحترام التام للمواطنين وصون كرامتهم الإنسانية وحقوقهم وضمان ممارستهم لحرياتهم".
تواصل الاحتجاجات
تواصلت، الجمعة، الاحتجاجات لليلة الرابعة على التوالي، بحي سيدي حسين، غربي العاصمة تونس على خلفية وفاة شاب، الثلاثاء بعد أن أوقفه الأمن.
وتجددت عمليات الكرّ والفرّ بين العشرات من شباب المنطقة المتاخمة للعاصمة، ورجال الأمن، ليلة الجمعة/السبت، وسط استعمال مكثف للغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة وتطويق وحضور أمني كبيرين بالشارع الرئيسي، لتفريق المحتجين، وفق مراسل الأناضول.
وشهد الحي المتاخم للعاصمة (4 كلم غرباً) أحداثاً مماثلة في الليلتين السابقتين بعد وفاة شاب عشريني، الثلاثاء، ثم بعد دفنه الأربعاء، وسط حضور أمني كثيف.
حادثة الشاب "العاري"
مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر شاباً تم توقيفه ثم تجريده من ملابسه خلال احتجاجات مساء الأربعاء، أدى إلى رفع وتيرة الاحتجاجات.
بينما يقول ناشرو الفيديو إن الشرطي هو من جرَّد الشاب من ملابسه، قال الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن وليد حكيمة، إن "الشاب كان في حالة سُكر مُطْبِق، محدثاً الهرج والتشويش بالطريق العام… وقام بتجريد نفسه كلياً من ملابسه، حيث تمت محاولة السيطرة عليه؛ نظراً إلى الحالة الهستيرية التي كان عليها".
إلا أن وزارة الداخلية التونسية عادت وتراجعت عن موقفها وأعلنت في بيان رسمي، الجمعة، توقيف أفراد شرطة تورطوا في الاعتداء على شاب وتجريده من ملابسه، الأربعاء، بعد موكب دفن الشاب المتوفى قبلها بيوم واحد بالحي المذكور.
وأفادت الداخلية التونسية أنه عقب يومين على تداول مقطع مصور لشاب عشريني يتعرض للاعتداء وتجريد الملابس على يد أفراد شرطة، قررت "إيقاف الأعوان المسؤولين (لم يحدد عددهم) عن هذه التجاوزات عن العمل، للتحقيق المباشر في الواقعة من طرف التفقدية العامة للأمن الوطني".
من جانبها، نبهت "الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية"، في بيان، إلى أن "سحل مواطن" قد يشكل "خطورة فقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها".
كما دعا البرلمان، في بيان، السلطات إلى توفير الحماية الجسدية والقانونية والرعاية الطبية والنفسية لهذا المواطن، وإلى فتح تحقيق جدّيّ في ملابسات هذه الحادثة "الشنيعة".
وطالبت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في بيان، بتحقيق يكون "ناجعاً، لاسيما أن الفيديو المتداوَل يكشف بوضوح عن هوية مرتكبي الجرم".