أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات برلمانيات وفيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة شهادة جاهات واعراس مناسبات الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

حدادين يكتب: سيادة القانون واللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية

مدار الساعة,مقالات,الملك عبد الله الثاني,مجلس الأمة,سيادة القانون
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم المحامي الدكتور يزن دخل الله حدادين

أوضح تفسير لمفهوم سيادة القانون يمكن تلخيصه بأنه سلطة القانون وتأثيره على المجتمع، انه المبدأ الذي بموجبه يخضع جميع أعضاء المجتمع على قدم المساواة للقوانين. فهو أحد الأبعاد الرئيسية التي تحدد جودة إدارة الدولة حيث يتم مراعاة القانون بدقّة في جميع الأنشطة العامة.
وصف الأمين العام للأمم المتحدة سيادة القانون بأنها "مبدأ للحوكمة يكون فيه جميع الأشخاص والمؤسسات والكيانات، العامة والخاصة، بما في ذلك الدولة ذاتها، مسؤولين أمام قوانين صادرة علنا، وتطبق على الجميع بالتساوي ويحتكم في إطارها إلى قضاء مستقل، وتتفق مع القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان." (تقرير الأمين العام: سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع (S/2004/616)).
كما أكد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين أن سيادة القانون هي المظلة التي تحمي مسيرة الديمقراطية والإصلاح في الأردن وعنصر أساسي لإحداث التنمية والتطوير. وأضاف جلالته في الورقة النقاشية السادسة بتاريخ 16 تشرين الأول 2016 "إن مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بمساواة وعدالة ونزاهة تقع على عاتق الدولة. ولكن في الوقت نفسه، يتحمل كل مواطن مسؤولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون في حياته اليومية". لقد اختصر الكلام جلالة الملك عندما أسمى هذه الورقة النقاشية بـ "سيادة القانون أساس الدولة المدنية" مضيفاً أن مبدأ سيادة القانون هو خضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات، لحكم القانون. وقد فَصَّل كلامه بأن الحكومة وأجهزة الدولة تشترك في حمل مسؤولية ما تتخذه من قرارات وسياسات وإجراءات. تحديداً، أشار جلالته أن مؤسسة البرلمان يجب أن تمارس دورها في التشريع والرقابة، أما السلطة القضائية يجب أن تكون مستقلة ونزيهة حيث إنه مُناط بها تطبيق القانون الأمر الذي من شأنه أن يستظل المواطن الأردني بسيادة القانون دون تمييز، لذلك يتطلّب تطبيق القانون على الجميع دون محاباة أو تساهل، وينطبق ذلك على المواطن والمسؤول.
أما فيما يتعلق باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي شكّلها جلالة الملك يوم الخميس الموافق 10 حزيران 2021 ستكون مهمتها كما أمر جلالته بوضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي.
يقع على عاتق اللجنة الملكية الأخذ بعين الاعتبار العلاقة المتبادلة بين سيادة القانون والديمقراطية وحقوق الانسان، أي باختصار سيادة القانون في بيئة مواتية. فجوهر سيادة القانون هو المشروعية، اليقين القانوني، المساواة أمام القانون، وكفالة الوصول الى العدالة. ذلك كله لأنه ينبغي أن يكون جميع الأشخاص والسلطات خاضعين للقوانين وأهل للاستفادة منها.
لا تقتصر النقاط أعلاه على العوامل القانونية فقط. فوجود أو غياب الثقافة السياسية والقانونية يؤثران في تحديد الى أي مدى وبأي مستوى من الواقعية ينبغي على القوانين الجديدة أن تتضّن، حيث يجب أن يكون للتقاليد الوطنية تأثير على الضمانات الملموسة لسيادة القانون، أي أن تكون بمكان يدعم الثقافة السياسية والقانونية والتي بطبيعة الحال ينبغي مراجعتها وتكييفها وتحسينها باستمرار. كما يقع على عاتق المواطن الأردني دوراً رئيسياً في احقاق سيادة القانون وذلك بأن يشعر المواطن بالمسؤولية التضامنية عن تنفيذ سيادة القانون حيث يكون هذا المبدأ جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المواطن القانونية والسياسية والاجتماعية.
ينبغي على اللجنة الملكية عند اعداد مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية الأخذ بعين الاعتبار مدى إمكانية تنفيذ وتطبيق تلك القوانين بشكل فعّال على النحو الواجب، حيث إنه في بعض الأحيان توجد عقبات تعترض التنفيذ الفعّال للقانون بسبب نوعية التشريعات التي تجعل من الصعب تنفيذها. لذا يجب تقييم مدى قابلية تلك القوانين للتطبيق في الممارسة العملية قبل عرضها نظرياً على مجلس الأمة. هذا يعني ضرورة اجراء التقييم التشريعي لضمان تعزيز مفهوم سيادة القانون وتطبيقه من الجميع وعلى الجميع. كما يجب أن يكون مشروع القوانين قادراً على التكيّف مع الظروف المتغيرة، حيث يُعد التوقّع التشريعي جزءا من مبدأ اليقين القانوني لأن الأوضاع الجديدة والمتغيرة بشكل سريع محلياً واقليمياً وعالمياً قد تُبرّر أن تؤدي تلك التشريعات الجديدة الى الإحباط الشعبي.
ومن أهم النقاط الأخرى الواجب أخذها بعين الاعتبار والتي سبق للدستور الأردني كفالتها هي مبدأ عدم التمييز وأن يُكفل لكل مواطن أردني الحماية المتساوية وعدم التمييز على أساس العرق، أو الجنس، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو الانتماء الى أقلية وطنية. فالمساواة ليست مجرد مبدأ أو مطلب شعبي، ولكن يجب أن تتضمن نصوص القوانين تفاصيل تؤدّي الى معاملة متساوية الى حد كبير وتوفير المساعدة القانونية لمن لا يستطيع الوصول اليها أو تحمّل تكلفتها للمطالبة بحقوق مكفولة بالقانون.
ختاماً، مهمة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ليست بمستحيلة. البنية التحتية لمشروع قانون جديد للانتخاب ولمشروع قانون جديد للأحزاب السياسية موجودة في الأوراق النقاشية السبع التي خطّها جلالة الملك، وما تبقّى بعد الارتكاز على هذه الأوراق النقاشية هي الكتابة والاعداد التفصيلي للقوانين وليس الجدال السياسي الذي قد لا يقود الى توافق وطني للنهضة في الوطن وتطوير نظامنا الديمقراطي والسياسي.
مدار الساعة ـ