مدار الساعة - أسفرت التربية وطرقها المعاصرة الى شرخ نفسي في الشخصية الانسانية برمتها وثقوب ما زالت البشرية تعجز عن حلها او حتى تعترف بها. وكل ما تفعله هو انها تقوم بمعالجة اعراض هذه التربية.
في هذا المقال نقدم طرقا لمعالجة الاعراض، فالتربية الصحيحة هي التي تحول الشاب او ما نطلق عليه في التربية الإسلامية "الفتى" الى كتلة نشاط وفاعلية.
غالباً ما يعاني المراهقون المصابون بالاكتئاب أزمات عاطفية كبيرة وأحياناً تتطور لتصبح جسدية أيضاً، لكنهم قد لا يكونون على علم بما يجب فعله لتحسين وضعهم أو لكي يعثروا على المساعدة التي يحتاجون إليها. وعادة ما يكون الآباء هم أفضل جهة تتولى مسؤولية تقديم المساعدة الأساسية للمراهق المكتئب.
وفي المراحل العمرية المبكرة للأبناء، اعتاد الآباء أن يهرعوا لإنقاذ أطفالهم كلما وجدوا أنهم يحتاجون إلى المساعدة. لكن عندما يكبر الأطفال وتصبح مشاكلهم أكثر تعقيداً، يتوجّب على الآباء حينها محاولة الوقوف على مقربة لتقديم الدعم من بعيد، مع ترك الأبناء يكتسبون مهارة التعامل مع ما يقابلهم لكي ينضجوا ولكي تتطور شخصياتهم خلال هذه المرحلة الحساسة.
ومع ذلك، يتحتّم على الآباء معرفة كيف يمكن التعامل مع الابن أو الابنة المراهقة ودعمهما بالصورة الملائمة لهذه الفترة، لكيلا تأتي المساعدة بنتيجة عكسية.
أعراض الاكتئاب في مرحلة المراهقة
يؤثر الاكتئاب عند المراهقين على تشكيل وبناء شخصيتهم بشكل كبير يؤثر على حياتهم فيما بعد، ولكن الأعراض غالباً ما تكون مختلفة عن تلك التي تظهر عند البالغين المكتئبين، بحسب موقع Very Well Mind الصحي.
ومن أجل الحصول على المساعدة، من المهم أولاً التعرف على علامات الاكتئاب عند المراهقين:
1- الغضب والتهيُّج وسرعة الاستفزاز.
2- تدني المستوى الدراسي.
3- صعوبة في التركيز.
4- سرعة الشعور بالإعياء والتعب.
5- لغة الحديث السلبية عن الذات.
6- كثرة النوم أو قلة النوم والأرق.
7- كثرة الشكوى من أعراض جسدية غير مفهومة.
8- الحديث عن الموت أو الانتحار.
9- تجنب العائلة والأصدقاء.
ومن الضروري معرفة أن اكتئاب المراهقين أمر شائع للغاية، وينص مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها "CDC" على أن 3.2% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عاماً في الولايات المتحدة الأمريكية، أي حوالي 1.9 مليون طفل على أقل تقدير، يتم تشخيصهم بالاكتئاب خلال عام معين من هذه المرحلة، بحسب Very Well Mind.
وتكمن المشكلة في أن اكتئاب المراهقين غالباً ما يُستهان به على أنه "تقلبات مزاجية طبيعية" بسبب سن البلوغ أو قلق المراهقين. وهذا يعني أنه غالباً ما يتم تجاهله حتى يحدث شيء أكثر خطورة مثل أن يبدر منه سلوك خطير أو عندما يتورط في المتاعب أو في أقصى حالة إذا ما أقدم على محاولة انتحار.
أسباب الاكتئاب في فترة المراهقة
يمكن أن يكون سبب الاكتئاب عند المراهقين عائداً إلى العديد من العوامل. وتتمثل بعض الأسباب التي قد تلعب دوراً في اكتئاب المراهقة فيما يلي:
1- الاختلالات البيوكيميائية نتيجة تغيرات الجسم وفورة الهرمونات في تلك المرحلة.
2- التعرض للتنمر سواء في المدرسة أو النادي أو حتى في المنزل.
3- الاستعداد الوراثي للاكتئاب وتوارث الأمراض النفسية.
4- الاستبعاد الاجتماعي والعزلة والإقصاء سواء في المدرسة أو الأنشطة الرياضية والترفيهية الأخرى في دائرة الطفل الاجتماعية.
5- التعرض للإجهاد الشديد بشكل متواصل ومتكرر.
6- التعرض للصدمة مثل حادث مؤلم أو كارثة طبيعية.
ووفقاً لـ Very Well Mind، من المهم تذكُّر أن سنوات المراهقة هي أيضاً فترة من الاضطرابات الجسدية والعاطفية والاجتماعية، وغالباً ما تكون المرحلة العمرية بتغيراتها تلك كفيلة بحدوث تقلبات مزاجية وحالات الاكتئاب والاضطرابات النفسية.
كما يمكن أن يتسبب الضغط الناجم عن هذه المرحلة العمرية الجديدة -التي تتطلب اتخاذ بعض القرارات المصيرية في تحديد المستقبل والبدء في عمل بجدية لتحديد الأهداف- في تعزيز الشعور بالخوف والحزن والاكتئاب.
نظراً لأن اكتئاب المراهقين يمكن أن يكون له العديد من الأسباب ولأن تقلبات المزاج يمكن أن تكون شائعة جداً بين المراهقين، فقد يصعب على الآباء التعرف على العلامات، وعلى الأطباء إجراء التشخيص.
وبالنسبة للوالدين، هذا يعني أنه يجب ملاحظة جميع أعراض الاكتئاب، وأن يكونا على دراية بمزاج الابن المراهق، وأن يناقشا دائماً أي علامات مع طبيب الطفل المختص.
سبل دعم الآباء لطفلهم المراهق المصاب بالاكتئاب
1- تقوية وتوطيد العلاقة بينكما
من أهم الأشياء التي يمكنك فعلها لابنك المراهق هو العمل على تقوية علاقتكما. وبحسب موقع Help Guide المعرفي، ينبغي بناء علاقة قوية من التعاطف والتفاهم مع الطفل من خلال وضع نفسك في مكانه.
وبطبيعة الحال قد تشعر بالإحباط لأنهم يبدون محبطين وعصبيين في كثير من الأحيان ولا يبدو أنهم يفعلون الكثير لمساعدة أنفسهم، ومع ذلك إذا لم يكن هناك الكثير في حياتهم مما يجعلهم سعداء، أو حدث شيء مخيب للآمال بشكل كبير، فمن المفهوم أنهم قد يتجنبون الأشياء التي اعتادوا الاستمتاع بها والعودة إلى غرفتهم والانعزال.
وينبغي تذكُّر أن الاكتئاب يجعل حتى القيام بأصغر الأشياء أكثر صعوبة.
2- التعاطف والاهتمام دون إصدار الأحكام
يجب على الأم والأب أن يكونا فضوليين تجاه ما يعانيه ابنهما أو بنتهما، ولكنه فضول لطيف ورحيم وليس من أجل التضييق عليه أو التحكُّم فيما يخوضه.
ويتم ذلك من خلال متابعة حالتهم المزاجية بلطف ومودة، دون أي انفعال أو ضغط، بحسب Help Guide.
وحتى الآباء الذين لديهم نوايا حسنة لا يدركون في كثير من الأحيان أن قلقهم يمكن أن يظهر على أنه نقدي وليس عاطفياً حميماً ومُحباً للطفل.
لذلك لا تصدر الأحكام عليه أو تحاول حل مشكلته بالإكراه، حتى لو كنت لا توافق على وجهة نظره تجاه سبل علاج المشكلة.
وقد يبدو الاستماع إليهم وهم يتحدثون عن مشاكلهم كما لو كنت تقوّي شعورهم السلبي، ولكن في الواقع فإنك تخبرهم بذلك أنك تسمعهم وتراهم وتحاول فهمهم، وليس أنك تحاول إصلاحهم.
ويُشار أن الاستماع دون إصدار أحكام سيجعل الأطفال في الواقع أكثر عرضة للنظر إليك كحليف وصديق يمكنهم اللجوء إليه عندما يكونون مستعدين للتحدث أو للعمل على حل مشكلتهم.
3- عدم الانتقاد
حاول أيضاً منح ابنك فرصة لفعل الأشياء بالطريقة التي يرغب فيها دون انتقاد. وبدلاً من أن تقول "يجب أن تنهض وتفعل شيئاً ما"، قد تقول "أنا ذاهب إلى المركز التجاري للقيام ببعض المهام، هل تريد أن تأتي معي وربما يمكننا تناول الغداء معاً؟".
4- الثناء على الإيجابيات
ووفقاً لـHelp Guide، يجب التأكد من أنك تلاحظ الأشياء الإيجابية التي يقوم بها ابنك المراهق. مثل الذهاب إلى المدرسة أو إنهاء الواجبات أو غسل الأطباق أو اصطحاب أخيه للعب. فهذه كلها أشياء جيدة يقومون بها بشكل روتيني، لكن من المهم تقديرهم عليها بدلاً من التفكير بطريقة "هذا ما ينبغي عليهم فعله". فنحن جميعاً نود أن نحظى بالتقدير على قيامنا بعمل جيد حتى عندما يكون ذلك متوقعاً منا.
وقم بسؤال نفسك بشكل يومي "كم عدد الأشياء الإيجابية التي قلتها له؟ وكم عدد الأشياء السلبية التي قمت بلومه عليها؟".
متى ينبغي طلب المساعدة المختصة؟
قد يكون تشخيص الاكتئاب عند المراهقين أمراً صعباً لأنه لا يظهر بالضرورة في جميع جوانب حياة المراهق، بل يمكن أن يكون عرضياً وعابراً، بمعنى أنه قد يظهر ويختفي بلا مقدمات.
ومع ذلك، فإن الاكتئاب عند المراهقين غالباً ما يكون خطيراً. ومن الخطأ الانتظار والأمل أن يتحسن الاكتئاب من تلقاء نفسه لأن ذلك لا يحدث في العادة، بحسب Help Guide.
ويمكن أن يؤدي الاكتئاب غير المعالج إلى مشاكل خطيرة لاحقة، مثل تعاطي المخدرات أو المشاكل السلوكية والمشكلات الصحية الأخرى. لذلك من المهم أن يقوم الطبيب بتقييم الابن أو الابنة المراهقة من أجل الحصول على التشخيص وتحديد العلاج المناسب.