برغم كل صنوف الترحيب الحار وصور الأهلّة التي «تبرق وترعد» فوق المنازل معلنة الفرح بالشهر الفضيل و الروحانية الاليكترونية من أدعية وأحاديث ونصائح رمضانية على صفحات الناس في الفيسبوك وبرغم الملائكية الفريدة والحكمة منقطعة النظير والحلم الايماني الذي يتمتّعون به أمام شاشة الكمبيوتر الا أن شهر رمضان يبقى الشهر الأعلى بين الشهور الذي يشهد مشاجرات وهوشات و»غزو» و»مراجدة» بين الأحياء والمناطق والعائلات تنشط في الفترة الليلية لاسيما بعد الافطار والفضل للتمر هندي والقطايف التي تمّدهم بذخيرة «الكاربوهيدرات» ليتم تفريغها في الركض والتكسير وهبد القناوي... طبعاً أسباب الهوش الموسمي «في الشهر الفضيل» نخجل من ذكرها حتى لا تتأرشف في جوجل وتثبت أننا أمة تغضب وتحنق لأسباب أقل من تافهة بينما الأسباب الموجبة تعدّيها بين أرجلنا دون أي اكتراث..
بالمناسبة دققت في أحدى أغانينا الشعبية اكتشفت ان «الهوش» منذ بدايات القرن الماضي كان عنواناً للمرجلة والشجاعة والانجاز.. ففي إحدى الأغاني تقول « يا فلان للحينِ..كم هوشة حضرنالك»..يعني الأخوة يشهدون له على عدد الهوشات التي قام بها النابغة في حياته...في اليابان يقولون «كم اختراعٍ سجلنا لك» ونحن نقول كم هوشة حضرنا لك.
يا ريت لو تقوم دائرة الإحصاءات العامة بعمل إحصاءات لعدد الهوشات الوطنية وتوزيعها جغرافياً كما تعمل بالتعداد السكاني، ومن ثم تخرج لنا بمؤشر يبين الصعود في عدد الهوشات السنوي، يعني يجب ان يكون هناك تعداد سكاني ومساكن «بدها تعرف الدولة وين ساكن»، وإحصاء للثروة الحيوانية والنباتية، واحصاء للمنشآت الصناعية، ولا من بد من إحصاء عدد المشاجرات التي ننتجها ونشارك بها ونشجّع عليها.
في كل دول العالم التي تحترم القانون يرفل المجتمع بثوب المدنية والسكينة والعيش الهانئ، في ماليزيا في دبي في تركيا الف عرق وجنسية وملّة وثقافة لا نرى ما نرى هنا ونحن أبناء العرق والجنسية والملة والثقافة الواحدة...هناك القانون فوق الرؤوس الكبيرة والصغيرة..لا يوجد «غربال نور» الحبّة الصغيرة تقع والكبيرة تبقى.
الرأي