مدار الساعة - مؤامرة تستهدف المسجد الأقصى كانت هي أحد الأسباب الرئيسية للغضبة الفلسطينية خلال شهر رمضان الحالي، وكانت وراء توافد الفلسطينيين اليوم الإثنين 28 رمضان للدفاع عن الأقصى بهذه الحماسة.
فمع استمرار المواجهات بين الشباب الفلسطيني وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي وصلت لذروتها مع تنفيذ قوات الاحتلال لعملية اقتحام عنيفة للمسجد الأقصى الإثنين 10 مايو/آيار، يعود السؤال الأساسي إلى الواجهة: ماذا الذي يحدث في الأقصى، وما هي أسباب اندلاع هذه الأحداث التي تبدو مركبة ومعقدة ومتداخلة، ولماذا حدث التصعيد في شهر رمضان تحديداً؟
وكان إسرائيليون قد حصلوا بدعم من المحاكم على منازل في الشيخ جراح بالقدس الشرقية، بزعم أن عائلات يهودية كانت تعيش هناك قبل حرب عام 1948. ويريدون إخلاء 58 فلسطينياً آخر، وفقاً لمنظمة "السلام الآن"، رغم أن الفلسطينيين قدموا عقوداً رسمية لهذه المساكن التي عاشوا فيها منذ طردهم من بيوتهم في حرب 1948، إلى جانب تقديم الفلسطينيين لوثائق تعود للعهد العثماني تقوض المزاعم الإسرائيلية.
وكان المحتجون الفلسطينيون يتجمعون ليلاً في حي الشيخ جراح، وتصادموا مع شرطة الشغب وجماعات اليمين المتطرف الإسرائيلية.
ويرى مراقبون أن قضية حي الشيخ جراح جاءت لبنيامين نتانياهو، في الوقت المناسب، إذ إن الرجل يسعى لتثبيت نفسه والبقاء في منصبه، خاصة بعد أن كان قد فشل في جهوده لتشكيل الحكومة الإسرائيلية، في وقت يواجه فيه تهماً بالفساد، قد تدخله إلى السجن، في حالة لم يبق في منصبه، ومن ثم فإنه يفعل كل ما بوسعه كي يثبت للإسرائيليين أنه الرجل القوي القادر على ضبط الأمور.
وخرج إسرائيليون يمينيون متطرفون لاحقاً بمسيرات عبر مركز المدينة يهتفون "الموت للعرب"، في خضم هجمات جماعية شنتها مجموعات يهودية وعربية.
ويزعم المستوطنون أن ثلاثين ألفاً منهم سيقتحمون الحرم القدسي الشريف للاحتفال بما يسمونه تاريخ توحيد القدس.
وبدأت المواجهات في شهر رمضان في المسجد الأقصى مع قيام شرطة "إسرائيل" بقطع أسلاك مُكبرات الصوّت في المسجد في أول أيام رمضان؛ بحجة تخوّفها من قيام المُصلين بالإزعاج خلال طقوس الاحتفال بـ"يوم ضحايا الإرهاب"، ما أثار موجة غضبٍ عارمة لدى الشباب المقدسي، حسبما ورد في تقرير لموقع عمان نت، استناداً إلى مصادر إسرائيلية.
تلا هذا اقتحامات مُستفزة لمستوطنين مُتدينين للحرم القُدسي، ردّ عليها الشباب المقدسيّ، ما أدى لمواجهات قامت على إثرها شرطة الاحتلال بتفريق صلاة التراويح واعتقال بعض الشباب المقدسيين.
ثُمّ إضاءة الشموع في يوم النكبة احتفالاً باستقلال ما يعرف بعيد "إسرائيل" بمُرافقة قوات مُعزّزة من الشرطة والجيش لحمايتهم.
وتضمن ذلك نشر فيديو مُستفزّ لعضو الكنيست اليميني المُتطرّف، إيتمار بن جفير، من داخل المسجد الأقصى، وهو من أتباع الراف كهانا، ويفتخر بالإرهابي باروخ جولدشتاين، الذي قام بمذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل ويُعلّق صورته في صالون منزله.
واشتدّت المواجهات عندما قرر الشباب المقدسي رفع الحواجز عن الطرقات، واتّهمت الشرطة الشباب بإلقاء الحجارة على عناصرها، بعد استخدامها القوّة المُفرطة معهم كما وثّقت الكاميرات، كما قامت بالاعتداء على الشباب واعتقال العشرات منهم.
ولم تكتفِ الشرطة الإسرائيلية بهذا، بل خصصت على ما يبدو وحدة سيبرانيّة لمُراقبة ما يتم نشره، وقامت باعتقال عدد من الشباب بعد نشرهم فيديوهات عبر منصّة "تيك توك".
وبعد مواجهات تصاعدت على مدار شهر رمضان، وصلت الأحداث إلى الذروة يوم 28 رمضان الموافق 10 مايو/أيار 2021، وهو اليوم الذي كانت تخطط الجماعات اليهودية فيه لاقتحام الأقصى.
فبعد أن قالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إنها لن تسمح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى، اقتحمت هي بنفسها المسجد، حيث اجتاحت قوات الاحتلال المسجد الأقصى وهاجمت المعتكفين موقعة عشرات الإصابات.
وأظهرت الفيديوهات عشرات من عناصر الشرطة الإسرائيلية اقتحموا المسجد الأقصى، وأطلقوا باتجاه الفلسطينيين الذين احتشدوا بالمسجد للتصدي لاقتحامات المستوطنين الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والمسيلة للدموع، فيما رد الشبان برشق القوات الإسرائيلية بالحجارة، وصيحات "الله أكبر".
وقالت نوريت يوهان، مراسلة سلطة البث الإسرائيلية في الضفة الغربية إن حرص الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على إبلاغ الصحافيين بأن إلغاء الانتخابات الفلسطينية كان وراء انفجار الأوضاع في القدس "هراء".
وكتبت على حسابها على "تويتر" أن معظم الفلسطينيين في القدس لم يعنيهم قرار إلغاء الانتخابات، مشددة على أن اقتحام المصليات في المسجد الأقصى وإغلاق رأس العمود والتوجه لطرد الفلسطينيين من بيوتهم في الشيخ جراح قاد إلى ما آلت إليه الأمور في المدينة.
وأضاف ناصر: "يتضمن برنامج فعاليات المستوطنين لهذا اليوم، احتفالات ورقصات داخل شوارع القدس الشرقية القديمة، في محاولة لتثبيت اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل".
وتابع: "المختلف في الحشد الاستيطاني هذا العام، أنه يأتي بعد موجة تطبيع عربية على كل المستويات".
وكشفت صحيفة "هآارتس" أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حذرت دائرة صنع القرار السياسي في تل أبيب من أن السماح للجماعات اليهودية بتنفيذ الأنشطة الاستفزازية في المدينة المحتلة اليوم الإثنين بمناسبة حلول "يوم القدس"، سيشعل الأوضاع ويمكن أن يفضي إلى انتقال شرارة الأحداث إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولكن يبدو أن نتنياهو في سعيه المحموم للبقاء في السلطة، يريد أن يقوم الجيش الإسرائيلي في حماية المتطرفين اليهود، خلال اقتحامهم للمسجد الأقصى، وها هو جيش الاحتلال يقتحم المسجد المقدس لدى المسلمين جميعاً بنفسه، ويصادر مفاتيحه من حراس الأوقاف الإسلامية، حسبما ذكر موقع قناة روسيا اليوم.
وبدأ آلاف المستوطنين، الإثنين 10 مايو/أيار 2021، الاحتشاد لمسيراتهم التي انطلقت قرب باب العامود، وشارع صلاح الدين، وشارع الواد، وفي الحي الإسلامي في الطريق إلى حائط البراق، بالقدس القديمة فيما أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي شوارع مدينة القدس المحتلة أمام المواطنين المقدسيين، ومنعتهم من الدخول عبرها.
قوات الاحتلال الإسرائيلي قالت إن مسيرة المستوطنين ستمر من باب العامود والبلدة القديمة ومن المربع الإسلامي، دون أي تغيير.
وقد يكون كل ذلك تمهيداً لعمل فصل مكاني وزماني بين المسلمين والمتطرفين اليهود في الأقصى مثلما فعلت سلطات الاحتلال مع المسجد الإبراهيمي في الخليل؛ أي السماح لليهود المتطرفين بالصلاة داخله في أوقات وأماكن معينة، على أن يتم منع المسلمين من الصلاة في هذه الأوقات والأماكن.