انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة

قرقودة تكتب :مكالمة هاتفية اخيرة مع متعب الصقار

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/26 الساعة 21:23
حجم الخط

كتبت :الإعلامية تغريد جميل قرقودة

لم أكن أتخيل بأن تلك المكالمة ستكون هي الأخيرة. ولم ينتابني الشك بأن ما سمعته من كلمات سيكون آخر ما سأسمعه منه.

لم تكن مكالمتي معه كأي مكالمة روتينية أقوم بها ، فبالعادة الخبر هو الهم الأكبر بأي مكالمة أُجريها .كانت الفكرة الرئيسة هي الإطمئنان على صحة الفنان الأردني ( متعب الصقار)، ولكن عندما تُكلم شخصاً مثله، تجد من الراحة ما يعطيك متسعاً للإفصاح عما يجول بخاطرك. فما كان مني إلا أن طرحت رغبتي بزيارته لإجراء مقابلة ، حيث أنني وجدت بأنها أقل واجب أقدمه لشكر فنان أفنى عمره يدندن بصوته المميز، وكلماته التي عبر بها وبكل صدق عن حبه لوطنه ومليكه وشعبه.

وخلال حديثي معه كان صوته الشجي الذي لامس القلب يذكرني تارة بموالٍ ، وتارة أخرى بأغنية من الأغاني التي غناها ،وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن صوت متعب هو ذاته عند الحديث، وعند الغناء ،من غير تصنع أو نقص ، كما عند الكثير ممن يستعينون بآلة أو فرقة موسيقية لتغطية نقص ما في أصواتهم التي يسمعونا إياها هذه الأيام .

نعم أحبه الأردنيين كيف لا وهو الذي لم يغير نمطه منذ بدأ مشواره الفني العريق، فقد حاكى بكلماته كُلَ منطقة أردنية دون إستثناء ، وعزف على لحن ووجع كل أردني فكان يشعر بما يغنى قبل أن يغني ،وكان يعايش بأغانيه مواقف متعددة للأردن والأردنيين متأثرا بحدث الأغنية بكل مشاعر الصدق والحنان التي عرفت عنه فغنى للفرح والنجاح والزواج والتخرج والحزن أيضاً، وهذا ما جعله الأقرب لقلوب الأردنيين .
حتى أن أحدهم قال لي: إن كُنت تريدين معرفة قوة أي شخص دعه يسمع الصقار يغني لتتأكدي أن هذا الصوت يذيب قساوة القلب وإن كان صخراً.
وكما يقال لكل مجتهد من إسمه نصيب ،أحسست بتعب داخل ما قال من كلمات مما أجبرني على الشروع بنهاية حديث شيق مع إنسان رائع مثل متعب . وكناقد اتفقنا أن نلتقيه بعد خروجه من المستشفى لكن كان الموت أسرع منا، فقد إلتقاه ، قبل أن نلقاه. وأخذه حيث لا لقاء بعد ذاك اللقاء .
ابتعد متعب عن وطنه وعن بلده و أحبابه، كما إبتعد عن أهل سيشتاقوه ويفتقدوه . مات ذاك الفنان صاحب الصوت الذي لن يتكرر ، فحين نحنّ لسماع صوته سيكون سهلاً علينا سماعه، فلا يخلو أي هاتف أو جهاز لأي أردني من أغنية أو أكثر لمتعب ، لكن خسارتنا الكبيرة بفراقنا لشخصه .واليوم لن تسعف دموع أهله وكل محبيه بعودته ، فلم يحصل أن عادت الدموع بميت .لكن الكلمات تتسابق. لترثيك يا متعب. فموتك أفجعنا. فأنت من زرعت محبتك بأجمل كلمات وأبسط أسلوب .
لزوجة متعب وبناته :أعلم بأن قلوبكن هزهن خبر هذه الوفاة . فليكن خوف ومحبة فناننا الكبير لكنّ بمثابة الدافع للإبتعاد عن حزن ووجع فقدكن له . فقصة الشوق لن تنتهي لا بل ستزيد يوماً بعد يوم ، فقد كان فقيدُنا جميل الروح للحد الذي جعل الأرض عاجزةً عن حمله، فخبأته داخلها.
وكما أن الموت حق على كل إنسان لا يبقى لنا سوى الدعاء له بالرحمة لصاحب الدمة السخية ولعائلته بالصبر والسلوان فهذا قضاء الله تعالى وقدره.
رحمك الله أبا شهد.
مدار الساعة ـ نشر في 2021/04/26 الساعة 21:23