مدار الساعة - كانت الحرب العالمية الأولى واحدة من أعنف الصراعات عبر التاريخ، إذ استمرت من عام 1914 حتى 1918، ودفعت العالم إلى أهوال حرب الخنادق والتقنيات الجديدة الفتَّاكة، مثل الغازات السامة والدبَّابات، وتسببت بمقتل نحو 9 ملايين إنسان.
علاوة على أنّ الحرب مهدت لتغييرات سياسية كبيرة كانت وراء ثورات في دول عديدة، إضافة لانهيار الإمبراطوريات النمساوية-المجرية والعثمانية والروسية، المترامية الأطراف التي ظلَّت قائمةً لقرونٍ من الزمن، وتشكَّلَت دولٌ جديدة لتحل محلها.
لكن المؤرِّخين يقولون إن الحرب العالمية الأولى كانت في الواقع تتويجاً لسلسلةٍ طويلةٍ من الأحداث، امتدَّت جذورها إلى نهاية القرن الـ19، ومن بينها أحداث كان للعرب سبب مباشر بها.
فيما يلي أحداث أدَّت إلى اندلاع الحرب بينها أحداث تسبب بها العرب:
لذلك قرَّرَت الدولتان توحيد قواهما من أجل الحماية المُتبادَلة أيضاً، وكان ذلك بداية ما سيصبح لاحقاً قوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وفقاً لما ذكره موقع History.
ويشرح ريتشارد فوغارتي، أستاذ التاريخ المشارك في جامعة ألباني الأمريكية: "في رأيي، فإن تلاقي الوفاق الثلاثي على مراحل -التحالف الفرنسي الروسي في 1894، والوفاق البريطاني الفرنسي في 1904، والوفاق الأنجلو-روسي في 1907- هو الذي عزَّزَ حقاً نظام الاتفاقات الدبلوماسية الذي شكَّلَ الكتل العدائية الرئيسية التي دخلت الحرب عام 1914".
وأضاف: "كان نظام التحالف حاسماً في تشكيل الحرب، وحتى في المساعدة على إحداثها، فقد أثار مجموعةً من التوقُّعات حول التنافس والمزاحمة الدولية وتحديد نوع الحرب التي تخيَّلها الأوروبيون واستعدوا لها".
كان ذلك هو القانون الأول من بين خمسة قوانين تبني حشداً بحرياً تخيَّل فيه الألمان قوةً مُتفوِّقةً على البحرية الملكية البريطانية.
ويوضِّح يوجين بيريغر، الأستاذ المشارك في دراسات التاريخ والسلام والعدالة والصراع في جامعة ديبول الأمريكية: "كان تيربيتز يهدف إلى إجبار بريطانيا على الدخول في تحالفٍ مع ألمانيا وفق شروطٍ ألمانية".
لكن البريطانيين ردوا ببناء المزيد من السفن، وإنهاء سياسة "العزلة الرائعة" التي سادت في أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر لتشكيل تحالفاتٍ مع اليابان وفرنسا وروسيا.
في تلك الأثناء رأى اليابانيون في العدوانية الروسية المتزايدة تهديداً لهم، فشنوا هجوماً مفاجئاً على أسطول نيقولا الثاني في بورت آرثر في الصين.
أما الحرب الناتجة عن ذلك، والتي خاضها اليابانيون في البحر والبر في الصين، فقد انتصر فيها اليابانيون، وساعدت في تحويل ميزان القوى في أوروبا وفقاً لما ذكره موقع Encyclopedia.
ووقَّعت حليفتا روسيا، وهما فرنسا وبريطانيا، المتحالفتان مع اليابان، اتفاقهما الخاص في 1904 لتجنُّب الانجرار إلى الحرب كما أقنعت فرنسا الروس لاحقاً بالدخول في تحالفٍ مع البريطانيين أيضاً، مِمَّا أرسى الأساس لتحالفهما في الحرب العالمية الأولى.
بالإضافة إلى ذلك فقد أوقفت اليابان التوسُّع الروسي في الشرق، وأدَّى هذا إلى تحويل الطموحات الروسية إلى الغرب، وخاصةً في البلقان، وأثَّر على المتشدِّدين داخل الحكومة لعدم التراجع في الأزمات المستقبلية.
وقد ساعدت تلك المعارك الروسية في إشعال الحرب العالمية الأولى بعد أقل من عقدٍ من الزمان.
ولكن بعد أن ضمَّت الحكومة النمساوية-المجرية أراضيها، جاءت هذه الخطوة بنتائج عكسية، إذ أراد معظم سكَّان المقاطعتين السلافيَّتين أن يكون لهم بلدهم الخاص، بينما كان لدى السلاف في صربيا المجاورة طموح الاستيلاء على المقاطعتين.
وبالإضافة إلى ذلك، وجَّهَت هذه الخطوة روسيا، التي كانت تعتبر نفسها حامية صربيا، نحو مواجهةٍ تدريجية مع النظام النمساوي-المجري.
وفي الأزمة المغربية الثانية عام 1911 والتي تعرف باسم أزمة أغادير أرسل وزير الخارجية الألماني، ألفريد فون كيدرلين-واتشر، طراداً بحرياً للرسو في ميناءٍ على الساحل المغربي، كردِّ فعلٍ على ثورةٍ قبلية اعتقد الألمان أنها مدعومةٌ من فرنسا كذريعةٍ للاستيلاء على البلاد وفقاً لما ذكره موقع History Crunch.
وفي النهاية اضطرَّت ألمانيا إلى الموافقة على الاعتراف بالحماية الفرنسية في المغرب، وهكذا دفعت الأزمتان البريطانيين والفرنسيين ليكونا أقرب في دعم بعضهما، وسرَّعت المواجهة النهائية مع الألمان.
ولذلك وجَّهَت الحكومة الإيطالية أنظارها إلى ليبيا، الواقعة في شمال إفريقيا والتي لم تطالب بها قوةٌ أوروبية غربية غير إيطاليا، وقرَّرَت أخذها من الإمبراطورية العثمانية.
انتهت الحرب الإيطالية التركية بمعاهدة سلام، لكن الجيش العثماني غادر ليبيا مما جعل الإيطاليين يستعمرونها.
ولكن الأهمية الحقيقية لسيطرة الإيطاليين على ليبيا كانت كشف زعزعة الإمبراطورية العثمانية وفقدانها السيطرة على المناطق المحيطة.
وكان هذا بدوره أحد العوامل التي أدَّت في نهاية المطاف إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى.
وكان هذا التحالف المدعوم من روسيا يهدف إلى انتزاع المزيد من الأراضي المتبقية للأتراك في البلقان.
في حرب البلقان الأولى، 1912، هزمت صربيا واليونان والجبل الأسود القوات العثمانية، وأجبرتها على الموافقة على هدنة، لكن سرعان ما تفكَّكَت رابطة البلقان.
وفي حرب البلقان الثانية، حارب البلغار اليونانيين والصرب على مقدونيا، كما شاركت الإمبراطورية العثمانية ورومانيا في المعركة ضد البلغار الذين خسروا في النهاية.
وبسبب فراغ السلطة الذي تركه العثمانيون، نمت التوتُّرات بين صربيا والنمسا-المجر، الذي دفع بدوره النمسا-المجر وحليفتها ألمانيا، إلى اتِّخاذ قرار بأن الحرب مع الصرب ستكون ضروريةً في مرحلةٍ ما لتعزيز موقف النمسا-المجر.
لذلك يعتبر الكثير من المؤرخين أن حروب البلقان هي البداية الحقيقية للحرب العالمية الأولى.
قُتِلَ هو وزوجته صوفي بالرصاص في سيارتهما على يد ثوري صربي يبلغ من العمر 19 عاماً، يُدعى غافريلو برينسيب.
والسبب وراء قتله كان خوف الصرب من كونه معتدلاً وبأنه سوف يروِّج لترتيب تقاسم السلطة الذي من شأنه الإبقاء على الشعوب السلافية في الإمبراطورية.
وبالتالي ازداد التوتُّر بين القوى الأوروبية، حيث انحازت إلى جوانب مختلفة من الأزمة.
وكما يذكر متحف الحرب الإمبراطوري في المملكة المتحدة، فإن الاغتيال وضع النمسا-المجر وروسيا، اللتين رأتا نفسيهما على أنهما حماة الصرب، في مأزق، فلم ترغب أيٌّ منهما في التراجع والظهور بمظهرٍ ضعيف.
وخوفاً من معركةٍ قد تجذب روسيا، لجأت النمسا-المجر إلى مساعدة ألمانيا، التي وعدت بالدعم إذا استخدم النمساويون-المجريون القوة ضد الصرب.
وبالتالي شجّع الدعم الألماني النمسا-المجر على إعلان الحرب على صربيا في 28 يوليو/تموز.
في الوقت الذي رأى الألمان أنهم أيضاً في مأزق، فلم يرغبوا في محاربة كلٍّ من روسيا وحليفتها فرنسا على جبهتين في وقتٍ واحد، لذا أصبح من الضروري إخراج الجيش الفرنسي من الحرب قبل أن تكون روسيا مستعدةً للقتال.
لذلك أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا في 1 أغسطس/آب، وبعد يومين أعلنت الحرب أيضاً على فرنسا عندما جمعت قواتها على حدود بلجيكا المحايدة لعبورها نحو الأراضي الفرنسية.
الأمر الذي دفع البلجيكيين لطلب مساعدة بريطانيا التي أعلنت بدورها الحرب على ألمانيا، وهكذا بدأت الحرب العالمية الأولى.