ونحن اذ نحتفل بذكرى مئوية الدولة الاردنية نستذكر تضحيات الاباء والاجداد بقيادة ملوك بني هاشم الكرام ،حيث تأسست الدولة الاردنية الحديثة على مبادىء قومية عربية سامية ، ارتكزت الى الثورة العربية الكبرى ورسالتها السامية بقيادة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه ، تحريرا لارادة الامة ودفعا للظلم والتهميش وبناء الدولة العربية.
فقد كان وما زال هذا الحمى العربي الاردني الهاشمي مشروع حياة اراده الهاشميون الاحرار لابناء شعبهم الوفي، الذي يعيش مع امجاد هذه الذكرى بكل عبقها وانجازاتها في كافة الميادين.
يدرك الاردنيون من ابناء هذا الوطن الجميل المعطاء في هذه المناسبة الغالية حجم التضحيات والجهود التي بذلها الاجداد والآباء في توطيد البناء وارساء قواعد الدولة الاردنية الحديثة، وتلك الانجازات المتواصلة التي نفاخر بها في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لبناء اردن قوي ومزدهر بهمة ابنائه وبناته.
ومن سفرهذه المناسبة نقرأ بان هذا الوطن هو ثمرة طيبة لثورة عربية قادها الهاشميون مع احرار الامة، دفاعاً عن كرامة العرب وتحريراً لارادتهم.
ومنه نستلهم الامانة والواجب الملقى على اردننا الغالي في مواصلة الدفاع عن قضايا الامة ودفع الظلم عنها، وعلى نحو خاص قضية فلسطين، والتي كان وما زال لها المكان الارحب في قلب ووجدان الاردنيين وقيادتهم الهاشمية الحكيمة.
لقد أولى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله القضية الفلسطينية أعلى درجات العناية والرعاية والاهتمام، وظلت فلسطين وقضيتها الالم والجرح والمعاناه التي حملها جلالته الى مختلف المنابر الدولية والاقليمية، وكان صوت جلالته مدوياً ومستصرخاً لمداواة هذا الجرح والالم والظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني عبر السنين الماضية، لتشكل مرتكزاً اساسياً للسياسة الاردنية الداخلية والخارجية، لا بل ان الاردن ينظر الى فلسطين وقضيتها على أنها قضية وطنية أردنية تحتل سلم الاولويات والاهتمامات.
هكذا، نرى ان فلسطين كانت وما زالت حاضرةً دائماً في لقاءات واجتماعات جلالته مع زعماء وقادة العالم، وكافة المنابر والفعاليات الاقليمية والدولية.
ودائماً ما يؤكد جلالة الملك في هذه اللقاءات والمباحثات على أن السلام العادل والدائم لن يتحقق في المنطقة إلا إذا رفعت المظالم التي تعرض لها الشعب الفلسطيني على مدى عقود طويلة، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ومبدأ حل الدولتين، بما يمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره على أرضه ووطنه وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئيين الفلسطينيين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وبشكل خاص قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194 الذي يكفل حق العودة والتعويض.
كما وتؤكد السياسة الاردنية بقيادة جلالة الملك في كل مناسبة على تلك الرابطة القوية دينياً وقومياً وتاريخياً للهاشميين والعرب والمسلمين عموماً بالقدس، وعلى مكانة هذه المدينة المقدسة لديهم، وهو ارتباط وثيق العرى توارثه الهاشميين كابراً عن كابر، كما توارثته الأجيال العربية والمسلمة منذ آلاف السنين، حيث جاءت الاتفاقية التاريخية التي وقعها جلالته والرئيس الفلسطيني محمود عباس لحماية المسجد الاقصى المبارك، لتؤكد على تلك العناية والرعاية الهاشمية المتواصلة، كإمتداد للعهدة العمرية التي حملها الهاشميون عبر التاريخ، وكإمتداد للبيعة التي انعقدت للشريف الحسين بن علي عام 1924، لحماية المقدسات في القدس ورعايتها والدفاع عنها، في وجه المخططات الاسرائيلية لتهويد القدس ومقدساتها وطمس معالمها الحضارية والدينية العربية الاسلامية والمسيحية.
لقد أولى جلالته كل الاهتمام والرعاية لكل الاردنيين في هذا البلد الطاهر، متلمساً احتياجاتهم ومتطلباتهم الاساسية لبناء اردن قوي ومزدهر.
وفي هذه المناسبة العزيزة نستذكر العطاء الذي لا ينضب، والمكارم الملكية التي لا تنقطع، لأبناء المخيمات من اللاجئين الفلسطينيين وزيارات جلالته المتواصلة لهم لتفقد احوالهم وأوضاعهم، حيث شملت مكارم جلالته كافة شرائح مجتمع اللاجئين من مقاعد جمعية للطلبة وطرود الخير الهاشمية للفقراء ، الى جانب مشاريع المبادرات الملكية التنموية والخدمية، بما فيه مشاريع انشاء وتحسين البنية التحتية، والتي شملت كافة المخيمات، ما اسهم في تحسين الاحوال المعيشة والخدمية فيها، ووفرت سبل حياة كريمة لشريحة مهمة من ابناء هذا الوطن الغالي.
يحق للاردنيين ان يفخروا ويفاخروا بهذه المناسبة الغالية، وبقيادتهم الهاشمية الحكيمة وعزمها وارادتها لبناء الدولة العصرية الحديثة، وأن ينظروا بعين الرضى والاعجاب لما تحقق في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة المعظم بالنسبة لمسيرة اصلاح وتطوير وتحديث أردننا الغالي.
وبهذه المناسبة العزيزة، نبتهل الى الباري جلت قدرته ان يحفظ عميد آل البيت جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، ويسدد على طريق الحق والخير خطاه، ويبقيه، عزاً، وذخراً وسنداً لشعبه الأردني الأبي، ولأمته العربية والإسلامية.