مدار اسلاعة - مع التطور التكنولوجي الهائل في فنون العمارة، أصبح من السهل تشييد الأبنية الضخمة تحت الأرض، لكن كيف أمكن إنشاء مدن تحت الأرض في قديم الزمان؟!
يمتلئ التاريخ بعجائب عن مدن تحت الأرض استُخدمت في كثيرٍ من الأحيان كملاجئ في أوقات الحروب، وكنائس ومدارس، فيما يلي نكتشف ٨ مدن مذهلة تحت الأرض:
اكتُشفت عام ١٩٦٠ في منطقة كابادوكيا بتركيا حين أراد أحد السكان أن يرمم منزله، فعثر على أنفاق تؤدي إلى هذه المدينة، الموجودة على عمق ٨٥ متراً في صخور بركانية.
ويختلف الباحثون حول العصر الحقيقي الذي شُيدت فيه؛ فتاريخ هذه المدينة معقد قليلاً، فيقال إنه يعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، ويعتقد آخرون أن الحيثيين -وهم أصحاب حضارة سكنت منطقة الأناضول وشمال سوريا قبل ١٠٠٠ عام من الميلاد- هم من قاموا ببنائها، واحتلتها جماعات أخرى في العصر البيزنطي المسيحي، وتركوا وراءهم مجموعة من الجداريات واللوحات.
التكامل الذي كانت عليه المدينة جعل اكتشافها مثيراً حقاً، فقد ضمت غرفاً للمعيشة تتسع لنحو ٢٠ ألف شخص، ومطابخ وفتحات للتهوية، ومصانع للنبيذ ومخازن، وغرفاً دينية، وحتى المقابر وإسطبلات الخيول.
ناورس
تقع في إقليم بيكاردي بشمال فرنسا، وتضم ٣٠٠ غرفة على اتساع نحو ميلين من الأنفاق.
بدأت الحياة فيها خلال القرن الثالث الميلادي كجزء من المحجر الروماني، وتم توسيعه في العصور الوسطى، حيث استخدمه السكان المحليون كملاجئ للاختباء أوقات الحروب والغزوات.
تتسع المستوطنة لنحو ٣٠٠٠ شخص، وشملت الآبار والغرف الدينية وإسطبلات الخيول والمخابز، اكتُشف هذا الأثر في القرن التاسع عشر وافتتح كمزار سياحي، واستخدمه جنود الحلفاء الذين خاضوا معركة السوم في الحرب العالمية الثانية بالقرب من هذه المنطقة، حيث تركوا وراءهم ٢٠٠٠ قطعة من الكتابة على جدران هذه المدينة.
فيليشكا – كاتدرائية الملح
واحدة من أضخم المدن تحت الأرض في مدينة كراكوف جنوب بولندا، وأهمها سياحياً، وتتميز بمتاهات وأنفاق تمتد لأكثر من ١٠٠٠ قدم، ويوجد بها تماثيل صُنعت من الملح.
أنشأها عمال المناجم في القرن الثالث عشر في أثناء تنقيبهم عن الملح الصخري، وصنعوا من كريستال الملح كنيسة وثريات وتماثيل ونقوش بارزة، ومنها نسخة طبق الأصل من لوحة "العشاء الأخير" لدافنشي.
توقف المنجم عن إنتاج الملح عام ٢٠٠٧ بعد انخفاض أسعاره، وأدرجته منظمة اليونيسكو ضمن التراث الحضاري عام ١٩٨٧، كما أنه يعد مكاناً مثالياً للعلاج بالملح الصخري.
مدينة بكين
في عام ١٩٦٩، أمر ماو تسي تونغ ببناء ملجأ للطوارئ، للحكومة الاشتراكية في مدينة بكين، يمتد لنحو ٣٠ كيلومتراً، فبُنيت هذه المدينة العملاقة خلال الحرب الحدودية بين الصين والاتحاد السوفييتي.
وكانت المدينة تضم المحلات التجارية والمطاعم والمدارس والمسارح وحتى حلبة للتزلج، وضمت ١٠٠٠ مسكن، حتى إنها كانت تتسع لنحو ٤٠% من سكان العاصمة في ذلك الوقت في حالة وقوع هجوم.
وفي عام ٢٠٠٠، افتُتحت المدينة كمعلم سياحي، وتُستخدم حتى الآن بعض الملاجئ بها كبيوت للشباب.
البتراء
إحدى عجائب الدنيا السبع، وهي قلعة بُنيت في الصخور الوردية فسميت كذلك المدينة الوردية في محافظة معان بالمملكة الأردنية.
بناها الأنباط عام ٤٠٠ قبل الميلاد، ويُعتقد أن عدد سكانها كان ٢٠ ألف شخص، وتُوجد بها أشهر معالم البتراء وهو الخزنة الذي تتكون واجهته من طابقين بعرض ٢٥ متراً وارتفاع ٣٩ متراً.
والدير الذي يحتوي على تماثيل التيجان، وقد تحول دير الأنباط إلى الرهبانية في حكم الدولة البيزنطية، ويعتقد أن الكثير من أنقاض هذا المَعلم ما زال كامناً في باطن الأرض حتى الآن.
أورفيتو
أكثر الأماكن غموضاً هي منحوتة أرفيتو في إيطاليا، التي بناها الأتروريون، وهي في الأصل متاهة لبناء الصهاريج والآبار، ولكنها اتسعت على مدى قرون لتشمل أكثر من ١٢٠٠ نفق متشابك، بها الكهوف وصالات العرض وبعض الغرف الدينية في عصر الحضارة الأترورية، ومعاصر الزيتون بالعصور الوسطى.
كما كانت تُستخدم لتخزين النبيذ، وقد استُخدمت في الحرب العالمية الثانية كملاجئ للسكان.
اليبيلا
في القرن الثاني عشر، بُنيت بمجمع بيلا الإثيوبي ١١ كنيسة نُحتت في الصخور البركانية تحت الأرض، وتم عمل تجويف بها؛ ما يوحي بأن الكنائس نبتت من الأرض. المبنى الأكثر شهرة هو الكنيسة التي بُنيت على شكل صليب القديس جورج، على عمق ١٠٠ قدم من الأنفاق.
وتقول الأسطورة إن البناء استغرق ٢٤ سنة، لكن المؤرخين يعتقدون أنه اكتمل على عدة قرون، وتعتبر القرية الآن موقعاً مقدساً للكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، ويستقبل المكان تحت الأرض ١٠٠.٠٠٠ حاج كل عام.
بَنَت الحكومة البريطانية هذه المنشأة عام ١٩٥٠، لإيواء أعضاء الحكومة تحت الريف، وقت وقوع هجوم نووي، ويبلغ حجمها ٢٤٠ فداناً، وتستوعب ٤٠٠٠ من المسؤولين وعائلاتهم، وكان بها بحيرة تحت الأرض، ومحطات لمعالجة المياه، وحانات، ومطاعم، ومستشفيات، كما كان بها استديو لشبكة الإذاعة البريطانية BBC وسكن لرئيس الوزراء، وحتى عام ٢٠٠٤ كانت لا تزال تعمل جزئياً إلى أن رُفعت عنها السرية.