محمد حسن التل
على امتداد الجغرافيا الأردنية لا يوجد أردني واحد يرضى أن تمس هيبة الدولة الأردنية أو ينتقص من مكانتها على المستويين الداخلي والخارجي، وقد أثبتت الدولة الأردنية عبر مئة عام أنها تحترم وجودها كدولة راسخة تتعامل مع جميع دول العالم بندية مطلقة، ولم يثبت عبر هذا التاريخ الطويل للدولة الأردنية أن قام أركانها بالتفريط بالحقوق الوطنية، أقول هذا بمناسبة إصدار حزب جبهة العمل الإسلامي بيانا يدين اتفاقية الدفاع المشتركة الأردنية الأميركية، وكما هو معتاد من هذا الحزب لم يحلل بنود الاتفاقية بشكل عملي وواقعي بل لجأ إلى ا?عاطفة والخطابات التي لم يعد أحد يقتنع بها لأنها أولا.. مكررة وفارغة من المضامين ولم تقدم أي حلول لأي مشكلة تواجه الأردنيين سواء على المستوى السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي، حتى الوضع الصحي الذي يواجهه البلد منذ عام، لم نر من هذا الحزب أي خطوة فعالة تجاه المشاركة المجتمعية في الإطار الوطني لتقديم أي شيء يساعد في مواجهة الوباء الذي اجتاحنا بشراسة رغم إمكانياته الكبيرة.
وبالإشارة إلى الإتفاقية مرة أخرى، فإنه يجب من الطبيعي أن يعلم هؤلاء «وهم يعلمون» أنها محكومة في القانون الأردني وأن كل الاتفاقيات التي تعقدها الدولة من غير المسموح أن تتجاوز قواعد الدستور الأردني وقوانين الدولة السارية، عندما يصل النقاش من أجل النقاش فقط ويكون فقط عملية تنشيط للحناجر وكتاب البيانات فإنه لا يؤدي بالضرورة إلا إلى إثارة البلبلة ومحاولة التغطية على الحقائق.
لو شهدنا تحليلا واقعيا وعلميا للاتفاقية لكان الأمر ربما يشير إلى عمل سياسي مفيد، ولكن للأسف اللجوء الى الخطابة وتثوير العواطف لا يعود على الأردنيين بأي فائدة، لا يوجد أردني يستطيع أن يزاود على أردني آخر في الحفاظ على مصالح البلاد، والدولة جزء أساس من الأردنيين، وهي لا يمكن أن تفرط بالحقوق الوطنية.
التعاون الأردني الأميركي مستمر منذ عقود طويلة، على كل المستويات ومنها المستوى الدفاعي في التدريب والتسليح ومكافحة الإرهاب، والمعونات الأميركية للأردن ثابتة في البرنامج الأميركي للتعاون الخارجي مع الدول في هذه المجالات، والأردن هو المستفيد في هذا الجانب استفادة كبيرة، إننا نمر في ظروف صحية وسياسية واقتصادية ضاغطة لا تتحمل البلاد خلالها أي استعراض للعضلات في بيانات لا تسمن ولا تغني من ضيق.
الدولة الوحيدة للأسف التي حافظت على مساعدتها للأردن هي أميركا إضافة إلى بعض الدول الأوروبية في أشد الظروف صعوبة.
إن الاتفاقية المذكورة معلنة، وغير مخفية عن أي طرف، ولا يوجد بها ما تريد الحكومة إخفاؤه عن أحد، والدستور ضمن في نصوصه الفصل بين السلطات، وليس من صلاحيات مجلس النواب أن تعرض عليه جميع الإتفاقيات التي تعقدها الحكومة، فهناك اتفاقيات من صلاحيات الحكومة فقط، هذه الاتفاقية المطلع عليها بطريقة موضوعية يخرج بنتيجة أنها مفيدة للأردن ولا تفرط بالحقوق الوطنية، ولا نريد أن نذكر هؤلاء بالدول الكثيرة بالمنطقة الذين يصفقون لها كل يوم بالقواعد الأميركية المتواجدة على أراضيها.
إن كل المكتسبات التي يحققها الأردن على المستوى الخارجي تأتي بجهود مباشرة ومضنية من جلالة الملك مباشرة بنتائج تحفظ التوازن والاحترام في علاقات الأردن مع الدول كبرت أو صغرت.
إننا اليوم بأمس الحاجة لتحكيم العقل وتكريس المصلحة العامة الوطنية بدلا من محاولات شعبوية بائسة لا تؤدي إلا إلى إثارة البلبلة بين الناس، على هؤلاء أن يدركوا بأنهم ليسوا هم الحراس على الحقوق الوطنية وأن كل أردني حارس على هذه الحقوق، والدولة الأردنية بكل مستوياتها هي الحارس الأمين على هذه الحقوق فلا يزاودن أحد علينا..
الرأي