أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الآخـرة كبعد معرفــي

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - يجتهد العلم في فهم وتفسير موت المخلوقات، ويراه فناءا نهائيا، فالكائنات تتحلل، وتنشأ منها حيوات جديدة، ولكن هل يستطيع العلم أن ينظر إلى موت الإنسان بنفس الطريقة، فيُساوى بين الإنسان والبهائم في مصيرها المتلاشي، فأرحام تدفع، وأرض تبلع، وما بينهما حياة صاخبة بلا معنى ولا غاية في الخلود والأبدية؟!

الآخرة سؤال تأسيسي، وشطبها من معرفة الإنسان ما هو إلا نفي لأهم حقيقة في الوجود، وترسيخ لفساد واسع في الحياة، والإجابة عن السؤال يحل لغز الموت، فإسقاط النهايات من حسابات الإنسان هدر للمستقبل، والآخرة هي نهاية النهايات، وإغفالها تبديد لأهم مستقبل للإنسان، فالإيمان العميق بالآخرة يُغير الإدارك للحياة والموت، إذ تصبح الحياة مزرعة يجتهد فيها الإنسان ليغرس ما ينفعه في مصيره القادم، ويصير الموت سبيلا للوصول إلى تلك الأبدية، ونهاية للمعاناة والشقاء.

كان الفيلسوف “سقراط” يرى أن الإنسان عندما يقترب من مفارقة الحياة يُلح عليه سؤال الآخرة، فيقول:” إننا نقترب من الحقيقة كلما أشرفنا على مفارقة الحياة.. إن الرجل الحكيم يبحث عن الموت طوال حياته، ولذا فالموت لا يفزعه”، وجاء في تفسير “الظلال” في سورة الروم في قوله تعالى “يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ”[1] أن “الغفلة عن الآخرة تجعل كل مقاييس الغافلين تختل; وتؤرجح في أكفهم ميزان القيم; فلا يملكون تصور الحياة وأحداثها وقيمها تصورا صحيحا، ويظل علمهم بها ظاهرا سطحيا ناقصا؛ لأن حساب الآخرة في ضمير الإنسان يغير نظرته لكل ما يقع في هذه الأرض”، ومن ثم فالإيمان بالآخرة قضية معرفية كبيرة وليست شيئا عابرا في حياة الإنسان.

وفي كتاب “الآخرة، الحقيقة الكاملة: الحياة بعد الموت “[4] تاليف ستيفن مارتن Stephen Martin ، وهو كتاب من جزأين، يؤكد أن هناك حياة أخرى بعد الموت، وهناك جنة وجحيم، فموت الجسد يُطلق الوعي لعالم عقلي حقيقي، يلجأ الكتاب إلى العلم والفلسفة لإثبات الآخرة واستمرار الحياة بعد الموت، وبرأيه أن الوعي البشري خالد لا يفنى، ولذا فهناك حياة أخرى يتحقق فيها هذا الوعي.

ولعل من أروع ما تكلم عن أهمية الآخرة كبعد معرفي، ما جاء في تفسير “في ظلال القرآن” من أن:”الإيمان بالحياة الآخرة نعمة..نعمة يفيضها الإيمان على القلب..نعمة يهبها الله للفرد الفاني العاني المحدود الأجل الواسع الأمل، وما يُغلق أحد على نفسه هذا المنفذ إلى الخلود إلا وحقيقة الحياة في روحه ناقصة أو مطموسة؛ فالإيمان بالآخرة – فوق أنه إيمان بعدل الله المطلق وجزائه الأوفى- هو ذاته دلالة على فيض النفس بالحيوية، وعلى امتلاء بالحياة لا يقف عند حدود الأرض، إنما يتجاوزها إلى البقاء الطليق الذي لا يعلم إلا الله مداه، وإلى المرتقى السامي الذي يتجه صُعُداً إلى جوار الله”.

مدار الساعة ـ