أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ماذا خسرت سوريا بتدمير حلب؟

مدار الساعة,أخبار عربية ودولية,الأمم المتحدة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

الساعة- كانت حلب قبل الثورة السورية تُعرف بـ"عاصمة الاقتصاد السوري"، وكانت غرفة تجارة حلب قد أُنشئت عام 1885 ما جعلها تُعَد أقدم غرفة للتجارة في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي برمته.

وقد نوهت الغرفة في عام 2012 أن مساهمة الاقتصاد المحلي لمدينة حلب في الناتج المحلي الإجمالي لسوريا كلها بلغ حوالي 24 بالمئة، ويأتي ترتيبها في المركز الأول بين المدن من ناحية مساهمتها في الناتج الإجمالي المحلي للدولة.

وكان الإنتاج الزراعي في المدينة يساهم بحوالي 13 بالمئة من الإنتاج الزراعي الكلي لسوريا، وفي عام 2011 كان القطاع الزراعي يشغل حوالي 15 بالمئة من أبناء المدينة.

أما عن القطاع الصناعي فلم تعرفه سوريا إلا من خلال مدينة حلب. فكانت المدينة تمتاز بالصناعات النسيجية التي تساهم بمعدل ثلث الإنتاج الصناعي لسوريا كلها، وتبلغ الصادرات الصناعية السورية الواردة من حلب حوالي 50 بالمئة من جملة الصادرات السورية.

وفي العام 2011 كان حجم الاستثمارات في الشيخ نجار، المدينة الصناعية، حوالي 166 مليار ليرة سورية، وتوظيف حوالي 36 ألف فرصة عمل. من أجل الأهمية الصناعية الكبيرة لحلب، فإنها تشغل حوالي 50 بالمئة من العمالة الصناعية في سوريا كلها.

أما عن العلاقات التجارية بين المدينة ودول العالم؛ فتقول غرفة تجارة حلب إن قيمة الصادرات التي أسهمت فيها في 2011 حوالي 452 مليون دولار أمريكي، بعد أن وصلت في العام 2010 إلى 508 مليون دولار.

وساهمت المنطقة الحرة في مدينة حلب في تنمية المبادلات التجارية من خلال 114 مشروعاً استثمارياً في المنطقة التجارية وحدها، وتؤمن حوالي ألفي فرصة عمل.

وبلغت قيمة السلع المصدرة إلى خارج المنطقة الحرة حوالي 170 مليون ليرة سورية، أما خارج سوريا فبلغت قيمة السلع المصدرة حوالي 13 مليون ليرة سورية.

وكان قطاع السياحة في المدينة يشكِّلُ مورداً هاماً، وركيزةً أساسية ليس في العصر الحديث فقط، وإنما منذ الأزل. فهناك ما يسمى بالخانات في مدينة حلب القديمة، التي كانت بمثابة الفنادق الفاخرة التي يلتقي فيها التجار والصناع ورجال الأعمال قديماً. وكانت مدينة حلب تضم 107 فندقٍ عام 2010.

وإذا كانت المدينة مركزاً للتجارة والصناعة، فكان لابد لها أن تكون مركز جذب استثماري كبير، ومحطّ أنظار المستثمرين، إذ تتوسَّط المدينة مناطق الإنتاج الزراعي، كما تمتلك مرافئ تصديرية بحرية، ومنافذ حدودية برية مع الدول المجاورة، بالإضافة إلى مكانتها في الصناعات النسيجية، والصناعات التقليدية كالملابس، والصابون، والحرير الطبيعي، والذهب، والمواد الغذائية، وغيرها.

فالإنتاج الزراعي يؤمِّن توافر المواد الخام للتصنيع مثل القطن، والحبوب بجميع أنواعها. كما أن الحلبيين من أصحاب المهارات العالية، تتسم اليد العاملة بالتنوع والأجور القليلة مقارنة بالدول المجاورة. من أجل ذلك، جذبت مدينة حلب المستثمرين، فكان يتواجد فيها حوالي 21 مصرفاً حكومياً وخاصاً بفروعهم المنتشرة في أرجاء المدينة، يُخدِمون على هذا النشاط الاقتصادي الكبير.

الأسد يدمر المدينة

وبحسب دراسة صادرة عن المركز السوري لبحوث السياسات فإن خسائر الاقتصاد السوري قد بلغت 255 مليار دولار. ما يعني أن نصيب مدينة حلب من الخسائر الاقتصادية يمكن تقديره بحوالي 65 مليار دولار أو يزيد.

وتقول الدراسة إن أكثر من 470 ألف شخص لقوا حتفهم بسبب القتال في سوريا، ومن بينهم حوالي 70 ألف شخص ماتوا بسبب انكماش الخدمات الأساسية كالمياه النظيفة والرعاية الصحية.

الازدهار الصناعي قد تلاشى في مدينة حلب، وتوقفت المصانع، فالتي لم يتم تدميرها بعد توقفت بسبب النهب أو انقطاع التيار الكهربي وانعدام الأمن على الطرق.

أما الإنتاج الزراعي فقد وقعّ إحراقه بالبراميل المتفجرة التي تلقيها قوات النظام وبمساعدة الضربات الجوية الروسية. فقلَّ إنتاج القمح بنسبة تجاوزت 20 بالمئة مما كانت عليه عام 2010، وانخفض الإنتاج الحيواني بنسبة 30 بالمئة في الأبقار، و40 بالمئة في الأغنام والماعز، و50بالمئة في الدواجن. وتمثل الثروة الحيوانية التي وقع تدميرها 20 بالمئة من قوة العمل الريفية، بينما كانت الأغنام والماعز والدواجن من السلع التصديرية الهامة.

وساهمت العقوبات الدولية على النظام في انخفاض قيمة الليرة السورية من 50 ليرة لكل دولار قبل الحرب، إلى 500 ليرة للدولار الواحد الآن. وهو ما أدى إلى ازدياد معدلات التضخم بنسبٍ كبيرة وصلت إلى 400 بالمئة، فكان الفقر كالموت يترقَّب من بقي حيًا. مما دفع معدلات الفقر إلى الارتفاع إلى 90 بالمئة من عدد السكان الموجود في مدينة حلب حالياً.

وبسبب القصف الدائم والإبادة الجماعية من قبل قوات النظام على مدينة حلب، هربت رؤوس الأموال من المدينة. واستقرت نسبة كبيرة من هذه الأموال في مدينة غازي عنتاب التركية.

فالحلبيون أطلقوا العديد من المشاريع الاستثمارية في المدينة التركية مثل تصنيع الزيوت والصابون والنسيج، ويعمل بها العديد من السوريين والأتراك.

ونتيجة للقتال العنيف الدائر في حلب، فقد اختفت المهن الاعتيادية، وظهرت مهن جديدة تناسب الظروف الكارثية الجديدة، مثل بيع ونقل المياه للمنازل في حلب، فالمدينة تعاني من أزمة مياه منذ عامين، ومن ثم فقد انتشر حفر آبار المياه في كافة أحياء حلب، فلا يخلو حي من بئر أو اثنين، ويعمل بعض الأفراد في إرسال هذه المياه للمنازل من أجل كسب قوت يومهم. كما انتشرت تجارة المولدات الكهربائية أيضاً، بسبب الانقطاع الدائم للكهرباء.

إذا ما توقف الخراب والدمار اليوم، فكم من السنوات ستحتاجه حلب وسوريا بأكملها من أجل النهوض من جديد؟.

وفقاً لصندوق النقد الدولي، احتاجت لبنان إلى 20 عاماً بعد الحرب الأهلية التي استغرقت 15 عاماً حتى تصل إلى مستوى الناتج المحلي الإجمالي قبل الحرب.

واحتاجت الكويت، التي دخلت في صراع مع العراق لمدة عامين فقط؛ سبع سنوات من أجل استعادة مستوياتها من الناتج المحلي الإجمالي قبل الحرب.

أما عن سوريا التي تشهد مستوياتٍ غير مسبوقة من الدمار، للدرجة التي وصف بها بعضهم مدينة حلب بأكثر المدن دماراً منذ الحرب العالمية الثانية، فالأمر سيستغرق الكثير من السنوات للتعافي من جديد.

في وقت مبكر من عام 2014، قدَّر تقريرٌ صادر عن وكالة الأمم المتحدة للإغاثة والتشغيل أن الأمر سيستغرق 30 عاماً لسوريا للعودة إلى المستويات الاقتصادية التي كانت عليها عام 2010.

مع ملاحظة أن التقرير صدر في أوائل عام 2014، والدمار الذي حدث منذ ذلك الوقت إلى الآن ربما بلغ ضعف ما كان قبل ذلك. ساسة بوست

مدار الساعة ـ