اعلان صندوق الزكاة يوم الخميس الماضي عن تسديد ديون 157 امراة مطلوبات للتنفيذ القضائي بسبب ديون ترتبت عليهن باقل من الف دينار، دليل قاطع على السجال الذي دار مؤخرا حول وجود غارمات في السجون من عدمه، فمسألة ايداعهن في السجون هي مسألة وقت ليس أكثر ما لم تنبر جهات خيرية للمساعدة.
وللتدليل على حجم هذه القضية، فان هذه الدفعة من النساء اللواتي سدد عنهن الصندوق تعتبر الدفعة الاولى، أي أن هناك دفعات قادمة لنساء استحق عليهن مبالغ أكبر لجهات التمويل الخاصة التي انتشرت في الآونة الاخيرة، لكن لا يوجد ما يقطع الشك باليقين حتى الآن ماهية الجهات الدائنة لهؤلاء النساء.
وبالطبع فان هناك نساء يقبعن في السجن حاليا بسبب ديون وشيكات تتراوح قيمتها بين الالف وعشرات الالاف، لكن جهات الاعانة الخيرية مطالبة بحصر تلك الاعداد ومحاولة الوصول لهؤلاء النسوة اللواتي دفعتهن ظروفهن للاستدانة وبالتالي عدم قدرتهن على السداد.
هذه الأرقام التي يجدها البعض بسيطة، تؤشر بشكل واضح على وجود قضية وطنية كبيرة سببها بالأساس صعوبة الأوضاع الاقتصادية ومن ثم الظروف الأسرية المتمثلة بوفاة الاب المعيل او سجنه او الطلاق او التفكك الاسري، اضافة الى التغير في منظومة التقاليد التي جعلت من أرباب أسر ذكور يتغاضون عن توقيع زوجاتهم وبناتهم وشقيقاتهم على شيكات لدائنين لا يعرفون سوى لغة المال.
ومن الواضح أن أغلب النساء الغارمات من الأرامل او المطلقات أو من الأسر الفقيرة جدا، وهذه الشرائح يجب أن تكون في الأصل مشمولة برعاية الدولة عبر وزارة التنمية الاجتماعية لمساعدتها على الصمود في ظل تصاعد وتيرة الهم الاقتصادي في الاردن، لكن هذه الرعاية ان وجدت فهي غير كافية لسد رمق الأسر وتأمين متطلبات الرعاية لهن ولأسرهن.
الأخطر في هذا الملف هو الأبناء، فعندما تستدين أرملة او مطلقة مبلغا من المال ولا تستطيع سداده فان مصيرها السجن اذا لم تجد أحدا يقف الى جانبها، وبالتالي فان مصير الابناء يكون الشارع بالضرورة لعدم وجود الأب وتلاشي ظاهرة الأسر الممتدة التي يمكن أن تكون حاضنة لهؤلاء الأبناء.
وفي مثل حالة النساء الغارمات، أجد أن الحكومة مسؤولة عن السبب والنتيجة، كون المعونات التي تقدمها للأسر الفقيرة غير كافية لتأمين أدنى مستوى من الحياة الكريمة، وهي بالتالي قد تكون مسؤولة أيضا عن زيادة التفكك في أسر الغارمات في حال السماح بايداعهن السجون وترك أطفالهن عرضة للانحراف، فالحل من البداية عند الحكومة التي يجب ان تكون كفيلة اصلا بتلك الشرائح.
أسر الارامل والمطلقات والمهمشات، لا تحتاج الى صدقات شهرية، وأنما لبرنامج اجتماعي حكومي، يدرس المشكلة ويحللها ويوضح أسبابها وحلولها التي تتمثل برأيي بتأهيل هؤلاء النسوة وتوجيه الدعم لتدريبهن وتشغيلها حتى يعتمدن على أنفسهن لأعالة اسرهن، بعد أن أدركنا سلبية سياسة الاعانات المادية المباشرة التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
الدستور