مدار الساعة - يحتاج أفراد المجتمع للراحة، خلال فترة الليل استعداداً للاستيقاظ باكراً للذهاب إلى وظائفهم، بالإضافة لطلاب المدارس، الذين يفضلون استغلال سكون الليل لدراسة موادهم العلمية، خصوصاً في ظل الظروف الحالية التي فرضت الاعتماد على نظام «التعليم عن بعد».. إلا أن هناك سلوكيات سلبية، تقف وراءها بعض الشرائح، التي لا تراعي القواعد والأنظمة المعمول بها، وتتسبب في إزعاج أفراد المجتمع خلال الليل.
ويأخذ الإزعاج الليلي أشكالاً متعددة، منها أعمال البناء وأصوات العمال وتجاوزها الحد المسموح به من الضوضاء، وصولاً إلى سلوكيات بعض الشباب بتشغيل السماعات بأعلى أصواتها، والأصوات الناتجة عن المركبات المعدلة، وسير بعض قائدي المركبات بسرعات عالية والتفحيط، والتي تحدث ضجيجاً مرتفعاً خلال الفترة الليلية، ما يبث الرعب في قلوب السكان وخصوصاً الأطفال وكبار السن.
5 شكاوى
وأوضح منذر بن شكر الزعابي المدير العام لبلدية رأس الخيمة أن البلدية تعاملت مع 5 شكاوى بهذا الشأن خلال العام 2020، وأن أكثر الشكاوى المتداولة تتعلق بعمليات صبّ الخرسانة ليلاً، وهو إجراء يتطلب حصول المقاول على تصريح للعمل في الفترة من الساعة الثامنة مساء إلى السادسة صباحاً.
واكد أن الإجراءات المتبعة للتعامل مع الشكاوى في حال تسجيلها ضد موقع عمل ما، يقوم القسم المختص في البلدية بالتفتيش الميداني على الموقع، للوقوف على الأسباب والتأكد من التزام المقاول بالشروط الواردة في تصريح العمل.
تصريح
وأشار الزعابي إلى إلغاء التصريح تلقائياً من بلدية رأس الخيمة في حال مخالفة اشتراطات التصريح، أو عدم الالتزام ببيانات التصحيح المقدمة من القسم المختص، أو حصول حوادث نتيجة للإهمال، مؤكداً أن البلدية أصدرت معايير واشتراطات تنظم أعمال التشييد ليلاً، والتي تضم: موقع المشروع ونوع الأبنية المحيطة والمتأثرة، والأنشطة المطلوب إصدار التصريح لمباشرتها ليلاً، وجاهزية الموقع للعمل ليلاً، والفترة الزمنية المراد التصريح لعمل بها «صيفاً، شتاء، أيام عطل ومناسبات».
ولفت إلى أن عدد طلبات تصاريح العمل الليلية، التي تم تقديمها لبلدية رأس الخيمة خلال عام 2020، بلغ 5 طلبات وتمت الموافقة على واحد فقط لمطابقته المعايير المطلوبة، ويتم تحديد مدة التصريح عند إصداره بحسب نوع الأنشطة المطلوب مزاولتها ليلاً، وتصنيف المنطقة المحيطة بالموقع وغيرها من المعايير.
التزام
وأضاف منذر بن شكر الزعابي: يمكن التقدم بالشكاوى إما من خلال موقع الدائرة الإلكتروني وإما تقديم شكوى إلكترونية من خلال البوابة الإلكترونية لحكومة رأس الخيمة.
وذكر أن بلدية رأس الخيمة تتطلع من جميع أفراد المجتمع مراعاة الالتزام بتقديم تصريح عمل ليلي في حال استدعت حاجة العمل ذلك ليتم اتباع اشتراطات الدائرة بخصوص تصريح العمل الليلي، الذي يهدف إلى التأكد من توفير الاشتراطات العامة التي تضمن سلامة العمالة في الموقع أثناء العمل ليلاً، بالإضافة إلى مراعاة مستوى الضجيج المسموح للأعمال، خلال فترة العمل الليلي بموجب منطقة العمل ومراعاة الجوار لتحقيق بيئة عمل مناسبة للعمالة ولأفراد المجتمع.
197 بلاغ إزعاج ليلي سجلتها شرطة رأس الخيمة 2020
سجلت القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة 197 شكوى ضد الإزعاج الليلي خلال عام 2020، مناشدة فئات المجتمع عموماً وخاصة أولياء الأمور أهمية التعاون مع الأجهزة الأمنية في تعزيز الأمن والأمان وغرس القيم الإيجابية والأخلاقيات الحميدة في نفوس الأبناء وأن يتحملوا المسؤولية بهذا الشأن وأن يكونوا شركاء فاعلين وأساسيين لتحقيق الرسالة، وأن يقوموا بمراقبتهم وتوعيتهم حول احترام حقوق وخصوصية الآخرين في الراحة وعدم الإزعاج، وأن يعوا أن هناك كبار السن الذين يعانون أمراضاً مزمنة ويحتاجون إلى الهدوء، وأن لا يقوموا بسلوك خاطئ سلبي يؤذي الآخرين ويسلب منهم راحتهم.
وأوضح العقيد دكتور راشد السلحدي مدير إدارة الشرطة المجتمعية في رأس الخيمة أن الإدارة أطلقت الحملة التوعية «أحياؤنا السكنية الهادئة» خلال عام 2020، تجاوباً مع شكاوى عدد من الأهالي من الإزعاج الليلي، واستهدفت الحملة شرائح المجتمع لتفعيل مفهوم الوقاية الأمنية، وحفظ الأمن والاستقرار في المجتمع، للحد من الظواهر والسلوكيات السلبية، التي تقف وراءها بعض الشرائح، ولا تراعي القواعد والأنظمة المعمول بها.
وأضاف العقيد دكتور راشد السلحدي: يتم عادة رصد الملاحظات حول السلوكيات السلبية في المجتمع من خلال وجود الدوريات المجتمعية على مدار اليوم لتعزيز الأمن والأمان والاستماع إلى شكاوى الجميع خاصة في الأحياء السكنية والاطلاع على مشكلاتهم ومقترحاتهم، ثم يُرفع بها تقرير واستعراضه ومناقشته مع الجهات المعنية لوضع الحلول المناسبة ومعالجة التحديات لتوفير بيئة آمنة وسعيدة، أو من خلال الاتصال المباشر بغرفة العمليات، أو عبر التواصل مع مراكز الشرطة الشاملة على مستوى الإمارة.
وأشار العقيد دكتور راشد السلحدي مدير إدارة الشرطة المجتمعية في رأس الخيمة إلى أن هناك العديد من الملاحظات والشكاوى، التي ترد من أفراد المجتمع، حول إزعاج يسببه البعض، وفي أوقات متأخرة من الليل، مؤكدًا السعي لتوفير أقصى درجات الراحة والاطمئنان للجميع، لاسيما قاطني الأحياء السكنية.
32
حددت المادة 32 من لائحة شروط ومواصفات البناء في بلدية رأس الخيمة، ألا يزيد الحد الأعلى لمستوى الضجيج الناتج عن أية أجهزة أو أعمال بناء على 55 ديسبل خلال الفترة من السابعة صباحاً وحتى الثامنة مساءً، وألا يزيد على 45 ديسبل خلال الفترة من الثامنة مساءً وحتى السابعة صباحاً.
2510
أطلقت إدارة الشرطة المجتمعية في رأس الخيمة الحملة التوعوية «أحياؤنا السكنية الهادئة» خلال عام 2020 إلكترونياً بالإضافة إلى تنفيذها ميدانياً، تجاوباً مع شكاوى عدد من الأهالي من الإزعاج الليلي، حيث بلغ عدد المستفيدين منها نحو 2510 أشخاص.
توعية
استهدفت الحملة التوعوية «أحياؤنا السكنية الهادئة» شرائح المجتمع لتفعيل مفهوم الوقاية الأمنية، وحفظ الأمن والاستقرار في المجتمع، للحد من الظواهر والسلوكيات السلبية، التي تقف وراءها بعض الشرائح، ولا تراعي القواعد والأنظمة المعمول بها.
إساءة تمثل أحد أشكال العنف ضد الآخرين
يرى الدكتور أحمد العموش، أستاذ علم الجريمة في جامعة الشارقة، أن الضجيج الليلي يعد إساءة اجتماعية ويمثل أحد أشكال العنف الموجه والإيذاء ضد الآخرين، نظراً لما يسببه ذلك من اقتحام لخصوصيات الآخرين، وإيصال الضرر لهم، فضلاً عما يعكسه ذلك من نقل صورة غير حضارية، مناشداً الجهات المختصة بزيادة الحملات التفتيشية بحسب شكاوى الأهالي لضبط تلك السلوكيات السلبية.
وأشار إلى أهمية التزام شركات المقاولات القوانين وعدم العمل ليلاً إلا للضرورة وبعد إصدار التصاريح من الجهات المختصة، لأن فترة الليل يحتاج فيها السكان للراحة.
ولفت الدكتور أحمد العموش، أستاذ علم الجريمة في جامعة الشارقة إلى أن بعض أفراد المجتمع يتداولون تلك السلوكيات السلبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ناقلة صورة سلبية عن المجتمع الذي يتميز بالتطور والإنسانية، ولذلك عليهم التوجه إلى الجهات المختصة لنقل شكاواهم، وفي المقابل على شركات المقاولات تنفيذ دورات تدريبية للعمال لحثهم على الالتزام بأقل درجات الضجيج وخاصة المشاريع التي يتم تنفيذها داخل الأحياء السكنية.
تأثير سلبي في التحصيل الدراسي للطلبة
أكد الدكتور إبراهيم محمد خير اليوسف رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب في مستشفى صقر في رأس الخيمة، أن للضوضاء تأثيراً في الصحة العامة للإنسان وبكل الأعمار وخاصة لدى الأطفال، وكذلك في كل الأوقات وخاصة ليلاً، وتشمل هذه التأثيرات، الشدة النفسية واضطرابات في الذاكرة والتركيز وانخفاض مستوى الانتباه.
وقال: يكون الأطفال الذين يتعرضون للضجيج عرضة للإصابة بنقص السمع أكثر من البالغين وهذا يشمل الأجنة، بالإضافة لضعف في التحصيل الدراسي والتعليمي بسبب نقص التركيز والتواصل (بسبب نقص السمع والتغيرات النفسية)، ونقص مستوى الانتباه والإدراك كل هذا يؤثر في قدرة الطفل على التعلم وبناء العلاقات مع الآخرين، وارتفاع ضغط الدم عند الأطفال بسبب التعرض المزمن للضوضاء.
وأضاف الدكتور إبراهيم محمد خير اليوسف رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب في مستشفى صقر في رأس الخيمة: التعرض الليلي للضوضاء يعرض الإنسان لمشكلات صحية متعددة وإذا علمنا أن الدماغ يستمر في مراقبة الأصوات حتى أثناء النوم لتلقي إنذارات وإشارات الخطر فسنعرف أن التعرض المستمر للضوضاء أثناء النوم سيزيد حساسية الشخص وبالتالي التعرض للشدة النفسية والاكتئاب، وكذلك تزداد نسبة التدخين لدى هؤلاء الأشخاص وما ينتج عنها من آثار جسدية وخاصة في الجهاز القلبي الوعائي، بالإضافة لذلك فإن الضجيج الليلي يمكن أن يزيد من إفرازات هرمونات الشدة مثل الادرينالين والكورتيزول والتي تؤدي لتسرع القلب وارتفاع الضغط الدموي وارتفاع سكر الدم.
وتابع: عندما يتعرض الإنسان للضوضاء ليلاً يعاني في اليوم التالي النعاس وفرط الاستثارة العصبية والهيجان والتي قد تؤدي إلى العدوانية أحياناً ونقص استخدام المهارات العقلية، أما تأثيرات الضوضاء الليلية طويلة الأمد فتشمل: ارتفاع ضغط الدم الشرياني، والسكري من النمط الثاني، وزيادة الوزن والسمنة، والجلطات الدماغية والقلبية، وبعض أنواع السرطانات.
سلوكيات تتسبب بالأمراض والاضطرابات النفسية
حذّر الدكتور عادل أحمد كراني، استشاري طب نفسي، من أن الضوضاء الليلية الناتجة عن أعمال البناء قد تتسبب في إصابة البعض بالعصبية والتوتر والأرق وعدم التركيز ومشاعر مختلفة من عدم الرضا إلى الضيق والخوف.وأضاف: تختلف قدرة تحمل الأشخاص وخاصة في الفترة الليلية، فإذا كانت الضوضاء يومياً فإنها تصيب الشخص بأعراض صحية وبدنية تصل إلى ضعف السمع، وارتفاع ضغط الدم، ونقص ضخ الدم للقلب.
وأشار كراني إلى أهمية قيام البلديات بزيادة الضوابط التي تنظم عمل شركات المقاولات خلال الليل وإلزامها بالشروط الخاصة بنسب الضوضاء أثناء استخدام آلات الحفر والرافعات والخلاطات واللحام، لمنع إزعاج السكان.
وذكر أن الجيران لهم دور في احترام الآخرين وإحداث التلاحم المجتمعي بعدم تشغيل الموسيقى بصوت عالٍ يزعج بها الجيران، أو عدم السماح للأطفال باللعب أمام شقق الآخرين، ويجب تعليمهم احترام خصوصية أفراد المجتمع.