بقلم د. خالد أبو ربيع
منذ ان تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم سلطاتة الدستورية خطط لبناء اقتصاد وطني قوي ومتنوع ويشمل تنمية وتطوير كافة القطاعات واستغلالها بطريقة مدروسة ضمن استراتيجية شاملة لتنمية كافة مناطق المملكة ويستفيد منها أبناء الوطن كافة.
وأراد جلالة الملك ان تبدأ الحكومات المتعاقبة على وضع خطة شمولية تصل بالأردن ليكون مركزا للسياحة العلاجية في المنطقة وذلك لأهميتة في زيادة الدخل الوطني ويرقد خزينة الدولة ويخلق فرص عمل للشباب الاردني.
وهنا يجب أن نوضح بأن السياحة العلاجية لا تقتصر على المستشفيات الحديثة والمعدات الطبية المتقدمة فالأردن يعتبر من الدول المتقدمة في المجال الطبي خلال العقود الماضية ولكن هذه المنافسة لم تستطيع الصمود أمام تقدم الدول المجاورة ذات القدرات الاقتصادية الهائلة في المجال الطبي حيث أصبح لديهم المستشفيات الحديثه التي تمتلك الأجهزة الطيبة المتطورة واطباء خريجي أرقى الجامعات.
و لدى تلك الدول القدرة على استقطاب اشهر الأطباء من دول العالم المتقدم للعمل لديهم ويعتبر هذا من الأسباب التي ادت إلى تراجع زخم قدوم أبناء هذة الدول للعلاج لدينا.
ولذلك كانت توجيهات جلالة الملك لاتقتصر فقط على الاستثمار في بناء المستشفيات الحديثة وإنما كانت خطة جلالة الملك شمولية في موضوع تنمية السياحة العلاجية بحيث تشمل استقطاب الاستثمارات التي تهدف إلى تطوير المناطق المؤهلة لاقامة المنشاءات السياحية التي تخدم السياحة العلاجية التأهيلية.
ومن هذا المنطلق التقطنا في هيئة الاستثمار توجيهات جلالة الملك منذ عام 2013 وقررنا تنفيذها وضرورة التوجة لعرض الفرص الاستثمارية المتعلقة في السياحة العلاجية التأهيلية وضرورة استغلال المقومات المتوفرة في الاردن وهي مقومات تجعلنا ننافس بقوه بعض الدول المعروفه في هذا المجال عالميا مثل تركيا وجمهورية التشيك.
ونقصد هنا بالسياحة العلاجية التأهيلية القائمة على استغلال المياه المعدنية الساخنة المتدفقة من باطن الارض التي تستخدم في علاج الحالات المستعصية مثل أمراض الروماتيزم والاعاقات الناتجة عن الإصابة بالجلطات والسكتات الدماغية وكذلك الأمراض الجلدية المتنوعة.
ومن هنا جاء التفكير الجدي بتطوير موقع الحمامات (ينابيع المياه الساخنة المعدنية ) في الشونة الشمالية وتحويلها من موقع غير مؤهل إلى نموذج للسياحة العلاجية التأهيلية ، وفي شهر 5/2014 زارنا وفد جمعية رجال الأعمال الأتراك وكان من ضمن الوفد رجل أعمال يمتلك مجموعة من الاستثمارات السياحية في تركيا وخارجها واغتنمنا وجوده وطرحنا عليهم موقع الحمامات في الشونه الشمالية كفرصة استثمارية حقيقية وفعلا بعد شهر عاد إلى الأردن لمزيد من التباحث و للشروع في دراسة الجدوى الاقتصادية وهو يمتلك مجموعة استثمارية ضخمة في مجال المنتجعات السياحية العلاجية في أكثر من من دولة ومكث فريقة المتخصص في الاردن عدة ايام واعددنا لهم عدة زيارات إلى موقع الحمامات في الشونة الشمالية وقد اعجبوا جدا بالمياه المعدنية والموقع الجغرافي حيث قرر ان يقيم منتجع سياحي علاجي متكامل يشمل فندق خمس نجوم.
وطلبنا منه أيضا ان يضم المنتجع فندق صغير على مستوى اربع نجوم اوثلاث نجوم ليخدم السياحة العلاجية الداخلية ليستفيد من خدماتها المواطنين الأردنيين.
وحسب الدراسة الأولية سوف تكون تكلفة المشروع 150 مليون دولار ويخلق المنتجع حوالي 600 فرصة عمل من أطباء وممرضين وخدمات فندقية وادارية.
وأيضا عرضنا علية فرصة لتطوير حمامات عفرا في الطفيله واعادة تأهيلها وبناء فندق خمسة نجوم وتأهيل الفندق الموجود حيث قدرة التكلفة حوالي 110مليون دولار وكان يتوقع خلق حوالي 400 فرصه عمل في مجالات متنوعة.
وبدأ فعلا بتجهيز الدراسات الخاصة في الموقعين وتم الاتفاق على تحول الموقعين إلى مناطق تنموية مملوكة للدولة وان يطورهما من خلال POT ولمدة 25 سنة قابلة للتمديد بموافقة الطرفين.
واستكمالا لاقامة مشروع متكامل عرضنا فرصة استثمارية على مستثمر اخر و هو إقامة منتجع سياحي متكامل في عجلون ويخصص جزء منه ليكون مكملا لمنتجع الشونه الشمالية وحمامات عفرا بحيث يكون هذا المنتجع للنقاهة ويحتوي على التجهيزات اللازمة للتدريب التأهيلي وممارسة رياضة المشي على غرار منتجعات التشيك وهذا النوع من المنتجعات العلاجية تعتبر الأهم في تأهيل المرضى وسرعة عودتهم إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
وكان يفترض أن نشرع في الإجراءات الرسمية ليبدا العمل ولكن انا شخصيا غادرت موقعي على أن يستكمل ما تم الاتفاق علية مع المستثمرين ولكن المفاجأة التي أصبحت حقيقة واقعة والتي هي كمرار العلقم والمحزنة انهم غادروا الأردن وضاعت هذه الاستثمارات المهمه للوطن حيث غيروا وجهتهم واتجهوا ليقيموا استثمارتهم في البوسنة والهرسك.
الحقيقة المره ان الأردن خسر الاستثمار الفريد من نوعة ولا زالت حمامات الشونة الشمالية على حالها دون استغلال وتصرخ هل من مغيث؟؟؟؟؟. وكذلك حمامات عفرا التي لا تزال تراوح مكانها بلا اي استثمار او اي تنميه.
انا على يقين بأن الأمل لن ينقطع وإمكانية اعادتهم واستقطاب غيرهم في مجالات متعددة متاح وخاصة في ظل حكومة الدكتور بشر الخصاونه التي تتمتع بإرادة قوية في تحقيق توجيهات جلالة الملك وافكاره الخلاقة التي تؤسس لبناء اقتصاد وطني قوي يهيئ الأردن لدخول المئوية الثانية.
*رئيس هيئة الاستثمار الاسبق