مدار الساعة - بقلم العميد المتقاعد عبدالناصر الشلول
مع صدور الإرادة الملكية السامية بقبول استقالة وزيري الداخلية والعدل من الحكومة بناء على طلب الدكتور بشر الخصاونة رئيس الوزراء، لمخالفتهما قانون الدفاع بحضورهما مأدبة طعام متجاوزين العدد المسموح به على مائدة الطعام في أحد المطاعم، يتأكد بأن الدولة الأردنية جادة في اتخاذ (منحى الحزم) بعد ارتفاع (المنحنى الوبائي) الذي خيم على معظم القرارات الأخيرة والمتمثلة بما ورد في امر الدفاع رقم (٢٦) الذي شدد وغلظ العقوبات على كل من يخالف أيا من بنوده، وصولا إلى تحقيق التزام رسمي وشعبي به، أملا – بالمساهمة - بانخفاض حالات الإصابة والوفاة بسبب هذا الوباء.
بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في وجهات النظر فيما يخص القرارات التي تضمنها أمر الدفاع الأخير، إلا أنه من الواجب على الجميع (مسؤولين ومواطنين) أخذ القرارات على محمل الجد في احترامها والالتزام بها.
وبالنظر الى أبعاد الإستقالة التي تزامنت مع انتشار مقطع فيديو قديم على وسائل التواصل الاجتماعي حول مداهمة قوات الأمن لمنزل أحد النواب إبان فوزه بالانتخابات الأخيرة لمخالفته أوامر الدفاع باستقباله عدد من المهنئين (مع تحفظي على نشر الفيديو لما مثله من مبالغة واضحة في التعامل مع المخالفة أولا، وثانيا عدم الاهتمام بمن كان مصدر الفيديو لكونه يعد انتهاكا لخصوصية النائب الذي ظهر فيه) إلا أن ذلك كله يعتبر رسالة إلى السلطات الثلاثة - التشريعية والتنفيذية والقضائية - بأن أوامر الدفاع تسري على الجميع دون استثناء، وأن القانون يسري على الجميع وأولهم من يسنونه ويشرعونه وينفذونه ولا أحد فوق القانون، كما أنها رسالة قد تتجاوز جائحة كورونا إلى تحقيق هيبة الدولة التي يرافقها تحقيق العدالة حتى في تنفيذ العقوبة.
لا شك أن معظم المواطنين ملتزمون بأوامر الدفاع إما خوفا من المرض او من العقوبة او من كليهما ، لما أصبح يشاهد بشكل يومي من حالات الإصابة التي تؤدي الى الموت بسبب الفيروس، وأن الأمر لم يعد إشاعة أو ضربا من الخيال، وهناك تغير كبير في انماط العلاقات والمناسبات الاجتماعية خاصة في المدن وبعض الأطراف ، وقد تحقق ذلك بفعل الرقابة والتواجد الأمني بالإضافة الى وعي الأغلبية وتفاعلهم مع التوجيهات والنصائح في التعامل مع الآخرين في ظل هذه الجائحة، ومع ذلك فإن معظم مناطق القرى والأرياف والبوادي ما تزال بعيدة عن الرقابة والمتابعة الخاصة بذلك.
وأخيرا فانه ليس من حسن الحظ لدولة تدخل مئويتها الثانية في ظل جائحة كانت مثالا في التعامل معها في البداية عندما وصلت الى صفر الحالات فكانت في الصفوف الأولى عالميا، لنصبح الآن في الصفوف الأولى بزيادة عدد الحالات.
والله إنه يعز علينا ذلك، نسأل الله أن يحمي وطننا وقيادته وأن يحمي ويهدي الجميع.