الحفاظ على علاقة التكامل بين السلطات الدستورية الثلاث في إطار الفصل بينها، كل ذلك كما رسمه الدستور الأردني وحدده بميزان الذهب، هو الركيزة الأساس لضمان قيام كل سلطة من السلطات الدستورية بدورها المناط بها دستوريا، دون تغول سلطة على اخرى، ودون ابتزاز سلطة لسلطة، ودون تدخل سلطة باعمال الثانية، مما كثرت الإشارات إليه خلال السنوات الأخيرة، عند الحديث عن السلطات الدستورية.
مناسبة هذا الحديث انه لم يعد يفوت المراقب للمشهد في بلدنا، من أن يلاحظ أن مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب في بلدنا صار عنصر تعطيل للحكومة، وهدر لوقتها، مما ينعكس سلبا على إنتاجيتها، وتعطيلا لمصالح المواطنين، فمجلس النواب يعقد جلستين عامتين على الأقل أسبوعيا، يلحقهما جلسة لمجلس الأعيان، وعلى الحكومة رئيسا ووزراء حضور هذه الجلسات وإلا صاروا محل عتب، حتى لانقول اتهام.
غير الجلسات العامة للمجلسين، التي يستغرق بعضها أياما متواصلة، كما هو الحال في جلسات الثقة ومناقشة الموازنة، هناك اجتماعات اللجان في المجلسين، التي تكاثرت في الفترة الأخيرة حيث صار من المعتاد دعوة الوزراء لحضورها ومعهم مديرون عامون في كثير من الأحيان، فازدحمت مواعيد الوزراء والمدراء مع اللجان، بل وتضاربت في كثير من الأحيان لغياب التنسيق بين لجان المجلسين، وأحيانا بين لجان المجلس الواحد، وهذه حالة غير صحية ويجب معالجتها.
إن أولى خطوات المعالجة المطلوبة هي قصر حضور الجلسات العامة للمجلسين على الوزراء الذين يشتمل جدول أعمال الجلسة على قضايا ذات علاقة بوزاراتهم ليتفرغ بقية الوزراء لإنجاز أعمالهم، وتسيير شؤون وزاراتهم وإنهاء مصالح المواطنين.
كذلك لابد من تنظيم عمل لجان المجلسين والتنسيق بينهما ولا مانع من عقد جلسات مشتركة بين اللجان المتشابهة فيهما، كمالية النواب ومالية الأعيان وغيرها من اللجان توفيرا لوقت الوزراء ووقت أعضاء المجلسين، وحماية للجميع من ملل التكرار، وهنا يبرز دور وزارة الشؤون البرلمانية في تنسيق كل هذه الخطوات المقترحة وغيرها مما يوفر الجهد والوقت والمال، ويعظم الإنجاز.
خلل آخر يحتاج إلى معالجة، وهو وقف البث المباشر لجلسات المجلس باستثناء جلسة افتتاح دوراته، لأن وجود البث المباشر يجعل كثيراً من النواب يخاطبون الجمهور ويدغدغون عواطفه بطلبات غير منطقية وغير واقعية، يعرفون سلفا أنها غير قابلة للتنفيذ، لكنهم يقولونها تسجيلا للمواقف، مما يزيد الإحباط ويهز الثقة بمؤسسات الدولة، من حيث يعلم بعض النواب أو لا يعلمون..
الرأي