أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة تبليغات قضائية مقالات أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

إحياء التراث العربي: تاريخه وتطوره

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - حظي التراث العربي بعناية المستشرقين الغربيين الذين أنكبوا على البحث عن مخطوطاته المختلفة وتحقيقها ونشرها بعد ضبط نصوصها منذ القرن السابع عشر، ثم سرى الاهتمام بالتراث إلى نفر من الدارسين الشرقيين آمنوا أنهم أولى بالتراث من المستشرقين فنذروا أنفسهم لتحقيقه ونشره.

ولكن إحياء التراث والعناية ليس أمرا حديثا ابتدعه المستشرقون الغربيون في القرون المتأخرة بل هو عمل قامت به الأجيال القديمة على صور شتى، فلقد كان العرب الأقدمون يهتمون بإعادة نشر الكتب القديمة التي خلفها أصحابها من خلال نسخها ووضعها في خزانات الكتب ومكتبات المساجد الكبرى، ومن ذلك ما ذكره المقريزي في كتابه الخطط أنه كان في خزانة العزيز بالله 30 نسخة من كتاب العين للفراهيدي و100 نسخة من جمهرة ابن دريد، وحوت خزانة الفاطميين 1200 نسخة من تاريخ الطبري.

وكان النشر أحد جوانب عنايتهم بالتراث أما الجانب الآخر فتمثل في شرح التراث وتلخيصه ومن أمثلة شرحهم للتراث أن كتاب الحماسة لأبي تمام شرحه ابن جني والآمدي وغيرهما حتى بلغت شروحه أكثر من عشرين شرحا أشار إليها صاحب كشف الظنون، وكتاب سيبويه شرحه نحو 55 عالما منهم السيرافي والزمخشري وابن الحاجب، وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي شرحه الزبيدي، وقام أخوه أحمد بن محمد الغزالي باختصاره كما اختصره أبو العباس الموصلي والسيوطي[1].

وأما خارج العالم الإسلامي فقد مهد اختراع الطباعة إلى إخراج التراث العربي إلى الدائرة العالمية، حيث ظهرت أول مطبعة عربية في مدينة فانو الإيطالية عام 1514 ومن أوائل ما طبع فيها سفر الزبور، وتلتها مطبعة البندقية وفيها طبع فيها القرآن الكريم للمرة الأولى غير أن نسخه قضي عليها بدافع التعصب الديني، ثم طبعت أول ترجمة إيطالية للقرآن عام 1547، وبعدها تعددت المطابع العربية في القارة الأوروبية وظهرت في لندن وباريس وليدن وبطرسبورج، وأشهرها مطبعة بريل التي طبعت مئات الكتب حتى وصفت بأنها تماثل في شهرتها مطبعة بولاق المصرية[2].

المرحلة الأولى: وتشغل القرن الثامن عشر وصولا إلى العقود الأولى من القرن التاسع عشر تقريبا، وقد اقتصرت على إخراج النص إخراجا صحيحا، مع ذكر ترجمة مختصرة للمؤلف في أول الكتاب ثم وضع فهرس لموضوعاته لا يتسم بالتفصيل. وهو ما نجده في طبعات الكتب الهندية وإصدارات مطبعة بولاق الأولى وفي بعض المطابع الأهلية.

المرحلة الثانية: وتشمل النصف الثاني من القرن التاسع ومطالع القرن العشرين، وأهم ما يميزها الحرص على ذكر المخطوطات التي طبع عنها الكتاب ووصفها، لكن هذه الإشارة المقتضبة لا تغني شيئا، إذ أنها سكتت عن وصف النسخ المخطوطة من حيث تاريخ النشر ومكانه ونوع الحبر والخط، وعدد الأوراق وما إلى ذلك.

المرحلة الثالثة: وتشغل العقود الأولى من القرن العشرين، ويمكن تسميتها باسم مرحلة النضج والكمال من حيث استكمال الأسباب العلمية للنشر من حيث جمع المخطوطات المختلفة للكتاب والمقارنة بينها، واتخاذ أكملها أساسا وأصلا، وإضافة بعض التعليقات والشروح وصنع الفهارس التحليلية والكشافات وما إلى ذلك، ولعلنا نلحظ في هذه المرحلة التأثر الواضح من قبل المحققي بأعمال المستشرقين واستعانتهم بالمناهج الحديثة في تحقيق النصوص وإخراجها، ومرد ذلك فيما نعتقد أن التحقيق صار علما يدرس في الجامعة، وكان من أوائل من أعطى محاضرات في ذلك المستشرق برجستراسر بالجامعة المصرية، كما كان لإنشاء المجمع العلمي بدمشق الذي ضم في عضويته بعض المستشرقين الغربيين دورا غير منكور في ذلك.

المرحلة الرابعة: وتمتد من منتصف القرن وصولا إلى العصر الراهن، وفيها ظهر طائفة من المحققين الأفذاذ مثل: محمود محمد شاكر وعبد السلام هارون ومحمود الطناحي وفؤاد سزكين وعواد بشار معروف وغيرهم الذين أرسوا قواعد علم التحقيق وبلغت تحقيقاتهم درجة عالية من الدقة والإتقان وفاق نفر منهم إنتاج المستشرقين دقة وإتقانا[7].

استخلاصا مما سبق يمكن القول أن مسيرة إحياء التراث العربي ونشره قد انطلقت على يد المستشرقين الأوروبيين في القرن السابع عشر لكنها انتقلت في القرن التالي إلى العالم الإسلامي، وقد مرت بمراحل عديدة لكل منها خصائصه وسماته حتى وصل النشر والتحقيق مبلغ النضج والاكتمال.

مدار الساعة ـ