مدار الساعة - تذكرون قصة شركة سيغنال الشهيرة؟ التي صعدت أسهمها في البورصة فجأة إلى أكثر من 6 ملايين دولار، بعد تغريدة إيلون ماسك التي شجع فيها على استخدام تطبيق سيغنال المشفر باعتباره أكثر أماناً وخصوصية من واتساب، وعندها اشترى بعض المستثمرين في البورصة أسهماً باسم سيغنال ظناً منهم أنها أسهم شركة التطبيق، قبل أن يتبين أنها لشركة أمريكية تحمل الاسم نفسه وتقدم خدمات طبية وقانونية.
هذه لم تكن المرة الأولى أو الأخيرة التي تُغير فيها تغريدات إيلون ماسك اقتصاد بعض الشركات وأسعار أسهمها في عالم البورصة. تعالوا نستعرض سريعاً أبرز قصص حروب أسهم البورصة بتغريدات إيلون ماسك.
صعود عملة Dogecoin المشفرة 50%
من يتابع حساب إيلون ماسك على تويتر، قد تلفته صورة غريبة بعض الشيء نشرها، للقرد "رفيقي" يحمل الأسد الصغير "سيمبا" عالياً (من فيلم ديزني الأسد الملك Lion King)، لكنه استبدل وجه رفيقي بوجهه شخصياً، وصورة سيمبا بصورة كلب، هذا الكلب هو الوجه الدعائي لعملة مشفرة تعرف باسم "دوجكوين" (Dogecoin).
رسالة "على الرحب" التي كتبها ماسك على الصورة سيفهم سياقها عندما نقرأ خبراً عن صعود عملة "دوجكوين" المشفرة بأكثر من 50%، الخميس 4 فبراير/شباط 2021، بعدما أبدى الملياردير الأمريكي دعمه لها، إذ قفزت دوجكوين إلى 0.05798 دولار، وفقاً لبيانات على موقع CoinDesk لسلاسل الكتل والعملات المشفرة.
بالمناسبة، قبل هذا الصعود بيومين فقط، كتب ماسك أنه سيبتعد عن موقع التواصل الاجتماعي المفضل له؛ تويتر لفترة، لكنها كانت فترة قصيرة، لكن من يعرف إيلون جيداً من متابعيه الذين يتجاوزن 45.5 مليون، ربما توقع أن هذه الفترة قصيرة، لأنه في صيف 2019 أعلن أنه سيترك تويتر لفترة، وعاد بعد 3 أيام فقط، كما أشار موقع Insider الأمريكي.
لكن قبل "دوجكوين" أو حتى إعلان ترك تويتر لفترة ثم العودة السريعة، لعب ماسك كثيراً في أسهم البورصة بتغريداته القصيرة الكثيرة. حتى إن بعض المطورين طوروا تطبيقاً ليخبر مستخدميه في كل مرة يغرد فيها إيلون ماسك عن شركات بالبورصة. تطبيق elonstocks.com يجمع اشتركاً أسبوعياً بقيمة دولار واحد مقابل هذه الخدمة، كما أشارت مجلة GQ الأمريكية.
استثمارات بالملايين في Gamestop
في 3 فبراير/شباط، أفادت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية بأن شركة Senvest Management حققت 700 مليون دولار من استثمارها في Gamestop، وهي تمتلك أسهماً بـ 5% من أسهم شركة ألعاب الفيديو Gamestop، وقد بلغ السهم الواحد 400 دولار بعدما اشترته بـ 10 دولارات.
وللصدفة أيضاً فإن هذه الزيادة الدراماتيكية في أسهم شركة الألعاب التي أغلق سوق أسهمها في البورصة أعيد فتحه بعد تغريدة أخرى من ماسك، كتب فيها ببساطة "Gamestonk!"، وفجأة تحول الضغط على السهم إلى فتح مرة أخرى وارتفاع غير متوقع جاوز الـ157% في صباح اليوم التالي للتغريدة.
لكن للدقة، لم يكن صعود Gamestop مرتبطاً بماسك وحده، وإن كان له فضل كبير في ذلك، لكن مشاركة ماسك جاءت ضمن حرب يخوضها صغار المستثمرين في البورصة ضد "حيتان وول ستريت" المحتكرين لمكاسب الأسهم والمسيطرين على عالم البورصة، وقد بدأت هذه الحرب من مستخدمي تطبيق Reddit.
مليون تحميل في أيام لـClubhouse، وشراء أسهم مخادع!
ساعدت تغريدة أخرى من الملياردير التكنولوجي، والرئيس التنفيذي لشركة الخدمات المالية الأمريكية Robinhood، فلاد تينيف، على دفع تطبيق Clubhouse إلى قمة قوائم الشركات الناشئة، وحدث تدافع للحصول على دعوات للخدمة الحصرية، ومعركة أخرى جامحة في سوق الأسهم بين صغار مستثمري التجزئة وصناديق وول ستريت الكبرى.
تطبيق Clubhouse هو تطبيق دردشة صوتية عمره لا يتجاوز العام، يمكن لمستخدميه الاستماع إلى المحادثات والمقابلات والمناقشات بطريقة قريبة من البودكاست، لكنه يقدم خدماته لأعضاء محدودين كونه يعمل بنظام الدعوات من مستخدميه للمستخدمين الجدد، لذلك فلا يمكن تحميل التطبيق من متاجر تطبيقات الهواتف، وهو أقرب إلى كونه تطبيقاً نخبوياً يضم المستثمرين والعاملين في مجال التكنولوجيا وليس شعبوياً.
لكن بعد التغريدات عن التطبيق من ماسك وغيره، فجأة نما سوق للتطبيق على منصات مثل Reddit و eBay وCraigslist, Inc، حتى في الصين أصبحت دعوات الاشتراك فيه تباع عبر تطبيقات الشراء مثل "علي بابا". واعتباراً من يوم الثلاثاء 2 فبراير/شباط 2021، قالت شركة تحليلات البيانات Sensor Tower إن هناك حوالي 3.6 مليون عملية تثبيت للتطبيق في جميع أنحاء العالم، بينها 1.1 مليون في الأيام الستة السابقة للتقرير.
أيضاً، كان المستثمرون متحمسين جداً لهذا التطبيق، لدرجة أنهم دفعوا في وقت ما يوم الإثنين الأسهم في شركة Clubhouse Media Group، وهو سهم غير مرتبط بالتطبيق، ليرتفع نسبة 117%. كما شهدت شركة التكنولوجيا الصينية Agora Inc، المدرجة في بورصة NASDAQ الأمريكية، ارتفاعاً في أسهمها بنسبة 30% بسبب انتشار تقارير إعلامية تفيد بأنها قد تكون شريكاً تقنياً لـ Clubhouse.
سهم بيتكوين يرتفع 15% بسبب هاشتاغ فقط!
ارتفع سعر العملة الإلكترونية المشفرة "بيتكوين" في 29 يناير/كانون الثاني، بعد كتابة المهندس ثلاثي الجنسية (جنوب إفريقيا – كندا – أمريكا) هاشتاغ #bitcoin في خانة التعريف الخاصة به على تويتر.
هذا الارتفاع كان كبيراً ووصل لـ 15%، حيث وصل سعر عملة البيتكوين وقتها لأكثر من 38 ألف دولار بعدما كانت أسعارها تدور بين 31 إلى 33 في الأسبوع السابق لقرار ماسك كتابة هذا الوسم الذي حذفه لاحقاً.
ثم نشر ماسك في وقت لاحق تغريدة قال فيها: "بالنظر إلى الماضي، كان ذلك حتمياً"، إذ بلغ سعر العملة أعلى مستوى لها على الإطلاق بأكثر من 41 ألف دولار في وقت سابق من شهر يناير/كانون الثاني، مدفوعة بمقدار قياسي من التحفيز الاقتصادي ومخاوف التضخم، كما أشار موقع Business Insider الأمريكي.
لعبة CD Projekt تحقق أكبر أرباحها من 2015
أعطى مصنع السيارات الكهربائية دفعة توربو أيضاً الأسهم في أكبر صانع لألعاب الكمبيوتر في بولندا، بإظهاره تحمسه للعبة Cyberpunk التابعة لشركة CD Projekt SA عبر حسابه على تويتر.
إذ منحت تغريدة "يمكن أن تلعب Cyberpunk" المصممة على طراز سيارة S Plaid الجديدة من Tesla أسهم الشركة زيادة وصلت لـ 19%، وهو أكبر ارتفاع تشهده الشركة منذ صيف 2015، كما أشار تقرير "بلومبيرغ".
أسهم Etsy ترتفع 9% بعد تغريدة واحدة
ظهرت أسهم Etsy، في 26 يناير/كانون الثاني، في سوق البورصة بعد ساعات من تغريدة أخرى من رئيس شركة Tesla، وبعدما كتب ماسك: "أنا أحب Etsy نوعاً ما"، إذ ارتفع أسهم شركة التجارة الإلكترونية الأمريكية 9% في أسواق التداول بالبورصة.
ورغم أن المستثمرين في البورصة لا يفضلون هذا النوع من الارتفاع السريع والقصير، لكن شركة Etsy تظل محظوظة به، خصوصاً أن عام 2020 ورغم الجائحة مثل لها عاماً مليئاً بالنمو والعملات الخضراء! ففي الأشهر الـ 12 الماضية ارتفعت أسهم Etsy بأكثر من 313% مع زيادة الإقبال على الشراء الإلكتروني، كما أشار تقرير شبكة CNBC News الاقتصادية.
وألعاب الفيديو اليابانية أيضاً
يحب ماسك التخلي عن الرسمية خصوصاً عبر حسابه على تويتر، إذ نشر في 12 يناير/كانون الثاني "ميم-meme" لشخصية كارتونية يابانية، وكانت هذه التغريدة كل ما يتطلبه الأمر حتى ترتفع أسهم شركة ألعاب الفيديو اليابانية Bandai Namco بنسبة 4% في تداولات اليوم التالي.
قام ماسك بالتغريد: "مرحبًا أنت… نعم أيتها الملكة… ستفعلها!"، وأرفق تغريدته ببعض الرموز التعبيرية للقلب، وصورة لإحدى شخصيات Idolmaster، وهي سلسلة رسوم متحركة وألعاب يابانية أصدرت لأول مرة في 2005.
"استخدموا سيغنال" التطبيق، وليس الشركة المغمورة التي جنت الملايين في البورصة
البداية كانت من بعد إجراءات الخصوصية الجديدة التي أطلقها تطبيق واتساب، إذ شجع ماسك متابعيه لاستخدام تطبيق Signal المشفر بدلاً من واتساب. وسريعاً: ماسك ومارك زوكربيرغ ليسا على وفاق، أساساً حذف ماسك صفحتي شركتيه Tesla للسيارات الكهربائية، Space X لصناعة صواريخ ومركبات الفضاء من فيسبوك في مارس/آذار 2018، ومارك بدوره يسخر من آراء ماسك في استخدام الذكاء الاصطناعي، وكذلك صواريخه التي لا تطير كلها. لذلك انتهز ماسك فرصة رفض الجميع سياسات واتساب، ليروج لتطبيق منافس، أسسه بالمناسبة الشريك المؤسس لواتساب، بريان أكتون، وهو على ما يبدو صديق لماسك، وقد اتجه أكتون لتأسيس سيغنال والاستثمار به بعد بيعه حصته من واتساب لمارك في 2014.
عودة إلى قصة الترويج لتطبيق سيغنال، ماسك غرد لاستخدام التطبيق المشفر، لكن شركة مجهولة تدعى Signal Advance، ارتفعت بنسبة 527% في اليوم التالي للتغريدة، كما بلغت نسبة أخرى 91% في 9 يناير/كانون الثاني، في الوقت الذي قفز فيه سعر السهم الواحد من 60 سنتاً إلى 7.19 دولار.
Signal Advance تأسست في تكساس باسم Biodyne عام 1992 وقدمت خدماتها للعاملين في المجال الطبي والقانوني، ثم حولت تركيزها إلى استخدام التكنولوجيا في الرعاية الصحية وغيرت اسمها إلى Signal Advance، قبل أن تقتحم سوق التداول بشكل ضعيف عام 2014، وفق شبكة CNBC الأمريكية.
لكنها كانت شركة صغيرة جداً لدرجة أنها لا تقدم تقارير مالية لهيئة الأوراق المالية والبورصات، وبدءاً من مارس/آذار 2019، لم يكن لديها أي موظفين يعملون بالدوام الكامل باستثناء الرئيس التنفيذي كريس هايمل، لكنها بعد تغريدة ماسك باتت تملك رأس مال سوقياً بقيمة 660 مليون دولار، أي أعلى بقيمة 55 مليون دولار عن يومين.
وهو ما دفع تطبيق Signal التي كان يشير إليها ماسك في تغريدته إلى توضيح الأمر ونفي علاقتها بـ Signal Advance، لأن تطبيق سيغنال منظمة غير ربحية، تعمل بصفتها بديلاً أكثر أماناً لتطبيقات الرسائل النصية، وتؤكد أنها لا تستهدف تحقيق أرباح في البورصة، لأن "استثمارهم الوحيد في خصوصية المستخدمين" كما أوضحوا.
لكن اللعبة الذكية هذه أعجبت ماسك، وحوّل حسابه على تويتر لدعم شركات صغيرة ومتوسطة في البورصة، أو لنقُل لمنافسة واضحة لكبار المستثمرين وحيتان "وول ستريت"، وقد أثمرت بالفعل، وإن كانت نجاحات وقتية قصيرة.
رصد
