انشغلت الأوساط التربوية والإعلامية والصحية منذ أيام بقرار وزارة التربية والتعليم بالعودة إلى التعليم الوجاهي المتدرج المُراعي للحالة الوبائية ، ولا شك أنَّ الآراء كافة في هذا الأمر لها وجاهتها من حيث ضرورة العودة وكذلك احترام من يقول بضرورة الحذر منها، وكانَ لوسائل الإعلام كافة دورًا كبيرًا في تسليط الضوء على رأي المجتمع بكافة فئاته وهي الأرضية التي اعتمدت عليها وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في لجنة الأوبئة ووزارة الصحة ومركز الأزمات في هذه العودة المتدرجة التي تبدأ يوم الأحد 8/2/2020 بالصفوف الثلاث الأولى والثاني الثانوي وتتدرج بعد ذلك إلى باقي الصفوف مع الأخذ بعين الاعتبار أن التدرج أيضًا سيمر بنموذج عودة ضمن بروتكول صحي ودليل إرشادي للعودة.
لقد أعدّت وزارة التربية والتعليم بكافة كوادرها وإداراتها ومديرياتها وعلى رأسها وزيرها الميداني الدكتور تيسير النعيمي العُدة للعودة الآمنة للطلبة إلى مقاعد الدراسة وإلى الصفوف وهي العودة التي ننشدها جميعًا ونعلم أنَّ جائحة وباء كورونا فقط من اضطرتنا إلى الانقطاع عنها خوفًا على صحة المعلم والطالب والمجتمع، ولكنها عودة ستبقى محفوفة بالخطر إن لم تتكاتف جهود الجميع لتوفير سُبل النجاح لها والالتزام التام من الجميع بتطبيق الخطط الموضوعة لطبيعة الدوام المتدرج والذي أبقى لولي الأمر خيار استمرار التعليم عن بعد قائمًا إذا خشي على سلامة ابنه مع إجراء التقييم لأداء الطلبة وجاهيًا.
لقد استنهض معالي وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي همم العاملين في وزارة التربية والتعليم لاستقبال الطلبة مع بداية الفصل الثاني وحثهم على تجهيز المدارس وتدفئتها وإعداد برامج تسليم كتب الفصل الثاني والتأكد من سلامة المباني وصيانتها وترتيبات صحية للتعامل مع وباء كورونا كوفيد19 بأعلى درجات السلامة العامة دون أي تهاون أو تكاسل لأنه وهو الخبير يعلم أنَّ الحالة الصحية حساسة وتدعو للحذر كما يعلم تمامًا الحاجة إلى التعليم الوجاهي بسبب حجم تأثيرات انقطاع الطلبة عن التعليم الوجاهي في التعليم وتأثير ذلك في الصحة النفسية والاجتماعية للطلبة .
ومن هنا تأتي العودة بداية الفصل الدراسي الثاني إلى المدارس في نموذج يوازن بدقة بين حاجة الطلبة إلى العودة إلى التعليم الوجاهي والحفاظ على صحتهم وصحة المجتمع كافة، بعد أن تعلم الطلبة عن بعد في تجربة أقل ما يقال فيها أنها وفرت تعليمًا للطلبة في ظل انقطاع الملايين من الطلبة في العالم عن التعليم، وكانت تجربة واعدة ستستمر مؤقتًا، وسيُزاوَج بينها وبين التعليم الوجاهي بعد أن أَثْرَت التجربة تفاصليها بشكل مستمر ومتصاعد حيث نجد أنَّ التجربة الأردنية تتنقل بذكاء بين التعليم الوجاهي وعن بعد وبين التعليم التقليدي والإلكتروني، ووظفت العقل الأردني لاستنباط كل جديد في علوم تدريب وتأهيل المنظومة الإلكترونية، وعملت أيضًا وفق قاعدة تأهيل المعلمين وتدريبهم على برامج عامة ومتخصصة تتفاعل فيها التجارب في مجتمع افتراضي ومدارس افتراضية وصفوف تفاعلية، لنعود لبرهة إلى التعليم المباشر والاستدراكي، وتتمازج النماذج في صورة تتشكل يوميًّا بإبداع أرى صورته النهائية مبشرة بفعل مقدمات منطقية وعلمية.
لقد قدمت تجربة الجائحة للعالم فرصة كبيرة للتعامل مع الخبرات ونقلها إلى كل المجالات تعليميًّا وتربويًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا لمواجهة جائحة لا تعرف للحدود معنى أو مسمى وفي سبيل العودة الآمنة للطلبة إلى مدارسهم وصفوفهم فقد وفرت وزارة التربية والتعليم بتنظيم واضح ومدروس تدريبًا لكل القائمين على العمل على البروتكول الصحي ودليل العودة إلى التعليم الوجاهي عبر تنفيذ بروتكول صحي بالشراكة مع وزارة الصحة ووزارة العمل وكافة الشركاء.
إنَّ إجراءات وزارة التربية والتعليم ستستمر في تقييم قرار العودة والتنسيق مع وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة في كيفية التعامل مع البروتوكول الصحي، والاستفادة من تطبيقه لغايات التطوير والتحديث اليومي في تفاصيله اليومية، والأهم هو الالتزام بتطبيقه في المدارس ضمانًا لصحة الطلبة والمعلمين والعاملين، وهذا ما يُملي علينا جميعًا في هذا الوقت أن نكون أكثر يقظة في التعاطي مع الأحداث ومواجهة المواقف؛ لنساند وزارة التربية والتعليم في قرارها بعودة الطلبة إلى التعليم الوجاهي ، وهنا ومن أجل أن نصل جميعًا إلى عودة آمنة تحمي الطلبة والهيئات الإدارية والتعليمية في المدارس علينا الالتزام التام بكل الإجراءات المتخذة وعلى مديري المدارس وأولياء أمور الطلبة والمعلمين ومجالس التطوير التربوي تقديم النصح والارشاد والتوعية والالتزام ضمن أدوار متجددة فالتحديات كبيرة والمسؤولية على الجميع.
والله الموفق.