أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هيئة النزاهة في مرمى الفاسدين والمصلحين معا.. هل نحن بحاجة لوضع كلبشات الهيئة في يدنا؟

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,هيئة النزاهة,هيئة النزاهة ومكافحة الفساد,مكافحة الفساد
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة – لقمان إسكندر - أزعجت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بعض المؤسسات، كما أزعجت بعض المسؤولين، ودخلت في أعشاش فساد، فخرج طرفان يستصرخان: الفاسدون، وحملتهم ضد الهيئة، والمصلحون الذين فقدوا الثقة بمؤسسات الدولة، ويخشون – ويمكن تفهم ما يشعرون به – ان يكون تحرك الهيئة مشابهاً لتحركات مثيلة أخرى سابقة.

الطرفان صاروا يسألون: ما حاجتنا إلى إصدار قانون يضع "كلبشات" هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في يدنا؟

الحق، لا حاجة لذلك. فمن حيث المبدأ لدى الفاسدين ما يكفي من قوانين ومساحة مناورة يمكن لهم اللعب بها من اجل الإفلات من المساءلة.

لهذا يمتلك مسؤولو الهيئة وجاهة، وهم يقولون إن قانون مكافحة الفساد جاء تماما من أجل هذا، أي من اجل منع المشبوهين من الإفلات. لكنها النوايا يا سادة.

نحن أمام قوانين: الجرائم الالكترونية، وقانون المطبوعات والنشر، بل وقانون العقوبات نفسه، وكلها قوانين قادرة على التعامل مع الصحافيين ووسائل الاعلام لو رغب "الفاسدون" في مطاردة الإعلاميين، فلا حاجة لهم الى كلبشات جديدة بالمطلق، وبهذا المعنى يمكن الاسترخاء ونحن نقول: إن التعديلات على قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ليست خطرة، ذلك ان بإمكان "المصطادين من المسؤولين في الماء العكر" أن يحركوا عدة قوانين دفاعا عن فسادهم. أليس كذلك؟

ما يظهر هو أن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ستلام، إن دارت ذات اليمين، ثم هي ستلام إن هي دارت ذات الشمال، ومهما فعلت سيقال لها إن تحركك مشبوه يا هيئة، ثم أنها إن هي لم تتحرك، فإنها ستقصف بالجمود. فما العمل؟

إنها معركة من جناحين: الأولى في اقناع الناس أن عليها أن تتحرك، فإن هي تحركت سيكون عليها اقناع الرأي العام أن تحركها صحيح. بيئة عمل صعبة، أليس كذلك؟

من حيث المعركة مع المصلحين، فإن المعركة ليست في النصوص والتعديلات مهما كانت، بل في "النوايا"، أو في الثقة أن نية ما يجري يهدف إلى إحاطة الصالح العام بالرعاية. وهذه لا قيامة لها.

تعالوا نرسم ما يجري: عندما تريد الهيئة حماية جهودها لحماية المال العام في التحفظ على تحركات المشبوهين بقضايا فساد، وتحركاتهم، بمنعهم من السفر مثلا؛ ستُتّهم الهيئة، أما إذا تركتهم وشأنهم فهربوا خارج البلاد، فسيقال انظروا كيف سمحوا لهم بالهرب.

يا سادة إن تحفظات الناس لا تتعلّق بالهيئة نفسها ولا بتعديلاتها، بل بالثقة المعدومة في كثير من مؤسسات الدولة.

هذا يعني أن جوهر القصة ليس في التعديلات على قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، أو أنها تحد من حرية الإعلام، وليس الجوهر في أن التعديل المقترح على مشروع القانون من شأنه تحصين الفاسدين وإخراج هيئة النزاهة عن سياق عملها، بل في حفرة الثقة بين الرأي العام ومؤسسات الدولة، فوقعت الهيئة - هذه الأيام - في المصيدة، وويل من يقع في المصيدة.

حاولت أن أضع نفسي مكان هيئة النزاهة ومكافحة الفساد واسأل: هل عليّ أن أدافع عن نفسي وسط هذا الهجوم؟ بالطبع، ومن قال إن المهمة سهلة؟ ولكن هل سأنجح.. إمممم ربما.. وربما لا.

إذن لا علاقة للنقاش في فحص خطورة بعض تعديلات قانون هيئة النزاهة التي اعتبرت أن "نشر المعلومات الكاذبة بحق أي شخص بقصد تحقيق منافع شخصية أو اغتيال شخصية أو التأثير على مصداقيته أو الإضرار بسمعته واستغلال النفوذ"، من جرائم الفساد؟

فحصنا أم لم نفحص، لا جدوى، فالمسألة خارج السياق، فنحن هنا أمام سلة ممتلئة من القوانين الأخرى الخاصة بالراغب في المطاردة.

لكن هل هذا يعني أن على هيئة النزاهة أن تتراجع عن جهودها في "المكافحة"؟ بالطبع لا. لكن ربما عليها الاستماع الى الملاحظات، وتطمين المعنيين، "الصحافيين" مثلا. ذلك أن الهيئة ترى فيما يجري حملة شرسة ضد جهودها في تطوير مشروع قانونها والكسب غير المشروع، وان هذه الحملة تهدف الى تقليص دور "النزاهة ومكافحة الفساد".

لدى مسؤولي الهيئة الكثير من القصص التي تقول انها تكبّل عملها. قصص هرب المشبوهين بأموال اقترفوها، لعجز الهيئة عن حجزهم، أو حجز أموالهم، تحفظيا، وفي مدد مؤقتة، لحين فحص الملف.

مثال ذلك: حققت الهيئة مع أحد المدراء العامين لإحدى الشركات، ولما قفل عائدا الى مكتبه اتلف العديد من الملفات وشطب الكثير من المعلومات، بل وضبط لاحقا يهرّب أجهزة لغسل يده من فساده. كل ذلك ولم تستطع الهيئة فعل شيء معه، فالقوانين لا تسمح لها بذلك.

لكن هذه قصة من قصص الهيئة المضيئة، فكيف نضمن أن تحقق الهيئة خطوات تدعونا للاطمئنان في ملاحقة آمنة، لمن ينشر معلومات كاذبة بقصد تحقيق مصلحة مباشرة او غير مباشرة له أو لغيره، حتى لا يقع الصالح في شرك الطالح؟

عن هذا السؤال تجيب الهيئة بأن القضاء هو الضامن لكل هذا. اعلم ان المسألة شائكة، لكنها مجددا ترتبط أكثر ما ترتبط بحبل الثقة بين الناس ومؤسسات الدولة. وهنا مربط الفرس.

مدار الساعة ـ