رغم ان الاعراف والعادات السائدة في الضيافة والكرم محببة منذ القدم ،ودورها الاجتماعي فعال في اصلاح ذات البين وتأليف القلوب، الا ان المبالغة فيها أخذت ابعادا تقترب من التبذير ،والنفاق الاجتماعي ،والبطر ،خاصة عندما تكون لمسؤول حديث المنصب، أو متنفذ يراد من وراء دعوته غاية تبدل حقا ،او تحقق مصلحة.
لا نلوم المواطنين ،الذين يعترضون ويعلقون عبر وسائل التواصل الاجتماعي ،عندما يرون منسفا لا ترى فيه رزا من اكوام اللحم عدا الرأس،ويعجز عن أكله جميع الحضور،وليس الواقفون حوله فقط. ولا نلوم صاحب الدعوة وبالذات «المغرض » ، بل نلوم جل المسؤولين والوجهاء الذين يطلب بعضهم دعوته بلسانه ،ليؤكد قيمته وحضوره ووجاهته ، ولا يتردد في الاستجابة لطلب «المعزب» من باب من اكرمني اكرمه ، وحتى ان لم يطلب يُعرض عليه الأمر ،اما سرا او علنا ،بان طلباته اوامر ردا للجميل والحفاواة.
للاسف تحولنا مؤخرا من التنافس على عدد الحضور، وعدد السدور ،وكمية اللحوم ،وما بعد المنسف من حلويات وفواكه ،الى عدد الخراف على اكبر سدر رئيسي يوضع امام الشخص الاكثر وجاهة، والمعني المباشر بالعزيمة.
شخصيات فاضلة ،كانت ترفض الولائم ،لانها تعي انه سيأكل بعشرة دنانير ،وبقية الحضور متخمون من بيوتهم ،واكثر من 90 % من الاكل مصيره حاويات القمامة ،ما معناه ان المعزب رمى عشرات الاف تبذيرا ،وكان الاولى بهذه المبالغ الفقراء ،الذين لا يجدون قوت يومهم وهم بازدياد.
احدى الفاضلات كانت ترفض اي مناسبة فيها أكل، لان الكلفة ستَعجز الداعين ،وتقول الفقراء اولى ،وخاصة عندما ترى ان هناك مشروعا يراد افتتاحه ليدر دخلا على المنطقة ،فما ذنب الاهالي لتحمل كلفة عزيمة اضعاف كلفة المشروع.
الرأي