مدار الساعة - انقطاع الكهرباء في إيران مؤخراً أشعل جدلاً في البلاد حول علاقة إيران بالصين بعد إلقاء مسؤولين كبار اللوم على التعدين الصيني للعملات المشفرة خاصة البيتكوين على أنها المتسبب في أزمة الكهرباء في أنحاء البلاد، وكذلك تزايد معدلات التلوث.
فبعد انقطاعات كبرى للكهرباء في طهران في أوائل يناير/كانون الثاني، بدأت التقارير الإعلامية والمسؤولون في توجيه أصابع الاتهام لمزرعة تعدين صينية ضخمة بالقرب من مدينة رفسنجان، حسبما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.
هذه المزرعة التي توظف 54 ألف شخص يقومون بالتعدين، هي أكبر موقع مصرحٍ به لتعدين البيتكوين في البلاد، ويُقال إنها تستهلك 175 ميغاوات/ساعة من الطاقة الكهربية.
المزرعة التي تعمل تحت اسم مجموعة التنمية الاستثمارية الصينية الإيرانية رفضت هذه الادعاءات، وعزت انقطاع الكهرباء في إيران إلى غياب الكفاءة في قطاع الكهرباء الإيراني.
لكن بعد ردود فعل غاضبة من العامة، أعلن فصيحي هرندي، حاكم رفسنجان، إيقاف المزرعة لأنشطتها طوعاً. وبعدها أُعلن أن جميع مزارع تعدين البيتكوين في البلاد ستوقف أنشطتها لمدة أسبوعين.
حسين كناني مقدم، المحلل المحافظ، قال لموقع ميدل إيست آي إنه يؤمن بأن الغضب نابع من محاولات لتهميش النفوذ الصيني في إيران.
وتداولت وسائل الإعلام العام الماضي أن الحكومة الإيرانية وافقت على مسودة اتفاقية مدتها 25 عاماً مع الصين بخصوص التعاون الاقتصادي والسياسي.
ففي يونيو/حزيران 2020، سرَّب مصدر إيراني مسودة لوثيقة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وإيران. وفي الاتفاق الصيني الإيراني السري، الذي يغطي ظاهرياً على التعاون الثنائي بين البلدين في الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية والعسكرية خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، تتعهد الصين باستثمار 400 مليار دولار لتحسين البنية التحتية للنفط والغاز والنقل في إيران.
وقال المنتقدون إن طهران وافقت على صفقة "استعمارية" تسمح للصين بنهب الموارد الطبيعية والمخزون النفطي للبلاد.
وحتى عند إعلان وسائل الإعلام عن الاتفاق الاستراتيجي الصيني الإيراني هذا الصيف، شكك رجل أعمال إيراني في وجود اتفاق مع الصين وسخر من تقارير وسائل الإعلام الإيرانية.
وخرجت تقارير عن وجود مزرعة تعدين أخرى في منطقة أراس الحرة شمالي غرب إيران، وهو ما أكده لاحقاً أمير ناظمي، نائب وزير الاتصالات الإيراني. غير أن مسؤولين بإدارة الكهرباء في منطقة أراس زعموا أنه لا توجد مزارع تعدين صينية في المنطقة.
يأتي هذا رغم تعليقات من محمد رضا شرفي، رئيس اتحاد مزارع العملات المشفرة، يزعم فيها أن 90% من النشطين في تعدين العملات المشفرة يعملون في مناطق اقتصادية حرة ومميزة.
وقال إن مسألة الصين في طهران تحولت إلى مسألة حزبية، في حين أن القضية كانت بالأساس دبلوماسية واقتصادية.
وقلل آخرون من شأن العلاقة مع الصين. مصطفى رجبي مشهدي، المتحدث باسم شبكة الكهرباء الوطنية الإيرانية، قال إن المشكلة الرئيسية تنبع من التعدين غير المصرح به للعملات المشفرة.
وفي 8 يناير/كانون الثاني، قال مشهدي: "أكثر من 300 ميغاوات من الكهرباء غير المصرح بها يستهلكها معدنو العملات المشفرة. فزيادة سعر البيتكوين، التي كانت تُساوي 8 آلاف دولار وارتفعت الآن إلى أكثر من 30 ألف دولار، زادت من أعداد المعدنين".
وقال محمدي: "للأسف، أياً يكن ما يحدث، يلوم المسؤولون المعدنين، في حين أن كل ما يحدث هو نتيجة لسوء الإدارة".
وقال شرفي إن وسائل الإعلام ترغب "في خلق مشاكل غير حقيقية عن طريق البروباغاندا، لتحرم البلاد من فرصة تعدين العملات المشفرة. إن 4% من كامل نشاط تعدين العملات المشفرة في العالم يحدث في إيران".
وحذر شرفي من أن هذه الآراء السلبية قد تؤدي إلى خسارة إيران فرصة التربح من الصناعة.
وفقاً لأبوزار صالحي، المدير العام للشؤون الدولية بقطاع الكهرباء الإيراني "من العوامل التي زادت استهلاك كهرباء التعدين غير المصرح به للعملات المشفرة، وحتى الآن تعرفنا على 1600 جهاز تعدين غير مصرح بها، وجمعنا هذه الأجهزة وسحبنا منها استهلاك الكهرباء".
ولاحقاً حثت وزارة الطاقة الناس على الإبلاغ عن المعدنين غير المصرح بهم مقابل جائزة مادية.
نتيجةً لذلك تم التعرف على 45 ألف جهاز تعدين غير مصرح بها في أكبر برنامج وطني للقضاء على الاستعمال غير القانوني للكهرباء.
ودارت التساؤلات أيضاً حول استعمال الحكومة والمنظمات الخاضعة لإدارة الدولة لمزارع التعدين غير المصرح بها.
في 2019 كشفت عضو بالبرلمان الإيراني، فاطمة ذوالقدر، أن اثنين من ستوديوهات القنوات التليفزيونية الحكومية منخرطة في تعدين العملات المشفرة.
ورداً على هذه الاتهامات، أنكرها محمود فائزي، رئيس مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، وقال إن الحكومة لا تمتلك أي مزارع تعدين. لكنه لم يذكر القنوات التليفزيونية. رصد