مدار الساعة - في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الملكية لترويج الأردن كوجهة للسياحة والعلاج، والدعوة لاستقطاب الكفاءات والاستثمارات لوضع البلاد على خارطة السياحة العلاجية، وتغليب المشورة لتحقيق المصلحة العليا، وانعاش الاقتصاد بسواعد طبية أردنية، يعبّر بعض الخبراء في الجسم الطبي عن خشيتهم من استحداث بعض صناع القرار، قرارات تنعكس سلباً على كفاءة الأداء الصحي وسمعة الأردن الطبية أمام دول العالم.
هذه المخاوف أعادتها إلى الواجهة، حادثة وفاة طبيبة أسنان على يد طبيب غير مؤهل أثناء عملية شفط دهون.
واعتبر مراقبون في القطاع، أن هناك من يعمل ضمن سياسة بيروقراطية ساهمت في تسريب الأقل كفاءة للمواقع المفصلية المسؤولة عن انتاج القرارات واستحداثها، مما أفقد الأردن خلال السنوات الأخيرة موقعه على خارطة السياحة العلاجية في المنطقة.
وتساءل المراقبون عن المعايير التي يتم على أساسها تعيين بعض أعضاء المجلس الطبي - أهم مؤسسة مسؤولة عن ضمان كفاءة الكوادر الطبية - ولجانه..
قرار خطير
أيلول/سبتمبر الماضي، تداعى عدد من الأطباء المخضرمين من ذوي الخبرة الممتدة لعقود في مجال جراحة السمنة بالمنظار، لبحث تأثير قرار خاص بجراحة السمنة ومستقبلها، صدر عن المجلس الطبي، الذي نحترمه وندرك حرصه على المصلحة العليا للوطن والمواطن. ورغم مناشدتهم لوزير الصحة السابق ورئيس المجلس الطبي آنذاك، د. سعد جابر العدول عنه إلا انه لم يتغير شيء حتى اللحظة. أو الاعلان عن اي تعديل على القرار على الأقل.
إذ يعتزم المجلس منح شهادات "تخصص فرعي" لجراحة السمنة لحاملي "الفيلوشيب" أو "الديبلوما" ، في سابقة لم تحدث قبل ذلك في أي من دول العالم، فجراحة السمنة تعتبر جزءا من تخصص الجراحة العامة، ولا يعترف به كتخصص فرعي وليس له "بورد" على مستوى الأردن والعالم، رغم وجود اختصاصات اهم وأولى في استحداثها كتخصص فرعي كجراحة الغدد الصماء ، وفقاً لقول رئيس جمعية جراحة السمنة المفرطة، سامي سالم.
وقال سالم، إن المجلس الطبي ناقش هذا القرار بداية دون الرجوع للجمعية، التي تضم نخبة من أهل الخبرة والاختصاص في مجال جراحة السمنة، ممن استقطبوا على مدى سنوات عشرات آلاف المرضى من دول العالم، للعلاج في الأردن، الذي بات يحتل الصدارة في إجراء هذا النوع من العمليات.
ويرى سالم، أن القرار خطير وله انعكاساته السلبية على قطاع جراحة السمنة، وعلى الترابط والانسجام بين أهل المجال، فيعطى البعض شهادة تخصص فرعي، ويحرم آخرين من ذوي الكفاءة وخبرة.
ويضيف "يجب إعادة النظر في هذه التعليمات، والرجوع للأطباء العاملين في جراحة السمنة منذ سنوات، بدلاً من وضع القرار في عهدة أطباء جدد غير مدربين بالشكل الكافي".
وتساءل سالم عن طريقة تعيين الممثلين للقطاعات المختلفة في عضوية اللجان، حيث يرى أنه من غير المنطق أن يكون بعض التلاميذ من الأطباء ممثلين لمن يفوقهم خبرة عملية ومهنية وبفرق هائل في عدد العمليات على المستوى العربي والعالمي، وخاصة في كيان مفصلي كالمجلس الطبي.
وأكد سالم أن استحداث تخصص فرعي للسمنة يجب أن ينطلق من الجمعية كنواة لاعتماد القرار، فالجمعية معتمدة من قبل وزارة الصحة، ومن نقابة الأطباء، والأقدر على تقييم القرارات المتعلقة بجراحة السمنة وتقنياتها.
وشدد رئيس الجمعية، على خطورة حصر السمنة كتخصص فرعي إذ إنه يحتاج خبرة ومهارة وأرشيفاً من العمليات الناجحة في مجال جراحة أجزاء الجهاز الهضمي عامة.
ويتفق العميد، رئيس قسم الجراحة العامة والجهاز الهضمي الأسبق في المدينة الطبية، د.خلف الرقاد، مع الرأي القائل إن جراحة السمنة لا يجب أن تنفصل عن تخصص الجراحة العامة، فبرأيه أنه إذا لم يكن جراح السمنة مؤهلا ومدربا في الجراحة عامة سيتسبب بمشاكل لاحقا، لوجود احتمالية فقدانه للسيطرة على أي مضاعفات قد تحدث اثناء العملية.
واستهجن الرقاد "استحداث تخصصات فرعية دون أسس علمية ودون بحث تداعيات وأسباب ومبررات هذا التوجه".
وأضاف الرقاد " أنا أمارس عمليات الجراحة العامة والمنظار والسمنة منذ العام 1991 فهل من المنطق أن اصبح مضطرا لأخذ البورد بالتخصص الفرعي بعد أن أجريت آلاف العمليات؟".
وشدد على أن قوانين الجراحة العامة لا تمنع الطبيب المختص من إجراء أي عملية تشمل أجزاء الجهاز الهضمي، فالسمنة جزء من الجراحة العامة ولا يجب فصلها، حتى يتدرب الطبيب الراغب بممارستها على تلافي الأخطاء وتصحيحها إن وقعت.
وختم حديثه بالتساؤل"هل يتحمل مبتدع القرار سلامة المريض في حال عجز الطبيب المستجد عن علاج اي مضاعفات اثناء العملية في حال اصابة جزء غير المعدة؟
وزير الصحة يرد
من جانبه قال وزير الصحة، رئيس المجلس الطبي، الدكتور نذير عبيدات في رد مختصر إنه سيبحث بهذا الملف.
المجلس الطبي يوضح
الأمين العام للمجلس الطبي، د. محمد العبداللات أوضح " أن المجلس سينظر في اقتراحات أصحاب الخبرة المحلية والعالمية لاعتماد آلية لتطبيق القرار بطريقة منصفة للأطباء الخبراء والجدد".
وبين العبداللات أن هناك عدة مراحل قبل اعتماد القرار، مؤكدا على أن المجلس سيناقش اقتراحات جمعية جراحة السمنة التي وضعتها على طاولة المجلس فور تشكيل اللجان العلمية، مؤكدا أن القرار النهائي سيكون للمجلس.
معايير اختيار اعضاء اللجان
وسط كل ذلك، ترتفع وتيرة التساؤلات حول معايير تعيين أعضاء المجلس الطبي ولجانه وممثلي القطاع الخاص والعام والجامعات والخدمات الطبية. وضمان كفاءتهم وتوافقهم مع الشروط التي ينص عليها القانون، فالمجلس هو المؤسسة المركزية المسؤولة عن تنظيم التشريعات الطبية الصحيحة والضامنة لكفاءة الأطباء قبل منحهم الضوء الأخضر لإجراء العمليات الجراحية للمرضى من كل دول العالم.