مدار الساعة - قال حسام الحسيني سفير الأردن لدى الصين إن العلاقة بين الأردن والصين واحدة من العلاقات المتميزة في مختلف المجالات.
أدلى الحسيني بهذا التصريح خلال مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا، قائلا إن الدول العربية، بما في ذلك الأردن لها تاريخ طويل من الصداقة المتينة والتعاون مع الصين في مختلف المجالات وأن جذور هذه العلاقة ضاربة في عمق التاريخ، مما يجعل هناك دائما مجالا واسعا من الصداقة يجمع بين الشعبين الصيني والعربي الصديقين.
وذكر أن طريق الحرير كان أكبر شاهد على العلاقات التاريخية بين الدول العربية والصين، وعلى سبيل المثال فإن مملكة بترا والتي تقع حاليا جنوب الأردن، كانت من أغنى الممالك قبل ما يزيد عن ألفي عام، وكانت حلم كل تاجر على طريق الحرير بسبب ازدهارها، واليوم الأردن مرة ثانية يشكل واحدة من النقاط الهامة التي يلتقي عندها الحزام والطريق، بما يوفر فرصة ليكون مركزا مهما للاستثمارات الصينية ونقطة انطلاق واعدة لإعادة توزيع المنتجات والخدمات الصينية في منطقة الشرق الأوسط.
وقال السفير إنه تم رفع مستوى العلاقة الثنائية بين الصين والأردن إلى شراكة استراتيجية خلال زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين إلى الصين في عام 2015 ولقائه بالرئيس الصيني شي جين بينغ، مما يعكس مدى أهمية العلاقة بين البلدين. وأشار إلى أن الصين هي ثاني أكبر شريك تجاري للأردن، بفضل المنتجات والبضائع والخدمات الصينية ذات النوعية المتقدمة، والتي حازت على إعجاب وتقدير المستهلك الأردني.
وقال الحسيني "إن هناك الكثير من المجالات الواعدة لتعزيز ودفع العلاقات الثنائية بين بلدينا، اقتصاديا وتجاريا واستثماريا وثقافيا وسياحيا، والتي تجعل علاقاتنا واحدة من تلك العلاقات الناجحة جدا من نواح كثيرة، بعد أن تعززت سياسيا من خلال الشراكة الاستراتيجية".
وقال السفير "نحن فخورون جدا بهذه العلاقة وهذه الصداقة"، ولهذا السبب وعندما جاءت جائحة كوفيد-19 وما رافقها من صعوبات، أدرك الناس أهمية هذه العلاقات وقوة الروابط بين الدول العربية والصين. وقد تجلى هذا الأمر في مبادرات التضامن والتعاون بين الصين والدول العربية بما فيها الأردن، خاصة بعد انتشار الوباء في المنطقة.
وأضاف أن تبادل الخبرات والمعرفة خاصة في مجال التعامل مع الوباء كان له دور كبير خلال المكافحة المشتركة للجائحة، خصوصا بعد نجاح الترتيبات والإجراءات التي قامت بها الصين لاحتواء الوباء، معبرا عن الإعجاب بكرم الشعب الصيني والحكومة الصينية وتقديره لتقديم الكثير من الإمدادات الطبية لمساعدة الدول العربية في مواجهة الوباء.
وقال إن رؤية ومشاهدة كيف تمكنت الصين من التعامل مع الوباء واحتوائه كان تجربة مميزة، مشيرا إلى إعجابه بالطريقة التي حشدت بها القيادة والحكومة الصينية الشعب والأجهزة المختلفة، بحيث تمكنت البلاد من وضع تدابير صارمة وقابلة للتطبيق، ساعدت على احتواء الوباء.
وقال السفير إنه لم يمكن بالإمكان تحقيق النجاح في احتواء الوباء بدون الإجراءات السريعة التي اتخذتها الحكومة الصينية واستجابة الشعب ووعيه ومسؤوليته، حيث تمكنت الحكومة والمسؤولون والشعب في كل مكان من العمل والقيام على الفور بما يجب القيام به لمواجهة الوباء.
وقال السفير: " تابعنا كما تابع العالم باهتمام جهود الصين منذ بداية جائحة كوفيد-19 لتطوير مطعوم مضاد للوباء والمراحل التجريبية الناجحة التي جرت ومازالت بشأن هذا المطعوم بما في ذلك التعاون مع الدول العربية، حيث كان الأردن من بين الدول التي رحبت بالتعاون مع هذه الجهود من خلال البرنامج الصيني الإماراتي المشترك والذي سمح بوصول المطعوم الصيني إلى الأردن في مرحلة مبكرة، كذلك نقدر جدا مشاركة الصين في مبادرة كوفاكس العالمية التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية للتعاون الدولي في مجال توفير المطعوم المضاد لكوفيد-19، وخاصة تعهد الصين بتوفير هذا المطعوم بثمن التكلفة، وهو ما يدل على روح التضامن والتعاون الحقيقية والتي لا يمكن بدونها تغلب البشرية على هذا الوباء".
وأعرب الحسيني عن ثقته بأن يؤدي نمو الاقتصاد المطرد في الصين إلى انتعاش اقتصادي عالمي في مرحلة ما بعد السيطرة الناجحة على الوباء، مشيرا إلى سببين في ذلك:
" الأول لأن نموذج الصين نموذج ناجح، وأثبت قدرته على التقدم والانجاز ورفع مستوى معيشة الأفراد، وهو تجربة مفيدة جدا وملهمة لكثير من البلدان، للتعلم والاستفادة منها في مختلف المجالات، ومن شأن ذلك أن يكون له أثر على الأداء من خلال علاقات الصين في جميع أنحاء العالم".
والأمر الثاني هو أن الاقتصاد الصيني كبير الحجم مما يجعله محركا هاما جدا للاقتصاد العالمي. لذلك فإن النمو في الصين سيشكل حركة ودافعا للاقتصاد العالمي بأسره، وبالتأكيد سيؤثر ذلك على الجميع.
وخلال تعليقه بشأن تحقيق الصين هدفها لانتشال جميع المحافظات الفقيرة البالغ عددها 832 من الفقر، قال السفير إن القضاء على الفقر أحد الأمثلة الممتازة للخطط والسياسات الناجحة في الصين، والقضاء على الفقر أحد أهم الأهداف الإنمائية للألفية التي طرحتها الأمم المتحدة قبل سنوات عديدة، والصين كانت في الطليعة في تحقيق تلك الأهداف، مضيفا أن القضاء على الفقر المدقع في جميع أنحاء البلاد ليس سهلا، حيث تم انتشال 100 مليون شخص من الفقر في الصين، وذلك الأمر لا يتعلق بالصين فحسب، بل بالتأثير العالمي أيضا.
وأكد أن العديد من البلدان، بما في ذلك الأردن، سيكون لديها الكثير للتعلم من هذه التجربة. قائلا " إن الجزء الأهم هو تبادل المعلومات والمعرفة والخبرات مع الصين وكيف نكيف هذه التجربة بما يناسب مجتمعاتنا، ويعمم فائدتها للاستفادة منها في حياتنا".
وحول الخطة الخمسية الـ 14 التي طرحتها الصين مؤخرا، قال السفير إن الصين واصلت مسيرتها في هذه الخطة على أساس الخطط السابقة الناجحة، وبتطبيق هذه الخطة ذات الأهداف الطموحة، ستكون جولة ناجحة أخرى من التنمية في الصين، وبالنظر إلى حجم الاقتصاد الصيني، فستؤثر هذه الخطة بالتأكيد في السنوات الخمس القادمة على العالم بأسره. لذلك على الجميع الآن أن يرى كيفية التعاون مع هذه الخطة وكيف يمكن الاستفادة منها من خلال التعاون والصداقة والتبادلات الاقتصادية والتجارية مع الصين.
هذا ويصادف عام 2021 الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وقدم السفير تهانيه لإنجازات المائة سنة التي حققتها الصين بقيادة الحزب الشيوعي الصيني من أجل الوطن والشعب، مشيرا إلى أن تحقيق هذه الانجازات ممكن فقط عندما تكون للبلاد القيادة الحكيمة التي تضع الإنسان والفرد في صميم مصلحتها ومحورها للخدمة.
وقال السفير "إنه من حسن الطالع أيضا أن نحتفل في العام القادم بالذكرى المئوية لتأسيس الأردن. لذلك فعندما نتكلم عن مائة عام من الإنجاز، فإننا نتحدث عن مائة عام من العمل الشاق والتنمية والتقدم والتصميم على تنمية بلدنا الأردن بفضل القيادة الهاشمية وحكمتها، وبما تم إنجازه في الأردن من تقدم في مختلف المجالات خلال مائة عام ، تماما كما فعل الحزب الشيوعي الصيني"، مضيفا "عندما ننظر إلى ما هو الآن في الصين مقارنة بما كان عليه قبل 100 عام، يمكن للجميع أن يروا تطورا تم تحقيقه بالمساهمة التي قدمها الحزب الشيوعي الصيني".
وختم السفير حديثه بالإعراب عن تفاؤله تجاه العام الجديد، وحث الجميع على التعلم والاستفادة من التجربة التي مررنا بها خلال العام الماضي. وقال "علينا أن نقف معا ونمضي قدما بروح من التعاون والتضامن بين جميع الأمم، حتى نشهد في العام المقبل ثمرة هذا التضامن الذي سينعكس ويترجم إلى حياة أفضل لنا جميعا".