مدار الساعة - عقد مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا بحضور أعضاء مجلس إدارته متعدد الأديان، أولى فعالياته للعام الجديد، لقاءً افتراضيًا حول القيم والتضامن والأمنيات الشخصية لكل عضو من أعضاء مجلس الإدارة وآماله المنشودة بغد أفضل للعالم عام 2021م، لإبراز رؤية المركز الداعية إلى التعاون والداعمة للتضامن والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات على أساس المشتركات الإنسانية، وتطلعاتهم المرجوة للعالم، وذلك ظهر اليوم الثلاثاء 12 يناير الجاري. وتابع اللقاء حضوريًا على الخط المباشر مئاتُ المهتمين من أتباع الأديان والثقافات، الذين وفِّرت لهم خدمة الترجمة الفورية من اللغة الإنجليزية إلى اللغات العربية والألمانية والإسبانية. وكان أكثر ما ميز رسالة هذه الفعالية المفعمة بالأمل؛ هو تنوع حامليها دينيًا وثقافيًا، وكذا الاعتراف بالنعم التي حبانا الله بها حتى في أوقات الشدة، والتحديات التي واجهها الجميع العام الماضي وأثقلت كاهل العالم بأسره.
في بداية اللقاء؛ قدَّم المشاركين معالي الأمين العام لمركز الحوار العالمي الأستاذ فيصل بن معمَّر، واستهله بكلمة، حيَّا فيها القيادات الدينية، وأعضاء مجلس إدارة المركز وكل مَنْ ينتمي إليه ويتبنَّى أهدافه من كُلِّ أرجاء المعمورة، في هذا الحدث المميز والأول من نوعهِ لعام 2021، الذي يُنظمهُ المركز افتراضيا؛ لتعزيز قيم التضامن والتفاهم والأمل في خضم التحديات الراهنة، معربًا عن عظيم امتنانه لدعم أعضاء مجلس إدارة المركز، الذين يعبرون عن مختلف الخلفيات الدينية، قائلاً: إنه لطالما استفاد من تجاربهم وخبراتهم، فناله الإلهام والتحفيز على مدار السنوات الماضية، لافتًا إلى أن أفضل ما يبدأ به الإنسان عامهُ الجديد؛ أن يجعل من تجاربهم وخبراتهم نبراسًا لأهدافه والسعي لتحقيق الخير للإنسانية كافة.
وأشار معاليه أن هذا اللقاء الحواري القيمي بأمنياته ورسائل الأمل فيه؛ يشكِّل دعوة لنذكر أنفسنا وغيرنا أننا لا نقف وحدنا في الخطوط الأمامية لمجابهة جائحة كوفيد-19، متحدين بتعاليم الأديان التي نعتنقها، ومدعومين بالقيم الدينية والكونية التي تكفل الحياة الهانئة للبشر، لصيانة حقوقهم وتحفظ كرامتهم الإنسانية، جنبًا إلى جنب مع الحكمة والتضحية والتوجيه من الأخيار من أتباع الأديان والثقافات لا حصر لهم.
وشدَّد ابن معمر على إعادة جائحة كوفيد-19، رسم معالم العالم اليَوم، وظهر تأثيرها على هيئة حياتنا وطرائق عيشنا بشكل مباشر، مشيرًا إلى أنها في أقل من عام، قد أودت بحياة 1.8 مليون شخص. وفضلاً عما ساهمت في تباعدنا ودفعت الجميع إلى العزلة وأضرت بصحتنا وهددت أمننا واستقرارنا؛ لم يسلم أحدٌ من تبعاتها وتضرر الجميع منها بأشكال مختلفة وبدرجات متفاوتة، وأحدثت شروخًا، يتوقع أن يستمر تأثيرها إلى أمد غير معلوم، بعدما أجبرت الجميع على معرفة مساوئ النفس وسلبيات مجتمعاتنا بقدر ما أبرزت اللاإنسانية التي تسكنها؛ بعدما لم ترحم ضعيفًا ولم تُغِث محتاجًا ولم تسعف ملهوفًا.
وأوضح الأمين العام للمركز أن التاريخ سيكتب أن العام الماضي، واحد من أكثر الأعوام اضطرابًا والذي تتجنب ذاكرتنا تذكره، بعدما تعالت فيه أصوات الانقسام المجتمعي وتصاعد خلاله خطاب الكراهية، مستدركًا أنه بالرغم من كل هذه المساوئ والاضطرابات والمعاناة، إلا أن الخير في الإنسانية متواصل، بعدما شاهدنا الملايين من الأطباء والممرضين والعلماء والمعلمين والقيادات الدينية وصانعي السياسات في جميع أنحاء العالم يبادرون لمَد يد العون والمساعدة دون أمل في المكافأة أو المجد، بعدما حملوا على أكتافهم عبء ومسؤولية تجويد حياة الآخرين وإعادة رسم الابتسامة على وجوههم.
وأكد معاليه أن أصوات المودة والتراحم والرحمة كانت أعلَى وأبلَغ، من رسائل الكراهية، مشددًا على أن الرحمة مفهوم عالمي متفق عليه، رغم اختلاف مرادفاتها في اللغات كافة، وبذلك فإن جميع أتباع الأديان والثقافات تحتفي بالحب الذي يغمرنا به الخالق، جلَّ وعلا، وعلى أساسهِ؛ يجب أن يحب بعضنا بعضًا وأن نتبادل الرحمة، معتبرًا أن القيم الكونية، وما تتضمنه من قيم المودة والتراحم والرجاء إلى الرحمة والإخاء، هي ما يجمعنا على كلمة واحدة بتضافر جهودنا لإرساء السَّلام، وإنها هي المبادئ التي يعول عليها مركز الحوار العالمي لتجسيد رؤيته بشأن التعارف والتفاهم بين أتباع الأديان، وقوة التعاون والعمل الجماعي فيما بينهم؛ ما يؤسس لعالَم أفضل.
وأكد معالي الأمين العام لمركز الحوار العالمي في ختام كلمته على أنه مهما كانت التحديات التي ستواجه البشرية في العام الجديد 2021م؛ حتمًا أن بشائر الخير تلوح في الأفق، آملاً أن يكون عامَ تجديدٍ، مفعم بالأمل والرجاء، مشددًا على التزام مركز الحوار العالمي واستعداده التام لبذل جهوده المتواصلة من أجل بناء حوار عالمي بين أتباع الأديان والثقافات ليعم السلام أرجاء العالم.
بعد ذلك قدم أعضاء مجلس إدارة مركز الحوار العالمي، رسائل الأمل والتفاؤل في هذه الفعالية التضامنية الإنسانية:
سيادة الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو، رئيس المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان، سماحة شيخ الإسلام الله شكر باشازاده، رئيس الإدارة الدينية لمسلمي القوقاز، سعادة الدكتورة كيزيفينو آرام، مديرة شانتي أشرام، سعادة الدكتور محمد السماك، أمين عام اللجنة الوطنية للحوار المسيحي الإسلامي في لبنان، سيادة المطران أيمانويل أداماكيس، مطران فرنسا وممثل البطريركية المسكونية، سعادة الدكتور حمد الماجد، عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، القس ريتشارد سودوورث، أمين الشؤون الدينية المشتركة لرئيس أساقفة كانتربري والمستشار الوطنّي في الشؤون الدينية، كبير الحاخامات ديفيد روزن، المدير الدولي للشؤون الدينية في اللجنة اليهودية الأمريكية.