مدار الساعة - يحتل التاريخ مكانا متميزا بين حقول المعرفة الإنسانية، وقد قدرت نسبة مؤلفاته بما يوازي خمس الإصدارات العالمية من الكتب، ومع ذلك فما زال موضوع علم التاريخ وغايته ومناهجه ونظرياته ومذاهبه موضع جدل بين المؤرخين؛ يشهد بذلك التطورات المتلاحقة التي طرأت على علم التاريخ في القرنين الماضيين في دوائر البحث العالمية.
ويرجع تعاظم الاهتمام بالتاريخ بصورة أساسية إلى قيام القوميات والدول الكبرى، فمؤسسو هذه الدول شعروا بالحاجة إلى صنع تاريخ لها أو البحث عن روابط تؤلف بين مواطنيها وإيجاد مشترك معنوي بينهم، ومن هنا برز مؤرخين من أمثال “نيبوهر” و”دراكفه” و”بوركهارت” واهتمت الدول بتسيير عملهم، وافتتحت من أجلهم دور المحفوظات حتى يستطيعوا استخراج ما يستطيعون من حقائق الماضي[1]، وقد أثمر هذا بمضي الوقت وتعاقب العقود عن ظهور تيارات ومدارس متعددة في الدراسة التاريخية خلال القرن التاسع عشر ولعل أشهرها: