في كل عام يحتفل أهل الأرض برأس السنة الميلادية، وهذا لم يكن منتشرا خلال العقود السابقة، بل إنه حديث عهد بالاحتفالات التي نراها في دول عربية وإسلامية تفوقت على احتفالات روما أصل التقويم الميلادي الغربي.
في نقل عن مصادر متعددة يظهر أن التقويم الجريجوري ذا الأشهر الميلادية التي تسلل استخدامها إلى العالم العربي أو إضافتها للأشهر العربية البابلية الآرامية التاريخية، هي ذات منشأ روماني قديم، بل إن التقويم الميلادي هو التقويم الجريجوري نسبة الى بابا روما «جريجريوس الثالث عشر» ق 16، الذي تدخلت فيه رغبات الكثير من الأباطرة والكهنة وكانوا يغيرون في عدد أيام الأشهر وتسمياتها، ورغم أن العديد من الأمم لها تقويمها الخاص، فإن التقويم الميلادي قد سيطر على العالم إبتداء من القرن العشرين.
لقد تم تغيير أسماء الأشهر في دول العرب أو ازدواجها، فكانون الثاني بات شهر «يناير» وهو آخر شهور السنة عند الرومان القدماء، إذ ينسبونه إلى إله البوابات والبدايات الزمنية (janus)، وشباط أصبح «فبراير» المشتق من كلمة (febra) ومعناه التطهير عند الرومان، وفي هذا الشهر يحتفلون بعيد التطهر فيقوم الناس بالاغتسال وتنظيف قاذوراتهم المزمنة بطقوس وثنية، وشهر آذار يماثله (مارس) وهو إله الحرب، أما شهر نيسان التصق بـ (أبريل) المأخوذ من كلمة (avril) ومعناه الربيع، ثم أيار يماثله (maya) وهي والدة الإله عطارد، وهذا حسب معتقداتهم الوثنية، وشهر حزيران يماثله (يونيو) نسبة إلى الكلمة اللاتينية ( jonious ) وتعني الشباب، أما تموز فهو (يوليو ) نسبة الى الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر، ثم آب (أغسطس) نسبة إلى الإمبراطور «أوغسطس» ابن يوليوس اللذين حكما مصر القديمة، ثم أيلول يقابله سبتمبر«septa» ويعني الرقم سبعة، وتشرين الأول هو أكتوبر من «octa» ويعني الرقم ثمانية، ثم تشرين الثاني يقابله نوفمبر «nova» وتعني الرقم تسعة، وأخيرا كانون الثاني، ديسمبر من «deca» وتعني عشرة، وكلها حسب ترتيبها عند الرومان واليونانين.
لم تأخذ الخلافة العربية المتعاقبة بأي تاريخ غير التاريخ الهجري الذي بقي حتى سقوط الخلافة العثمانية وظهور الدول العربية الأولى في المغرب والمشرق، حيث تسلل التقويم الميلادي بأسماء مختلفة ولم تعد تستخدم الأشهر العربية البابلية، إلا في بلاد الشام والعراق مرادفا مع التاريخ الهجري في بعضها، أما في دول الخليج العربي فاعتمدت الأشهر الرومانية عدا السعودية حتى عام 2016، بينما اختلفت الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والقبطية المصرية مع الكنيسة الرومانية حول التقويم الجريجوري وأعداد الأيام، خصوصا ما اتفق عليه ميلاد السيد ?لمسيح الذي يحتفل الشرقيون به بعد 13 يوما.
في العالم هناك أمم لها تقويم خاص، وهي ذات تاريخ عريق ومنه استنبطت تقويمها، كالصين والهند واليابان والتقويم اليهودي والأمازيغي والفارسي والإثيوبي، لهذا نرى دولا لا تشارك في احتفالات رأس السنة الميلادية، ولا السنة الهجرية للمسلمين، رغم أنها طقوس لا تقدم ولا تؤخر، ولكن الخلاف أن كثيرا من الناس لا يعرفون كيف وضع رجال الدين التقويم واختلاف أيام الأشهر كي يبقوا على عيد الفصح الغربي في موعده الربيعي، وهذا ما تم نقضه على علماء التاريخ الأوروبيين المتقدمين الذين دحضوا رواية بداية التقويم الروماني الذي يبتدئ بتأسيس ?لكنيسة الرومانية.
على جميع الأحوال فإن الخصوصية التاريخية لأسماء الأشهر العربية الهجرية تعطي دقة زمنية فائقة، والأشهر العربية الآرامية تبقى ميزة من العبث والتلاعب بها.
الرأي