أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

مزيد من الانقسامات وخروج عن “الوصاية الأمريكية”.. ما الذي ينتظر الاتحاد الأوروبي بعد انفصال بريطانيا عنه؟

مدار الساعة,أخبار اقتصادية,الاتحاد الأوروبي,كورونا
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - مع دخول العام الجديد 2021، تم الأمر وانقضت الوعود أخيراً بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ففي الأول من يناير/كانون الثاني 2021، مع انتهاء الفترة الانتقالية لاتفاق "البريكست" لن تعود بريطانيا جزءاً من السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي لدول الاتحاد الأوروبي. وسيمضي طلب المغادرة قدماً، بفضل اتفاق اللحظات الأخيرة الذي امتدت وثيقته لأكثر من 1200 صفحة، والذي يظل مع ذلك اتفاقاً "مؤلماً" للطرفين، وخسارة كبيرة حلَّت بهما.

ومن الجانب الآخر، تخسر بريطانيا ثقلاً دبلوماسياً في عالم يضطرم فيه التنافس المتجدد بين القوى العظمى، إضافة إلى احتمالات النمو الاقتصادي الذي كان متوقعاً في المستقبل، والوضوح فيما يتعلق بنفاذ قطاع الخدمات المالية الضخم لديها إلى أوروبا وسوقها، علاوة على فرص لا حصر لها للدارسة والحلم والعيش والعمل في جميع أنحاء القارة، كما تقول صحيفة The New York Times الأمريكية.

وخفتت الصرخة الوطنية الرامية إلى "استعادة السيطرة" بعد أن أطلقت التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في فورة اتّقادٍ لمشاعر العداء للمهاجرين والمظالم العشوائية، وفي غمار أربع سنوات ونصف السنة من المفاوضات المؤلمة التي حاولت فيها "سمكة صغيرة قضم أجزاء من حوت عملاق"، تمخّضت الأمور ليطلَّ الواقع بحقائقه، الاقتصاد البريطاني يمثل أقل من خُمس حجم اقتصاد الكتلة الأوروبية. والآن يغادر ترامب منصبه، ويذهب معه أي أمل في اتفاقية تجارية بريطانية أمريكية فورية تعوّض سريعاً ولو جزءاً من الخسائر.

هذا ما دفع ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، إلى القول لصحيفة Le Figaro الفرنسية: "إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو عمل من أعمال الإضعاف المتبادل".

وتعليقاً على ذلك، قال الأمين العام لشؤون الخارجية الفرنسية: "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليس خبراً جيداً لأي شخص، لكنه أسهم بلا شك في إعادة توحيد أوروبا، وهو ما أظهرته وحدتها طوال المفاوضات"، حسب تعبيره.

تقول الصحيفة الأمريكية، إن الاتحاد الأوروبي -بدافعٍ من خروج بريطانيا من الاتحاد، ومحاربة جائحة كورونا، ومواجهة عداء ترامب- فعل أشياء لم يكن من الممكن تصورها في السابق.

وهكذا شهدنا تخلي ألمانيا عن سياسة التقشف العنيدة، وأصبحت فيدرالية الديون الأوروبية، التي كانت من المحرمات طويلة الأمد لدى الألمان، ممكنة. وبات من الممكن للاتحاد الأوروبي الآن الاقتراض كما تفعل الحكومات، وهي خطوة عناية بالمكانة السيادية للدول ووسيلة لتمويل صندوق التعافي من الأوبئة البالغ 918 مليار دولار، والذي كان من المحتمل أن يعرقله الوجود البريطاني في الاتحاد.

ومع ذلك، فإن "الاستقلالية العسكرية" تظل أمراً بعيد المنال، وربما حلماً عصياً على البلوغ، إذ إن ارتباط دول وسط وشرق أوروبا بحلف الناتو، ومن خلاله بالولايات المتحدة بوصفها أحد أركان القوة الأوروبية، ارتباطٌ شديد القوة. وألمانيا تدرك الحاجة إلى موازنة ثقل التحالف عبر الأطلنطي، لكنها لا تسائل جدواه وأهميته، ولا فرنسا تفعل ذلك أيضاً، في نهاية الأمر.

على الرغم من ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وافق في عام 2020، من خلال صندوق الدفاع الأوروبي الخاص به على استثمار مشترك لأكثر من 10 مليارات دولار في معدات عسكرية متقدمة وتكنولوجيا عسكرية وتقنيات مناورات ودعم قدرات أكبر على الانتشار وتحريك القوات العسكرية. وهذا الاستثمار، وإن لم يكن كبيراً بالقدر اللازم وأقل من المخطط له، فإنه يكفي مع ذلك للإشارة إلى اجتماع أوروبا على "رؤية ذهنية واحدة". فعندما تخطط فرنسا وألمانيا لطائرات مسيّرة أوروبية، يجب أن ندرك أن شيئاً مهماً ما قد تغيّر، كما يقول روجر كوهين المحرر الأجنبي في صحيفة نيويورك تايمز.

وفي حين أن معظم الحكومات الأوروبية سعيدة برحيل ترامب واعتقاد أكثرها بأن اللياقة الأمريكية ستعود مع بايدن، فإنهم لا ينظرون بالضرورة إلى ارتياحهم هذا على أنه شهر عسل طويل بين أوروبا والولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، عندما يتعلق الأمر بالمواقف السياسية من الصين وإيران والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وقضايا المناخ، فإن الرؤية الأوروبية لا تملك إلا التأثر بتجربة الرئيس الأمريكي السابق الذي ازدرى الناتو ودلل روسيا وانحاز إليها، ومن ثم الأرجح أن تكون أوروبا أشد حزماً حيال هذه القضايا. وقد تعاونت فرنسا وألمانيا بالفعل في إنتاج ملف ضخم يتناول رؤيتهما للقضايا الدولية الرئيسية وجرى تسليمه إلى مسؤولين في إدارة بايدن المستقبلية.

ومع ذلك، فإن الأزمات الأخيرة دفعته دفعاً إلى "إحساس جديد بقيمته" كما يقول كوهين. فقد رأت دول أوروبا عن كثب أن الانفصال هو دائماً هزيمة، وأن حتى الخروج بمفاوضات سيأتي بحواجز جديدة في نهايته أيضاً. لقد فقد الجميع في أوروبا وبريطانيا شيئاً ما بهذا الانفصال.

مدار الساعة ـ