انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

صِرَاعُ اَلْنُفُوسُ بَيْنَ بَنِي آدَمَ وَاَلْمَلاَئِكةِ وَاَلْجِنِ

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/25 الساعة 23:01
حجم الخط

لقد أوضحنا في أكثر من مقالة لنا سابقاً أن الله أول ما خلق من مخلوقاته كانت الملائكة وخلقهم بعقول وبدون غريزة وبالتالي ليس هناك تكاثر فيما بينهم، ولهذا لا يوجد بينهم لا حسد ولا حقد ولا ضغينه ولا غيرة قاتلة... إلخ لأن نفوسهم طيبة، وخلق كل نوع منهم بمواصفات معينة لتأدية واجب معين ومحدد لهم من ربِّ العالمين.

ويتكون كل ملك من جسد من نور ومن نفس ومن روح. وسوف تبقى الملائكة على قيد الحياة حتى يأمر الله ملك الموت بقبض أرواح كل مخلوقاته (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (القصص: 88)).

وبعد ذلك خلق الله الجن وخلقهم بعقول وغريزة ولهذا هناك تزاوج وتكاثر بينهم وبالتالي يوجد بينهم حسد وحقد وضغينه وغيرة قاتلة ... إلخ، ويتكون كل جن من جسد من نار ومن نفس من ثلاثة أنواع من النفوس وهي الأمارة بالسوء واللوامة والمطمئنة ومن روح (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (الجِّنَ: 14)). وبعد ذلك خلق الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم بيديه وكرَّمه على باقي خلقه لأنه صنعه بمواصفات معينة بحيث يكون خليفته هو وذريته في الأرض. وقد خلق الله سيدنا آدم بعقل وغريزة وخلق له من نفسه زوجه ولكونها من نفسه فهي أيضاً بعقل وغريزة وسنَّ بينهما وفيما بعد بين ذراريهم سنة الزواج ليستمر التكاثر بينهم حتى نهاية الحياة الدنيا. ولكن جعل نفوس بني آدم كما جعلها بين الجن ثلاثة أنواع وهي الأمارة بالسوء (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (يوسف: 53))، والنفس اللَّوَّامة (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (القيامة: 2))، والنفس المطمئنة (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي (الفجر: 27 – 30)). فنستنتج مما تقدم أن نفوس الملائكة جميعها من نوع واحد وهي النفس المطمئنة ولكن نفوس الجن والإنس من الثلاثة أنواع التي ذكرناها. وحتى يرحم الله ما خلق من بني آدم أرسل لهم الرسل والأنبياء والكتب السماوية متتالية فبدأ الله بتنزيل الرسالة اليهودية ومن ثم المسيحية وفق ترتيب النزول ليهديهم إلى سواء السبيل.

وختم الله رسالاته السماوية بالديانة الإسلامية وكتابها القرآن الكريم الذي يصلح لكل زمان ومكان واخذ على نفسه حِفْظِهِ من أي تعديل أو تحريف (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر: 9)). وكما أخبرنا علماء الدين والباحثون في الأديان أنه حصل تحريف في كتب الرسالات السماوية السابقة بسبب الترجمة من اللغات القديمة للحديثة لأكثر من مرة أولاً وبسبب الحروب وضياع الكتب السماوية ثانياً وبسبب رغبات بعض الملوك في أوروبا لإشباع رغباتهم الجنسية بتحليل ما حَرَّمَه الله من زواج ثالثاً. فتعرضت التوراة للتحريف بعد أن فُقِدَت عدة مرات نتيجة لما تعرض له اليهود من غزو وقتل وتدمير لممتلكاتهم وتشريد لهم في جميع بقاع الأرض، ولا سيما بعد أن حرق نبوخذ نصَّر الهيكل (هيكل سليمان) وسبى اليهود إلى بابل. وعندما أعاد اليهود كتابة التوراة أدخلوا فيها ما ليس منها وفق ميولهم ونزعاتهم كما ذُكِرً، وما أشربوا في قلوبهم من وثنية ورثوها من الأمم التي خالطوها. وبدأ تحريف الإنجيل منذ أن أظهر بولس إعتناق النصرانية، ليعمل على تقويضها من داخلها، وأخذ في كتابة رسائله الوثنية الأربعة عشرة والتي تحتل جزءاً كبيراً من الكتاب المقدس. وهنا أصبحت نفوس إخواننا النصارى في صراع مع بعضها البعض حول ما هو موجود في الكتاب المقدس القديم وما تم كتابته من كتب جديدة وكذلك كان هذا الصراع بين نفوس اليهود أقوى لما حدث من تعديلات جوهريه على التوراة في نسخها الجديدة.

ولكن للأسف الشديد إثبتت الأحداث الكثيرة التي حدثت في هذا الكون منذ سنين طويلة ومتعاقبة أن النفوس الأمارة بالسوء تغلبت على النفسين اللوامة والطيبة لما حدث من حروب وقتل وتدمير للبشرية والبنى التحتية للدول في العالم. وإستمرت حتى وقتنا الحاضر بتصنيع فايروسات قاتلة ومعدية مثل فايروس الكوورونا كوفيد-19 لقتل بني آدم وتدمير تقريباً كل شيء حي على الأرض. ولكن صراع النفوس عند المسلمين أثبتت وتثبت أن كثيراً من النفوس الأمارة بالسوء تحولت وتتحول وستتحول إلى النفسين اللوامة والمطمئنة وبرهن ويبرهن على ذلك هو إعتناق الدين الإسلامي من قبل كثيراً من البشر على كوكب الأرض من غير المسلمين وبشكل كبير جداً ومستمر ذلك بين شعوب العالم في إزدياد.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/12/25 الساعة 23:01