مدار الساعة - سيطرت أخبار الإصابة والوفيات بفيروس كورونا على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأيام الماضية، وسط تفاقم للموجة الثانية للفيروس.
وتشهد مصر ارتفاعا كبيرا في أعداد الإصابات والوفيات على المستوى الرسمي، وعلى مستوى الأرقام التي يتحدث عنها المراقبون والأطباء من مستشفيات العزل.
وقال الطبيب (أ.س) الذي يعمل في أحد مستشفيات العزل في محافظة الدقهلية، إن وضع كورونا في مصر مأساوي وكارثي وخارج عن السيطرة.
وأضاف الطبيب، الذي طلب عدم ذكر اسمه في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن الأرقام التي تعلنها الحكومة غير دقيقة وأن أعداد الإصابات الحقيقة أضعاف ذلك، وأرجع ذلك لقلة عدد المسحات التي تجريها الدولة.
بينما كتب الطبيب محمد حسن، على صفحته على موقع فيسبوك: "كتبلكم حاليا من داخل مبني عزل جامعة المنصورة.. الوضع سيء جدا جدا وكارثي.. خافوا على نفسكم وعلى أهاليكم والناس اللي بتحبوهم".
خلال الساعات الماضية، أعلن نادي الزمالك وفاة رئيسه المؤقت المستشار أحمد البكري، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، كما توفي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار، لاشين إبراهيم، جراء إصابته بالفيروس.
كما أعلن نادي الأهلي والزمالك تسجيل 4 حالات إصابة جديدة بين صفوف اللاعبين مما دفع الاتحاد المصري لتأجيل مباراة القمة بين الفريقين في 28 من ديسمبر الجاري إلى أجل غير مسمى، بالإضافة إلى إعلان الإعلامي وائل الإبراشي إصابته بالفيروس.
وقال الدكتور "م.غ" بمستشفى النقاهة بجامعة المنصورة، إن المستشفى تستقبل يوميا من 10 -15 حالة إصابة يومية، مشيراً إلى أن المستشفى أصبحت مكتملة، لذلك تتوقف المستشفى عن استقبال حالات جديدة، ويتم الطلب من الحالات الجديدة العزل في المنزل.
وأضاف في تصريحات لموقع قناة "الحرة" إنهم يعانون من نقص في الإمدادات الطبية مثل الملابس الواقية، مشيراً إلى أن المستشفى عليها ضغط الكبير.
كما صرحت هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، أن كل مواطن مسؤول عن نفسه وأسرته في مواجهة كورونا، بتطبيق الإجراءات الاحترازية، مشيرة إلى أن فصل الشتاء هو المرحلة الأكثر صعوبة في مواجهة تفشي الوباء.
بدورها، قالت الدكتورة منى مينا، نقيب الأطباء السابق: "إننا في مصر نحارب وحش كاسر في الظلام ".
وأضافت في منشور على موقع فيسبوك: "نحن نغمض عيوننا حتى نتجاهل وحش كورونا.. الوحش ينهش لحمنا الحي بشراسة متزايدة يوما بعد يوم".
وبسبب الارتفاع الكبير في حالة كورونا، تصاعدت المطالبات بوقف الدراسة في مصر، وتصدر هشتاغ "#توقف_الدراسة_في_مصر" مواقع التواصل الاجتماعي.
وطالب الناشطون بتجميد الدراسة مؤقتا، واستئنافها في وقت لاحق، خصوصا مع اقتراب موعد الامتحانات المجدولة في وقت مبكر من شهر يناير القادم.
إلا أن وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، عارض هذه المطالب بشدة، وأثار غضب المصريين بتصريحه: "من يخاف على ابنه يعلمه في البيت".
إلا أن الكثير من الأطباء والمراقبين يشككون في دقة أرقام الحكومة المصرية، وخاصة بعد تسجيل أعداد إصابة كبيرة بين لاعبي كرة القدم والإعلاميين والفنانين خلال الأيام الماضية.
وقال ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الصحية بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، في تصريحات في 14 ديسمبر، إن عدد الإصابات بكورونا التي تسجلها الصحة المصرية، لا يعكس العدد الحقيقي للإصابات في البلاد.
وأكد أن عددا من الدول تستخدم استراتيجيات اختبار مختلفة لفحص إصابات كورونا، وضرب مثلا بالحكومة المصرية التي قررت وفقه أن تركز اختباراتها على مجموعة فرعية من المواطنين خاصة المصابين بأمراض معقدة وفي حالة حرجة.
وقال: "من المرجح أن المصابين بأعراض خفيفة أو متوسطة لا يجرون اختبارات PCR".
وقال طبيب ثالث لموقع الحرة، يعمل في مستشفى الطوارئ بالدقهلية، إن أعداد الإصابة بالفيروس كبيرة جدا وفي زيادة، مشيراً إلى أن المستشفى تستقبل في ساعات عمله فقط نحو 70 أو 80 مصابا بالفيروس، بالإضافة إلى المرضى الذي يتم استقبالهم في العيادات الخارجية أو يتم رفضهم.
وأشار الطبيب (أ.س) أن المستشفيات لا تجري عدد كبير من المسحات، بل تعتمد على الأشعة والتحاليل للتعرف على كورونا وهذا غير دقيق في تشخيص المرض.
وأكد أن متوسط عدد الحالات التي تستقبلها المستشفى 5 حالات، وهؤلاء لا يتم إجراء لهم مسحات، ولكن يتم قبولهم في المستشفى كحالات مشتبه فيها، بناء على الأعراض والأشعة مثل نقص الأكسجين، ولا يتم عمل مسحات لهم.
بحسب موقع "world meter" تجري مصر 9686 تحليل لكل مليون مواطن، وهي النسبة الأقل بين جميع دول العالم.
وأضاف الدكتور "م.غ": "اعتقد الأرقام التي تعلنها الدولة أقل بكثير من الأرقام الحقيقة بسبب وجود مشكلة في الإحصاء"، وتابع: "أعداد الوفيات منخفضة في مصر مقارنة بأوروبا بسبب انخفاض متوسط الأعمار بين الشعب المصري".
وأثناء زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى فرنسا دعا السياح إلى زيارة مصر، وقال: "بطمن أصدقائنا الفرنسيين إصابات كورونا في مقاصدنا السياحية تكاد تكون منعدمة"، وأضاف "المعدلات معقولة قياسا بالحالة الموجودة في العالم كله، وبتطمن كل أصدقائنا في المقاصد السياحية، معندناش مشكلة في كورونا".
وخلال الشهور الماضية، عملت الحكومة المصرية على التكتم على تفاصيل أخبار الإصابات والوفيات بالوباء، كما ألقت القبض على عدد من الأطباء الذين تحدثوا عن تردي الأوضاع في المستشفيات، ونقص الإمدادات الطبية، في الوقت التي بدأت فيه الحكومة في إرسال مساعدات لعدد من دول العالم.
وفي الأسبوع الماضي، نددت منظمة هيومن رايتس ووتش باستمرار حبس الأطباء الذيين تحدثوا عن أوضاع كورونا في مصر على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وطالبت البنك الدولي بوقف مساعداته لمصر حتى يتم حل هذه القضية.
من المقرر أن يمول البنك نظام الرعاية الصحية في مصر بنحو 50 مليون دولار "لكنه لم يتحدث علنا عن ستة أطباء وصيادلة على الأقل ما زالوا في السجن، على ما يبدو لمجرد انتقادهم استجابة السلطات لفيروس كورونا، في انتهاك لسياسة البنك المناهضة للانتقام"، بحسب المنظمة الحقوقية.
وبحسب نقابة الأطباء المصرية، فقد بلغ عدد الأطباء والممرضين الذين توفوا أثناء محاربة وباء كوفيد- 19 نحو 248 حالة.
وأشار الدكتور "أ.س" إلى نقص الإمدادات الطبية في بعض المستشفيات، بالإضافة إلى نقص في عدد الأطباء والتمريض، الذي يلجأ أغلبهم للحصول على إجازة بسبب ضعف المقابل المادي وعدم توافر إجراءات الحماية.
وأوضح أنه يعمل في مستشفى تستقبل مرضى كورونا، ومعرض للخطر، ويتقاضى راتب شهري قدره 3500 جنية فقط (220 دولارا)، وفي حالة الإصابة بالفيروس يحصل على تعويض 20 ألف جنية (1275 دولارا)، وفي حالة الوفاة تحصل أسرته على تعويض 100 ألف جنية (6380 دولارا).
وقال "م.غ" أن المصريين يتعاملون مع الوباء بفكاهة ولا يوجد أي تطبيق لسلوكيات التباعد الاجتماعي، كما أنه لا يوجد اهتمام بارتداء الكمامات في الأماكن العامة.
ولفت (أ.س) إلى أن الإجراءات الوقائية المطبقة في مصر ليست كافية، كما طالب بإغلاق المدراس والجامعات، وفرض غرامات على الأشخاص الذين لا يرتدون كمامات. الحرة