مدارالساعة - رفع مجلس الأمة، اليوم الأحد، رده على خطاب العرش السامي، الذي تفضل جلالة الملك عبدالله الثاني بإلقائه في العاشر من الشهر الحالي، في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة التاسع عشر.
وأكد رئيس مجلس الأعيان، فيصل عاكف الفايز، في رد المجلس على خطاب العرش، الذي ألقاه في الديوان الملكي الهاشمي، أنه وبالرغم من دقة الظرف وصعوبته، فقد جاء انعقاد مجلس الأمة التاسع عشر، إنفاذا للاستحقاق الدستوري، وتكريسا لنهج دولة المؤسسات وسيادة القانون على الدوام، وتأكيدا لإرادة استكمال وتطوير مسيرتنا الديمقراطية.
من جانبه، قال رئيس مجلس النواب عبدالمنعم العودات إننا مدركون طبيعة التحديات والأعباء التي تواجه بلدنا الغالي وما يفرضه الواجب تجاه المصالح العليا للدولة الأردنية من تشاركية تقوم على قاعدة الفصل المتوازن بين السلطات، وفق قواعد الشفافية والمساءلة وسيادة القانون ومحاربة الفساد وتأكيد مبدأ حرمة المال العام.
وفيما يلي نص ردي مجلسي الأعيان والنواب على خطاب العرش السامي:
رد مجلس الأعيان:
"بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبي العربي الهاشمي الأمين
وبالرغم من دقة الظرف وصعوبته، فقد جاء انعقاد مجلس الأمة التاسع عشر، إنفاذا للاستحقاق الدستوري، وتكريسا لنهج دولة المؤسسات وسيادة القانون على الدوام، وتأكيدا لإرادة استكمال وتطوير مسيرتنا الديمقراطية، وخدمة الأردن الغالي، وشعبه الوفي. وهذا دأب الأردن على الدوام، لا تثنيه الظروف ولا التحديات عن اتخاذ القرارات اللازمة، واحترام قواعده القانونية والدستورية؛ فأتممنا الاستحقاق بخير وسلامة ونجاح بحمد الله، وحكمة جلالتكم.
واليوم، يأتي انعقاد مجلس الأمة، على عتبة المئوية الثانية من مسيرة دولتنا الراسخة بجذورها العريقة والمستشرفة للمستقبل الواعد المبارك، بعون الله وتوفيقه، ونحن نفاخر الدنيا بأسرها، بأننا نستظل بالعباءة الشريفة لآل البيت الأطهار، على عهد الآباء والأجداد، جنود رسالة الحق والخير، ترتفع هاماتنا اعتزازا وفخارا بقائدنا ومليكنا المفدى، الذي يمسك الدفة باقتدار ويقود المسيرة بخطى ثابتة وإصرار، وقلب مطمئن، لا يشغله إلا خير شعبه وعز وطنه وخدمة أمته.
فقد وجهتم، يا مولاي، الدولة بأسرها لدعم القطاع الصحي، وعززتموه بكل ما يمكنه من أداء واجبه، وعلى أعلى مستوى، ووجهتم لإقامة مركز وطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية، ولإنشاء المستشفيات الميدانية المدنية والعسكرية، ودعمتم جلالتكم الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية والصحية، فتحولت الكثير من التحديات العصيبة، إلى فرص واعدة مشرقة.
إن الشراكة الحقيقية، هي أصل العلاقة بين القطاعين العام والخاص، وهي صفة أردنية أصيلة، رافقت مسيرة البناء. وبفضلها شيدت المنشآت والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، وتحققت الإنجازات، على قاعدة من التشاركية والتكامل والتوازن.
وقد آن الأوان، ليمكن القطاع الخاص للاستمرار بتبوء دوره الوطني بكل مسؤولية ومرونة وثقة، ولأخذ دوره المناسب في قيادة الاقتصاد وتشغيل الأردنيين، تدعمه وتحفزه إدارة عامة، كفؤة ومؤهلة ونزيهة، تفعل الشراكة بين القطاعين، لبث الحيوية في الاقتصاد، وتوفير فرص العمل لأبنائنا، ومواصلة البرامج والخطط والعمل، وتحفيز التنمية الاقتصادية، في المحافظات كافة.
وقد سطر جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية، تحت قيادة جلالتكم المظفرة، أبهى صور الإخلاص والتضحية والتفاني، خلال ما شهده هذا العام، من استحقاقات وصعوبات وأزمات، فكانوا كعهدكم بهم دائما، عاملين ومتقاعدين، خير سند وظهير لوطنهم وشعبهم، ومشكاة من نور ونار، تنير الدروب وتحمي الوطن وتصد كيد المضللين.
إن روح الجندية والانتماء، التي يزهو بها حملة الشعار من جنود الوطن وحماته، هي روح وطنية عامة، تتجلى في كل ميدان من ميادين العمل والعطاء.
وهذه الروح المتفانية، روح التضحية والفداء والإيثار، لمسها الأردنيون جميعا، من عمال الوطن كافة ومن كل مواقعهم على امتداد الوطن العزيز، ولدى الجيش الأبيض، من أطباء وممرضين وعاملين في مختلف قطاعات الصحة؛ وما قدموه من جهود لا محدودة، وتضحيات كبيرة، تجلت، بارتقاء كوكبة من شهداء الواجب، ممن صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وما بدلوا تبديلا.
لقد سمت روح الجندية والإخلاص على كل اعتبار، وكان الأردنيون الأوفياء، في كل ميدان من ميادين الواجب، في توادهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد، وقدموا، أبهى صور التضامن والتكافل.
وإننا إذ نجدد العهد لجلالتكم، ولشعبكم الأبي، فإننا نعاهدكم يا مولاي بمواصلة عملنا والقيام بواجباتنا، بكل ما تقتضيه روح الجندية ومعاني المواطنة، من إيثار ووحدة وتفان ليتحقق الخير لكل الأردنيين والأردنيات، فتنصب جهودنا جميعا على دعم السلطة القضائية من خلال حماية القانون وتعزيز سيادته، فلا يبقى لآفة الفساد بيئة ترتع بها، ويظل المال العام مصونا، ويطال الحساب كل من تسول له نفسه بالاعتداء عليه، وهو ما يستدعى أن يكون عملنا منصبا على الرقابة والتشريع في إطار من التشاركية والتكامل بين السلطات الثلاث، بكل شفافية مع تحل بالمكاشفة، وحرصا على الإنجاز، وبعيدا عن المصالح الذاتية الضيقة، كما أراد ويريد سيد البلاد وقائدها.
ونؤكد، وكما جاء في نطقكم السامي، بأن السبب الرئيس لبقاء المنطقة رهينة للصراع وغياب الاستقرار، هو استمرار الاحتلال، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه العادلة والمشروعة والمتمثلة بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
يشرفني يا مولاي أن نتقدم من مقامكم السامي بأرفع معاني الفخر والاعتزاز على تفضلكم بافتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة التاسع عشر بخطبة العرش السامية، التي جاءت لتقوي عزيمتنا على مواجهة التحديات ومواصلة مسيرة الخير والعطاء.
تلك هي الحقيقة التي عبرتم عنها في خطبة العرش، وأنتم تؤكدون قوة الدولة الفتية المستمدة من شعبها القادر على المضي قدما بإرادة وتصميم ومن وحدته الوطنية الراسخة وإنجازات مؤسساته الرائدة، ومكانته المقدرة بين الشعوب والأمم، وهم يفخرون بقائد مسيرتهم الذي يرى فيه المجتمع الدولي وقياداته وحكوماته ومنظماته الدولية زعيما يرفع لواء المحبة والتسامح والوئام والسلام، ويأنف العنف والإرهاب والتعصب والعدوان مدافعا عن صورة الإسلام المعتدل وسمعته في أرجاء الدنيا مما اعتراها من تشويه وتزوير واعتداء.
واسمحوا لي يا صاحب الجلالة أن أقول بكل صدق وأمانة إنه ما من شعب في الدنيا كلها يرتبط مثل الأردنيين بعقيدة قواتهم المسلحة وأجهزتهم الأمنية فهم الآباء والأبناء والأخوة والأخوات، الذين يذودون عن أمن بلدهم واستقراره وتقدمه ونمائه وهم المثل الأعلى في الكفاءة والاقتدار والإيثار والشرف كيف لا وقد ولدوا من رحم الجيش المصطفوي ومن قيم ومبادئ المشروع النهضوي العربي وهم الأحبة والرفاق لقائدهم الأعلى الذي يمنحهم كل الرعاية التي يستحقونها عاملين ومتقاعدين.
نعاهدكم مولاي المعظم بالتعالي عن المنافع الذاتية والمصالح الضيقة لا مجاملين ولا مغاليين في الحق والصواب، وقد تعلمنا من هذه المدرسة الهاشمية كيف تحمى الأوطان وتبنى الصروح وتصان كرامة الإنسان، وإنا على العهد بإذن الله ماضون ملتزمون.
وحضر تلاوة الرد على خطاب العرش السامي رئيس الوزراء، ورئيس المجلس القضائي، ورئيس المحكمة الدستورية، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ووزير الشؤون السياسية والبرلمانية.